رأي

نضحــــك شــــــوية!

هذا المقال أحاول أن يصل إليكم خفيف الظل.. يعني ونسه أتمنى أن أدخل على قارئه بعض السرور.. خلاص؟! طيب! يحكى أن زوجاً تقليدياً في سلوكه.. البيت الشغل.. العصر دار الرياضة.. صلاة العشاء في الجامع المجاور لمنزله.. حياة عاشها لعقود من الزمان في مناخ أسري أنتج بنين وبناتٍ، تقلدوا مناصب رفيعة في الحياة.. وجاء أجله المحتوم بموت فجأة.. والأسرة والجيران والأهل والأقارب وجو الحزن والبكاء والعويل وتجهيز الجثمان، في ذلك الجو المهيب تدخل امرأة في منتصف العمر تولول وتبكي بكاءً مراً، وتهيل التراب على رأسها وبصحبتها ثلاث صبيات وصبيان يبكون بكاءً مراً.
تدخل المرأة إلى حرم المرحوم تحتضنها باكية بحرقة، تعدد محاسن المرحوم في كلام مسجوع يقارب الشعر.. والمشهد العجيب حينما حمل الرجال الجثمان للمقابر.. وبكاء حار عند رجوع العنقريب!
وبعد أن هدأت الخواطر جرى الحوار التالي بين الأرملة والسيدة أم البنات والأولاد ابتدرته الأرملة.. (ما عرفتك! إنت قريبة أبو عيالي؟ لا! أنا زوجتو.. كيف زوجتو؟ على سنة الله ورسوله والأولاد والبنات ديل أولادو! كيف يعني؟ كده! ودي قسيمتي! حاجة عجيبة! خمسة وعشرين سنة.. المرحوم عندو برنامج ما غيرو.. البيت.. الشغل.. الجامع والعصر.. دار الرياضة!؟ عليك نور!! أنا دار الرياضة)!
ويحكى أن أحدهم.. (عكليته) متشبر زول مجالس ضخم عملاق جهوري الصوت يتصدر المجالس.. في يوم من الأيام كان أحد حضور مجلس لعمدة البلد ضم أعيان البلد.. فجأة انبرى بصوته الجهير.. يا عمدة! أنت ما داير تديني الخمسمية جنيه حقتي؟ هنا رد عليه أحد أثرياء المدينة مستقلاً مخاطبة صاحبنا لحضرة العمدة بتلك الطريقة قائلاً.. يا فلان أنا بديك الخمسمية بعد الاجتماع خلاص أسكت! فرد عليه صاحبنا يا فلان! خمسميتك مضمونة أنا داير خمسمية العمدة!
ويحكى أن أحدهم كان دائناً لمدين من جيرانه.. والمبلغ بلغ المليون ونصف، لكن لم يفِ المدين دينه وظل يماطله مدة طويلة، فأشار إليه جار له بأن فلاناً متخصص في استيفاء الديون نظير أتعاب، فأوكل إليه أمرك واتفق فلان مع الدائن أن يتقاضى مبلغ ثلثمائة جنيه، فأخذ يلاحق المدين آناء الليل وأطراف النهار ولم يترك مكاناً يرتاده الدائن إلا لاحقه فيه. ومضت مدة على ذلك الحال الشيء الذي حار فيه من أشاروا للدائن بتوكيل فلان، وتلك كانت سابقة إذا اشتهر فلان بانجاز مثل تلك المهمة في وقت وجيز، وبينما هم على ذلك الحال، إذا بفلان آتياً من بعيد.. ويا فلان.. ما عوايدك! الزول ده ما قدرت عليهو؟ والله زولكم ده صعب.. أطارد فيهو أسابيع ما قدرت أطلع منو إلا حقي!
