عضو مجلس قيادة الثورة السابق أحد الموقعين على المذكرة الإصلاحية العميد "صلاح كرار" لـ(المجهر السياسي) (2-2)
في تطور مثير قام المكتب القيادي بالمؤتمر الوطني بتجميد النشاط التنظيمي لـ (9) من الموقعين على رسالة الإصلاح المفتوحة إلى رئيس الجمهورية.. وأصدر توصية إلى مجلس الشورى الذي سيلتئم في ديسمبر بفصل ثلاثة من الموقعين.. ما وصفه الدكتور “غازي صلاح الدين” بأنه رصاصة الإعدام التي أُطلقت على جسد الإصلاح بالحزب.
حول الخطوة ومآلاتها كان هذا الحوار مع أحد الموقعين على المذكرة العميد “صلاح كرار “..
} بروز صوت تيار الإصلاح الآن بعد (24) سنة الكثيرون يرونه جاء متأخراً..؟
– مثلما أوضحت لك في البداية، أقول لك، إذا كان الناس يتحدثون عن التقاء هذه المجموعة، فأقول نعم التقاءها ربما لم يحدث إلا قبل سنتين في مؤتمر الحركة الإسلامية. لكن كل الإصلاحيين الموجودين الآن أناس لهم مواقف، وكما ذكرت لك أننا في مجلس قيادة الثورة كان لنا موقف من عدم المؤسسية وانغلاق القنوات وعدم الشورى وهيمنة عدد من الأشخاص على القرار، ولذلك فالمسألة ليست جديدة، “فيصل أبو صالح” و”عثمان أحمد الحسن” كما ذكرت لك استقالا، والإنقاذ لم تكمل العامين.
} لكنهما استقالا بصمت ولا أحد الآن يعرف لماذا استقالا؟
– استقالا لعدم المؤسسية.
} لكن لماذا لم يقولا ذلك ولم يبرزا صوتهما؟
– الإنقاذ كانت في بداياتها، الآن نحن خرجنا بالصوت العالي لماذا؟ لأن الإنقاذ لها كذا وعشرين سنة، ولم تشرك الآخرين.. أنا ذكرت لك أنه في نيفاشا كانت هناك أصوات تقول لماذا ننفرد نحن كمؤتمر وطني بالمفاوضات، لماذا لا نشرك معنا الآخرين والأحزاب الأخرى حتى تنال معنا خير الاتفاقية أو وزرها، لماذا نتحمل مسؤوليتها نحن وحدنا كمؤتمر وطني؟ وتنحي “غازي” من المفاوضات كان بسبب آرائه، فلا يقولن أحد أن…
} مقاطعة: “غازي” أيضاً تنحى في صمت ولم يبرز صوته.. لم يقل بالصوت العالي أنا تنحيت لهذا السبب..؟
– كيف ! امتنع واعتزل (3) سنوات، لكن عندما أجازتها كل الهيئات فـ… خلاص …
أنا أريد من الناس أن ينتبهوا لشيء واحد .. عندما تكون أنت في داخل مؤسسة فإنك تبدي رأيك في داخل المؤسسة علناً وبقوة وتكتب وهذا من حقك، لكن بعد أن يتخذ القرار وبعد أن يمضي القرار، فإما أن تتنحى وتخرج أو أن تلتزم بهذا القرار المؤسسي لأن هذه مؤسسة.
} هؤلاء الناس (لماذا كانوا قاعدين كل هذا الزمن)؟
– لأن هناك موازنات بين أن تعمل شرخ في ظروف محددة، والتوقيت وما التوقيت وغرق السفينة والكلام الفارغ الذي يقال.. ولذلك فهذه مسألة تقدر بتقديراتها ويجوز فيها النقد.
} الآن بعد هذه القرارات التي صدرت بحقكم هل ستستمرون أم ستتنحون؟
-نحن طبعاً رفضناها تماماً، وأصلاً لن يعتذر أحد .. والباب أغلق، أغلق بزجاج شفاف، فعندما تنظر إلى الباب تستطيع أن ترى ما بالداخل، لكن لا تستطيع أن تفتح الباب الزجاجي.. الباب أوصد تماماً عندما قالوا إن من أراد أن يعود عليه أن يعتذر..نحن لن نعتذر ولن نعطيهم هذا الشرف كما قال الأخ “غازي”، ونعتقد أن هذا حزب غير قابل للإصلاح أصلاً ونحن سنمضي في مسيرتنا السياسية.
} هل ستتقدمون باستقالات؟
– والله هي تحصيل حاصل.. يعني المجمد والذي فصل وفي انتظار مجلس الشورى أن يقرر .. وأنا أقولها لك الآن مجلس الشورى سيقرر الفصل لأن مجلس الشورى أصلاً لا حول له ولا قوة، مثل المجلس الوطني ومثل كل مؤسسات الحزب.
} هل أنتم جادون في موضوع إنشاء الحزب هذا ؟
-نعم جادون.. جادون تماماً، وما أعلن بالأمس هو قرار صادر من المجموعة كلها، ومعنا أناس كثيرون، وهذا الحزب سيستفيد من كل أخطاء المؤتمر الوطني، وسنقوم بمراجعات كثيرة جداً لتجربة الإنقاذ والحزب، كنا نعتقد أن المؤتمر الوطني كان أولى بها..الحزب لن يكون حزباً عقائدياً، ولن يكون محسوباً على جهة.
} لكن سيكون حزباً صغيراً..؟
-لا أعتقد ذلك.. الأيام ستثبت إن كان حزباً صغيراً أم كبيراً.
} بالمناسبة “ربيع عبد العاطي” قال قبل أيام لإحدى القنوات أنكم تيار الإصلاح تشكلون مجموعة صغيرة، ولن يكون لها تأثير كبير في حال انشقت من الوطني؟
– أنا لا أعترف بما يقوله “ربيع عبد العاطي”، ولو فتحت لك باباً لما يقوله “ربيع عبد العاطي” فسأكتب عنه مقالات.. (خلينا من ربيع عبد العاطي)، من هو ربيع عبد العاطي؟! وأين كان “ربيع عبد العاطي”؟ عندما كان في المدينة المنورة مغترباً، وأنا أرسلت له رسالة من هنا أقول له: (اتذكرني 97) (حتعرف أنا بقصد شنو)..
} هل سيكون حزباً مفتوحاً لكل الناس؟
– سيكون حزباً لكل الناس لكل أهل السودان، وسنشترط (من لم تتسخ يده بقتل إنسان أو بنهب المال العام)، قلت لك سوف نستفيد من كل أخطاء المؤتمر الوطني.. ونحن لا نشترط في هذا الحزب أن نكون في مواقع قيادية، نحن سوف نتفق على مبادئ أساسية.
وأنا أريد أن أقول لك شيئاً: نحن حقيقة عملنا (24) سنة والخطأ نعترف به، ولا نقول خطأ المؤتمر الوطني وحده، لم نستطع أن نعمل من السودان دولة عظمى، والسودان به كل الموارد والمقومات. والمؤتمر الوطني بدلاً من أن ينكفئ على السودان بدأ يتمدد في الخارج في فلسطين وإثيوبيا وإريتريا ويوغندا وتشاد، وهذا التمدد أضر بالسودان كثيراً جداً وبدد موارده. هذا أحد الأخطاء ونحن نعترف بمسؤولياتنا عنه، حتى وإن لم نكن جزءاً من صناعة القرار وجزء من اتخاذ القرار، نحن جزء من هذه الفترة التي ارتكبت فيها هذه الأخطاء، ونعترف بذلك، ونريد أن نستفيد من هذه الأخطاء.
} ما هي أكبر الأخطاء التي توجب الإصلاح الآن؟
– طبعاً هناك أخطاء لا يمكن إصلاحها مثل فصل الجنوب.. تصاعد قضية دارفور، وأنا والله كنت شاهداً على قضية دارفور في أواخر شهر 2 / 2003م حضرت من البحرين، وقرأت في إحدى الصحف أن هناك مجموعة رفعت علماً أجنبياً على جبل مرة، واتصلت بمسؤول كبير له علاقة بالأجهزة الأمنية، لا أريد أن اذكر اسمه، وهو رجل صديق بالنسبة لي. قلت له لا ترتكبوا نفس الخطأ الذي ارتكب في سنة (55) ففي سنة 1955م عندما حدث التمرد في الجنوب تمت معالجة الموضوع معالجة أمنية واستمرت أمنية إلى أن جاءت نيفاشا، قلت له لا تتعاملوا مع دارفور أمنياً . دارفور تختلف عن الجنوب، وفيها نظام قبلي يستطيع أن يحل كل هذه المشاكل، الجأوا لهذا النظام القبلي وإلى أهل دارفور. لكن لم يسمعوا وتعاملوا معها أمنياً واستمروا في ذلك. فدارفور خطأ ونيفاشا خطأ، وهي جاءتنا بجبال النوبة وبالنيل الأزرق، وجاءتنا بأبيي وهي (مدورة الآن).. وهذه كلها أخطاء، وهناك خطأ اقتصادي كبير جداً.
} مقاطعة: أنتم الإصلاحيون ارتكبتم أيضاً خطأ كبيراً؟
– نحن جزء من المؤتمر الوطني.
} مقاطعة: خطأكم الكبير أنكم صمتم تجاه هذه الأخطاء كل هذه الفترة؟
– دعيني أكمل لك هذه الجزئية، إذا كانت نيفاشا خطأ وما تلاها من المناطق الثلاث، أنا أعتقد أن هناك خطأ اقتصادياً كبيراً جداً جداً.. حيث بددت الأموال التي جاءت في زمن الوفرة وزمن البترول، ولم تضخ من الإنتاج الحقيقي بالذات الزراعة والثروة الحيوانية، فلو كنا استخدمنا هذه الأموال بضخها في هذين المجالين لكان شكل السودان اليوم مختلفاً، الأخطاء كثيرة نعترف بها ونعترف بمشاركتنا فيها، حتى ولو لم نكن صانعي أو متخذي تلك القرارات.
} صمتكم هو أحد أخطائكم، فأنتم لم تبرزوا صوتكم في الوقت المناسب ؟
– أنا شرحت لك..
} الحديث عن نيفاشا الآن لم يعد مناسباً.. لأنها انتهت والجنوب ذهب ؟
– أستاذة أنت سألتيني ما هي الأخطاء التي ارتكبت في عهد الإنقاذ.. أنا حكيت لك قلت لك ما هي الأخطاء، فكون أن تقولي لي أنتم سكتم.. قلت لك نحن لم نسكت أصلاً، لكن هناك فرق بين أن يكون حوارك وغضبك في داخل المؤسسة أو خارجه.. والزمن لم يكن مناسباً، الإنقاذ كانت (يا دوب جديدة) محاطة بمشاكل ومهددة باقتلاع، ومهددة بأشياء كثيرة جداً جداً.. هناك فرق بين أن تتكلم في ذلك الوقت، وأن تتكلم بعد (24) سنة من الأخطاء.. هناك فرق كبير جداً جداً.. لم يعد هناك زمن للسكوت خاصة وأن الناس يعتقدون أن البلاد الآن تواجه موقفاً خطيراً، وبين أن تزول أو تبقى.. فجاء الصوت العالي الآن.