عقوبة التجميد..!!
أصدرت لجنة المحاسبة التي شكلها المؤتمر الوطني للموقعين على ما عرف بمذكرة الإصلاحيين قراراً قضى بتجميد عضوية كل الموقعين على المذكرة التي كانت أسماء مثل د. “غازي صلاح الدين العتباني”، “حسن عثمان رزق”، “أسامة توفيق”، “محمد إبراهيم عبد الجليل” (ود إبراهيم)، “فضل الله محمد” و”مهدي أكرت” عضو البرلمان أبرز الموقعين عليها من بين (31) اسماً بعضها أنكر أن يكون من بينهم!
شخصياً، يوم إشهار المذكرة قلت إن التعامل معها اتسم بقدر من الانفعال والتشنج، وربما كانت الظروف التي تمر بها البلاد وقتها سبباً في ذلك، ولكن كان يمكن التعامل مع الأمر بشكل أقل حدة مما جرى، رغم تسليمي بأن طريقة وتوقيت العرض لم تكن مناسبة وساهمت في رفع درجة الحساسية مع فكرة الإصلاح ودوافع الناشطين فيه، وأقول الآن وقد صدر القرار إن على الموقعين الالتزام بما جاء في العقوبة أو التظلم منها إن كان تقديرهم أنها ظلمتهم، ولا داعي لممارسة هذا العك الذي يبرع فيه دون البقية الأخ الدكتور “أسامة توفيق”.
الأعضاء المعاقبون التزموا بحزب وتنظيم كانوا فيه من القيادات، والنشطاء استوزروا باسمه وسادوا ثم بصروا بما لم نبصر به، وقبضوا قبضة من أثر الاستفاقة فرأوا في حزبهم اعوجاجاً نهضوا لتقويمه، وكل هذا حسن جيد، ومثلما أن لهم تقديرهم فإن رؤية قيادة هذا الحزب أن ثمة (عدم انضباط) يتطلب معالجة تنظيمية، أقامت لجنة المحاسبة وأوقعت عقوبات، وكل هذا سجال يجب أن يكون محل التقدير والثقة بين أطراف اللعبة، بحيث لا يحتكر أحد كل الحقيقة فيرى في موقف من هم ضده خروجاً وتمرداً. ولهذا فإن أي تحقير وتقليل ورفض لفكرة المذكرة مرفوض، وكذا الحال لقرار المحاسبة وقمة التحضر في هذا الأمر أن يقبل هذا ذاك.
عقوبة التجميد للنشاط نفسها تبدو في تقديري معالجة ناعمة، إذ بخلاف الدكتور “غازي صلاح الدين” وأحياناً الأخ “حسن عثمان رزق” لا يبدو أن لأحد من المشمولين بالعقوبة نشاطاً يذكر في ساحات المؤتمر الوطني أو أي من دوائره وقطاعاته، فهم أعضاء معنويون وأسماء صنعها الحزب والالتزام بالحركة الإسلامية قبل أن يكون العكس، وببساطة لا يمكن الحديث عن أثر سياسي وحضور للعميد (ود إبراهيم)، فالرجل حتى قبل أشهر كان ضابطاً عظيماً بالقوات المسلحة، وله مهام وواجبات وساحات عمليات أخرى، ليس من بينها جدل (الملكية) حول الحزبية والإصلاح الديمقراطي.
إن لجنة المحاسبة أكرمت أصحاب المذكرة بعقوبة رمزية، فلا داعي لإقامة سرادق الجدل و(اللت والعجن)، ولينهض الإصلاحيون إلى مشروعهم في إطار الجماعة، ولتنظر قيادة الحزب إلى مظان التصويب بقدر أكبر من التفهم طالما أن المصلح والمراد إصلاحه يسعيان إلى هدف مشترك وقضية واحدة.
إن أطرف ما في هذا الأمر أن المعارضة ستعكف عليه تحليلاً وقراءة، بينما يكون المؤتمر الوطني قد نسي الأمر وانصرف إلى تدبير حدث آخر!!