وقصة المسطول الذي انتحى ناحية من النيل مساءً في أمسية قمرية ليوزن رأسه.. أشعل سجارة الحشيش وبعد نفسين إذا بشرطي السواري يمسك بيده متلبساً بالجرم المشهود تعاطي الحشيش، قوم يا زول! تشرب بنقو؟ آي! لكن يا جنابو، أنت حصانك ده لابس سفنجة؟ يلا قوم نمشي القسم يا مسطول! وفي القسم (ورينا بطاقتك) (بطاقة شنو)؟ بطاقتك الشخصية، يا جنابو هي وينى الشخصية البيعملو ليها بطاقة. وبمناسبة المساطيل، لنا قصة طريفة مع مسطول من أبناء الحي الذي يعتقد أنه مؤلف كل الأغنيات الجميلة التي يتغنى بها كبار الفنانين.. والطريف أنه يحفظ كل تلك المختارات من الأغنيات، وجعل لكل أغنية قصة محبوكة الحكي.. فأغنية (قلت أرحل) للصديق الشاعر الجليل “التجاني سعيد” والتي لحنها وشدا بها العبقري الراحل “محمد وردي” يحكي أنه ألفها وهو راكب القطار من العاصمة إلى بورتسودان بعد رفض خاله تزويجه ابنة الخال، “قلت أرحل.. أسوق خطواتي من زولاً نسى الإلفة وأبدل ريد بعد ريدك يمكن يكون أوفى.. إلخ.. نص الأغنية الرائع” يقول إن “وردي” و”التجاني سعيد” كانا من رفقاء تلك الرحلة وأن “التجاني” أخذ النص بينما كان غافياً.. وبعد شهر سمع الأغنية يتغنى بها “وردي” والغريب أنه يقسم بأغلظ الإيمان أنه مؤلف النص.. كان يحكي لنا قصصه المفبركة.. والرجل لم نلحظ له جنوناً سوى قصة إدعائه أنه مؤلف تلك الأغنيات الجميلة.. كان يقتحم علينا مجالسنا الأدبية بحي العباسية وأحياناً يأتي به الصديق د.”شمس الدين” وكثيراً ما يكون أحد حضور بروفات الأغنيات الجديدة التي كانت تجري بمنزل المرحوم “زيدان” بحي العباسية.. ويبدو أن سلطة قوية جعلته يرفع دعوى قضائية خصمه الأول شخصي والموسيقار “عمر الشاعر” والراحل “زيدان” والراحل الشاعر “محمد جعفر” جاءنا الصديق الشاعر “عزمي أحمد خليل” رد الله غربته.. و”عزمي” يعرف صاحبنا معرفة وثيقة وعلى علم بعلته، غير أنه سعيد بتلك الحادثة وله صولات مع صاحبنا المسطول، وكان مستمتعاً بالحادثة وأول الحضور للمحكمة التي كنا مدعي عليهم.. في ذلك الصباح امتلأت قاعة المحكمة بالأصدقاء والصحفيين والموسيقيين والفنانين.. وبيني وبينكم أن منهم من صدق حكاية السطو على مؤلفات صاحبنا.
يا مولانا المتهم الأول.. “التجاني” سرق كراستي وفيها عدد من قصائدي.. أدى “زيدان” قصر الشوق وليه كل العذاب وأدى “محمد ميرغني” تباريح الهوى والمتهم “زيدان” و”عمر الشاعر” و”محمد جعفر” شركاء معاهو.. ويا مولانا أنا ما داير حق مادي.. أنا داير بس حقي الأدبي.. كل القصائد دي من تأليفي يا مولانا والله على ما أقول شهيد، سألني القاضي ها ما ردك على اتهام الشاكي.. يا مولانا خلي الشاكي يحكي قصتو مع الشاعر “نزار قباني” شايف يا مولانا المتهم بيقرب من التهمة؟ “نزار قباني” دخلو شنو في قضيتنا دي؟ سألني القاضي، رد! “نزار قباني دخلو” شنو في القضية دي؟ وقبل أن أجيب على السؤال المحير انبرى صاحبنا، يا مولانا قضية “نزار” أغنية رسالة من تحت الماء.. ودي مكان الدعوى سوريا لأن “نزار” ما سوداني.
القضية يا مولانا حدث تحت كبري شمبات و”نزار” كان فوق الكبري معاهو ناس من وزارة الثقافة وكنت بغني في الأغنية بي نفس اللحن المنسوب للملحن المصري “محمد الموجي” أصلوا كنت داير انتحر يا مولانا الشيطان وسوس لي لكن الحمد لله ما انتحرت.. بعدين القصيدة جات.. إني أتنفس تحت الماء.. إني أغرق، وضجت المحكمة بالضحك والقاضي نفسه ضحك ثم سأل صاحبنا، عندك شهود يشهدوا إنك مؤلف قارئة الفنجان وباقي المؤلفات؟ للأسف يا مولانا ما عندي.. وشطب القاضي البلاغ، وكانت القضية حديث الوسط الفني.. بالمناسبة صاحبنا على قيد الحياة وشفاه الله من لوثته.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية