حوارات

الناظر "مختار بابو نمر" لـ(المجهر) حول تطورات الساعة في قضية «أبيي»

تتصاعد وتيرة الأحداث في منطقة أبيي، التي ظلت عقبة كؤود في علاقة السودان بجارته دولة الجنوب.. ورغم الابتسامات واللقاءات والزيارات المتبادلة، ظلت المنطقة مرشحة لتفجير الصراع مجدداً بين الدولتين الجارتين مع تخوف من حدوث اشتباكات قبلية بين المسيرية ودينكا نقوك من جهة ثانية، وربما تطور الأوضاع في المنطقة مؤخراً بعد أن أعلنت دولة الجنوب إجراء استفتاء أحادي لتحديد تبعية المنطقة إلى حكومة السودان أو إلى حكومة الجنوب وما تبعه من تدخلات إقليمية ودولية وضغط حكومي، جعل حكومة الجنوب تتراجع عن إجراء الاستفتاء، حسب الرئيس الجنوبي “سلفاكير” أمس الاول، إلا أن قبيلة دينكا نقوك تصر على قيام الاستفتاء في ميقاته، بينما تراقب قبيلة المسيرية تطورات الأوضاع بعين حذرة.
(المجهر) وضعت حزمة تساؤلات أمام الناظر “مختار بابو نمر” تتعلق بتطورات الأوضاع في المنطقة التي تشهد حراكاً كثيفاً.. وسألناه عن رأي قبيلته التي يجلس على قمة إدارتها الأهلية حول إمكانية التعايش مع دينكا نقوك.. وعن مآلات ما سيسفر عنه إصرار الـ(نقوك) على إجراء الاستفتاء الأحادي، وبدا الرجل متحفزاً للحديث وهو يعلم تماماً ما تريده قبيلته.
فإلى مضابط ما خرجنا به من حديث مع الناظر “مختار بابو نمر”.

} الناظر “مختار بابو نمر”.. كيف هو الوضع الآن وحركة الرُّحل داخل أبيي؟
– أبيي هادئة وأهلنا (يا دوب اتحركوا من المخارف) إلى أبيي، وبيننا وبينهم حوالي (15) كيلو، ونحن على اتصال معهم و(قلنا ليهم ما تجوا خاشين) حتى نرى ما سيتم الاتفاق عليه بين “البشير” و”سلفاكير”.
} إذن هذا يقودنا إلى رأيكم فيما تم الاتفاق عليه بين الرئيسين حول المنطقة؟
– أعتقد أن قمة “البشير” و”سلفاكير” كانت ناجحة جداً، وقد قضت بإنشاء إدارة أبيي والمجلس التشريعي وأجهزة الشرطة، والتأكيد على نسبة (2%) المخصصة لمنطقة أبيي من عائدات النفط المنتج بالمنطقة التي سيتم تسديدها لإدارة أبيي، بما في ذلك المتأخرات، وأنا بفتكر إنو بعد ده مافي أي سبب لقيام الاستفتاء لأنو الأيام الجاية حتكون في حكومة في أبيي وإذا أصروا عليها ده يبقى تهور.
} ماذا سيكون موقفكم في حال أصر دينكا نقوك على إجراء الاستفتاء؟
– نحن أيضاً سننظم استفتاءً مماثلاً.. وإذا نتيجة استفتائهم طلعت بتبعيتهم للجنوب، نحن حنعمل استفتاء ونتبع للشمال.
} هل تعتقد أن هذا سيكون حلاً للمشكلة؟
– المفروض الناس تخضع لقرار الحكومتين.
} إذن ما هو رأيكم في حديث “سلفاكير” أمس الأول عن أنه يرفض قيام الاستفتاء؟
– دينكا نقوك (راكبين راسهم) وهم ما شغالين بحكومة الجنوب ولا يزالون يصرون على الاستفتاء.
} لماذا برأيك إصرار دينكا نقوك الكبير على قيام الاستفتاء؟
– لأن بعض سياسييهم ومثقفيهم يريدون الحصول على وظائف في حكومة الجنوب، لكن القيادات الأهلية لدينكا نقوك لا تريد الاستفتاء.
} هل تعتقد أن هناك فئة محددة من دينكا نقوك هي التي تسعى وراء الاستفتاء لأسباب شخصية؟
– نعم، والأغلبية مصلحتها في أن تكون أبيي منطقة واحدة، وراحتهم بيلقوها في أن يكون الأمن مستتب، وحتى بهائمهم لو ودوها الجنوب حتجي راجعة.. السياسيين والمثقفين من أبناء دينكا نقوك عايزين مصلحتهم وعايزين يلقوا وظيفة وما عايزين راحة أهلهم.
} دينكا نقوك يؤكدون أن أبيي تتبع لهم وأنهم لن يتنازلوا عنها إطلاقاً.. هل تعتقد أن مواجهات ستحدث بين المسيرية والدينكا؟
– الإنجليز لما طلعوا من السودان حددوا تبعية أبيي للشمال ولو كانت بتتبع للجنوب لما تركوها تتبع للشمال، لأنهم يميلون إلى الجنوب أكثر من الشمال، وهى موجودة في موقعها، وكل العالم يعلم أن السودان مقسم قبائل وليس مناطق مثل دار حمر ودار مساليت وغيرهما، ونحن كمسيرية في أبيي ودينكا نقوك أصلاً لم يكن لهم وجود في أبيي، وهم كانوا في رومبيك وانتقلوا إلى بحر الزراف، ثم إلى التوج، ثم جاءوا إلى أبيي في شمال بحر العرب.
} إذن برأيك ما هي السيناريوهات المحتملة في حال أصر دينكا نقوك على إجراء استفتاء أحادي؟
– أنا بقول هم ذاتهم خارج الاستفتاء، لأنهم جاءوا إلى المنطقة ووجدونا فيها، والدليل على ذلك ما قاله لهم “تعبان دينق” حين خاطبهم في مؤتمر عام بقوله لهم: (إنتو الوداكم دار المسيرية شنو وإنتو مكانكم هنا جنبي في منطقة النوير)، وبقى علينا المثل البيقول (جدادة الخلا طردت جدادة البيت).
} هل من الممكن أن تتعايش القبيلتان معاً مرة أخرى؟
– نحن لا نرفض العيش معهم.
} هل تعتقد أنهم يرفضون هذا التعايش؟
– هم يعتقدون أن أبيي (حقتهم) حتى إذا كانت تابعة لجنوب كردفان.. وبيقولوا نحن ما عايزين شماليين في أبيي، رغم إنو حتى جوبا فيها كتير من الشماليين لكن رغم ده بيصروا إنهم ما عايزين أي شمالي في أبيي.
} كان هناك تعايش بين والدك الناظر “بابو نمر” و”دينق مجوك”.. ما هي الأسباب بنظرك التي ألغت هذا التعايش؟
– لو رجعت إلى المكتبة الآن ستجد كتاباً باسم (ذكريات بابو نمر) لمؤلفه “فرانسيس دينق”.. وفيه أسهب في ذكر العلاقات التاريخية ما بين دينكا نقوك والمسيرية.
} اسأل عن سبب رفض الآخر؟
– شوف أنا بقول ليك مثل (السمكة لما تسمن بتطير وتطلع بره الموية وما بتاخد خمسة دقايق وبعد ده بتموت).. نحن لم نرفض التعايش مع دينكا نقوك، بالعكس تماماً، نحن مكناهم وعلمناهم اللغة العربية وأدخلناهم الإسلام وجعلناهم يتخلون عن كثير من عاداتهم مثل (خطوط الوجه) و(تكسير أسنانهم).. وبعد عاشوا معانا بقوا لا بيجرحوا وش ولا بيكسروا سن.. والآن إمام مسجد أبيي هو “إبراهيم دينق مجوك” نجل الناظر “دينق مجوك”، وحتى “كوال دينق” الذي مات قبل فترة قصيرة كان مسلماً و”دينق ألور” برضو كان مسلم وكان يؤذن في المسجد ويصلي بالناس، وما عارف الحصل ليهو شنو بعد داك.. وأبوهو مدفون معانا وإتزوج واحدة حبشية.
} هل بتفتكر إنو الدينكا اتنكروا ليكم؟
– نعم والآن اتنكروا للجنوب.. و”دينق ألور” أبعد من حكومة الجنوب، وهسع هو شغال وين..؟؟ وحقو الواحد يرجع لأصولو.
} برأيك ما هو الحل الأمثل والأفضل لجميع الأطراف في قضية أبيي؟
– الحل إنو نقعد سوا نحن ودينكا نقوك ونحل مشكلتنا برانا، وما ننجرف وراء السياسيين سواء كانت تتبع أبيي للشمال أو للجنوب، وغير كده حتبقى (عضم حوت) إلى يوم الدين وحتبقى حجر عثرة وترجع السودان للمربع الأول.. والآن بعد أن استقل الجنوب هل يبدو أن “سلفاكير” سيضحي بكل الجنوب من أجل قرية صغيرة، لو جدعت حجر يقع بالطرف التاني (دلالة على حجمها الصغير).
} ولكنها منطقة غنية بالنفط؟
– كذب وافتراء.. أبيي ما غنية بالنفط ولا حاجة ودي دعاية ساي عشان تنفصل وتتبع للجنوب، وعشان ناس الجنوب يتمسكوا بيها أكتر.
} إذن ما هو الشيء الذي يميز المنطقة عموماً؟
– هي منطقة رعوية فقط، وبحر العرب شاقيها في النص، والبحر بيناتنا.. ومافي منطقة بتشرب من البحر بتشقى.
} هل المسيرية كلهم على قلب رجل واحد.. ومتفقون تماماً في كل الخطوات التي تقومون بها؟
– نعم، أنا أتكلم باسم كل المسيرية وكلنا متفقين.
} هل تتفقون مع رؤية الحكومة حول المنطقة؟
– نعم نتفق تماماً مع الحكومة في الشمال، عشان كده نحن ما عايزين نخالفهم.
} هل ثمة خطوات كان من الممكن للحكومة أن تفعلها ولم تفعلها؟
– نحن متفقون تماماً مع قرار الرئيسين “البشير” و”سلفاكير” القاضي بتشكيل حكومة في المنطقة حتى ننعم بالاستقرار، لأن أبيي عندما تكون فيها حكومة فإنها ستستقر مرة أخرى.
} هل أنت متفائل بعودة الحياة إلى طبيعتها داخل المنطقة؟
– أنا متفائل لأننا نعرف تماماً دينكا نقوك، فهم يرغبون في التعايش سلمياً معنا.. ولكن السياسيين هم من يريدون إفساد هذا الأمر.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية