لإجراء اللازم !
بثقة مشفوعة بإبتسامة “جادة” يمهرون توقيعاتهم أسفل الورقة فيكتبون إلى من هم أدنى منهم درجة وظيفية عبارة “لإجراء اللازم”..!
ولأن العبارة “مبهمة” و”مطاطة” ولا تشي بقرار واضح وقاطع حول المعني منها وما إذا كان المقصود هو “الموافقة” على الطلب أو رفضه، فإن الذي يحدث غالباً هو أن هذا “الإجراء” ورغم توقيع المسؤول الكبير عليه يتعطل ويتأخر، بل وقد يلغى تماماً على يد الموظف الذي يؤول إليه، وكأن عبارة “إجراء اللازم” المعني بها هو العكس تماماً أي “عدم إجراء اللازم”!
وفي ظل “البيروقراطية” التي تسود مرافق ومؤسسات الخدمة المدنية التي تدهورت على نحو يدعو للأسف، بدأت هذه العبارة تفقد بريقها تدريجياً إلى أن أصبحت عملياً وواقعياً تعني نهاية رحلة “الطلب” إلى سلة المهملات أو أرشيف الحفظ، حيث تكتظ الدوائر المعنية بخدمة المواطنين وحلحلة مشاكلهم بالأوراق التي تراكمت عليها الأتربة وتحولت إلى مزارات آمنة للزواحف والقوارض!
وهذا الذي يحدث جعل كثيراً من المواطنين لا يثقون في توقيعات المسؤولين، ويشعرون أن مجرد تحويلهم إلى موظفين أصغر منهم يعني رفضاً دبلوماسياً مستبطناً أو القذف بالكرة إلى ملعب آخر أكثر روتينية وسلحفائية، لا ينتهي بتحقيق أي أهداف سوى طرد “المواطن” من ميدان مشكلته الحقيقية إلى طابور الانتظار الطويل والممل!
إنهم –أيها المسؤولون- لايجرون اللازم ولا يقومون بالواجب وتوقيعاتكم أصبحت مجرد حبر على ورق ولم يعد لها تأثيرها وإلزاميتها، فإن كنتم تعرفون ذلك فتلك مصيبة وإن كنتم لا تعرفون فتلك مصيبة أكبر.. وبدلاً من تعليق مشاكل الناس وقضاياهم وتحويلها من جهة إلى جهة باشروا بأنفسكم البت فيها وإصدار القرارات الملزمة والعادلة بشأنها، وإذا كانت قاعدة “لإجراء اللازم” مازالت تسيطر على عقولكم وأقلامكم فلتكتبوا عبارتكم الشهيرة هذه، ولكن مع توضيح شجاع لـ”لإجراء اللازم” هذا بدلاً من ترك مهمة تفسيره لمن لا يكلفون أنفسهم مشقة “الإجراء” ولا “لزوميته”.. ويكتفون بوضع كل طلبات المواطنين تحت بند “لزوم مايلزم”.