نهاية تيار ..!! (2)
} خروج “غازي صلاح الدين” ومجموعته من المؤتمر الوطني كان بمثابة خطوة سبقتها خطوات عملية من قيادات المجموعة، كالاتصالات ببعض القوى السياسية المعارضة والنشاط الكثيف لدكتور “غازي” في الإعلام الإلكتروني الأكثر تأثيراً وسط النخب والمثقفين. وكشف المهندس “حامد صديق” أمين الاتصال التنظيمي عن حصوله على معلومات تحوي خطابات بعث بها د. “غازي” إلى صهره في المعارضة “مبارك الفاضل المهدي” القريب جداً من الجبهة الثورية، وأن “الفاضل” (مرر) معلومات “غازي” إلى حليفيه “عبد العزيز الحلو” و”ياسر عرمان”.. وبعيداً عن معلومات المهندس “صديق” فإن د. “غازي صلاح” من خلال موقعه في الشبكة العنكبوتية، أضحى معارضاً للنظام ولكن بطريقته الخاصة.. فهل يتأثر المؤتمر الوطني بخروج القيادات التي مهرت المذكرة؟؟
} أي عضو في حزب يخرج عنه يشكل ذلك خسارة للحزب.. وقيادي مثل “غازي” له ثقله وسط النخب والمثقفين وأساتذة الجامعات وبعض الطلاب، يشكل خروجه خسارة وللحزب الحاكم، وكذلك د.”حسن رزق” و”فضل الله أحمد عبد الله”، إلا أن المؤتمر الوطني يسند ظهره إلى قاعدة جماهيرية عريضة من الأتباع.. صوفية ومجموعات عشائرية وقبلية ومثقفين مرتبطين بمصالح سلطوية، وطبقة من الحكام المتنفذين، وقواعد لمزارعين ورعاة، إضافة إلى سند ودعم الحزب من القوى النظامية والأجهزة الحكومية، وحينما سأل أحد الصحافيين العام الماضي رئيس الجمهورية عن مذكرة تقدم بها ألف شخص من الإسلاميين وعرفت بـ(مذكرة الألف شخص)، سخر الرئيس من العدد وقال إن عضوية المؤتمر الوطني تجاوزت الـ(15) مليون، أي ما يقارب نصف السودانيين.. وقد يجد د. “غازي” دعماً من بعض دعاة الإصلاح داخل الحزب قبل خروجه، ويسنده كل من يتوق إلى التجديد، ولكن بعد خروجه من الحزب بتدبيره وتخطيطه هو فالأمر جد مختلف.. وبدأ تصدع مجموعة الـ(31) برفض بعض البرلمانيين لخطوات المفاصلة والخروج من الوطني.. كما لعبت لجنة المحاسبة (سياسة بذكاء ودهاء) حينما بعثرت أوراق المجموعة وفرقت بينهم في العقوبات، وتجاهلت العسكريين كالعميد “محمد إبراهيم عبد الجليل” (ود إبراهيم) لأن “حامد صديق” لم يجد للرجل موقعاً في كشوفات العضوية.. وجمدت اللجنة نشاط البعض وأنذرت آخرين.
} هل المجموعة التي انتهى بها الخلاف للخروج عن المؤتمر الوطني تمثل مجموعة متجانسة فكرياً؟ أم هي شتات لتيارات وأفكار؟ المراقب القارئ لمخرجات خطاب “غازي” وأتباعه الآخرين يكتشف وجود أفكار سلفية تجاوزها العصر، مثل ما يدعو إليه السيد العميد (ود إبراهيم) بإعادة الحركة الإسلامية كحزب حاكم وتجريد المؤتمر الوطني من كسبه السياسي من المجتمع العريض، والتمييز بين القدامى وأهل السبق والوافدين الجدد بغض النظر عن كسبهم وصدقهم وتضحياتهم!! في ذات الوقت تعلو نبرة الديمقراطية والليبرالية عند أطراف أخرى داخل المجموعة مثل كبيرهم د. “غازي صلاح الدين” الذي تبدو قناعاته بالديمقراطية آخذة في التصاعد، وكفره بالأنظمة الشمولية واحتكار السلطة بائن في خطابه السياسي!!
} إن خروج التيار الإصلاحي من حزب المؤتمر الوطني ربما ساهم في التغييرات المرتقب إجراؤها على صعيد الجهاز التنفيذي والسياسي، وقد يستغل بعض الانتهازيين خروج المجموعة واستخدام الإصلاح كذريعة لإبعاد البعض بتهمة القرب أو الانتساب للإصلاحيين، مثلما اهتبل البعض بعد مفاصلة الرابع من رمضان كفرصة لا تتجدد في تصفية حساباتهم مع آخرين من بني جلدتهم في الحزب، فأصبح الولاء لـ”الترابي” جريمة تؤدي بصاحبها إلى فقدان موقعه ومنصبه، واستل البعض سيوفاً ظالمة لجز أعناق رجال أطهار من أبكار الحركة الإسلامية.. وما أشبه الليلة بالبارحة، وما أكثر العبر وأقل الاعتبار!!