عميل في القصر..!!
تابعت بالأمس أحد قيادات المعارضة وهو يكيل السباب للسودان حكومة وشعباً ورئيساً.. طالت إساءات الرجل عامة المواطنين لأنهم في رأيه خذلوا الثورة ولم يموتوا و(يستبسلوا) بالدماء والجراح حتى يسقط “البشير” ويأتي (هو) من العاصمة البريطانية (لندن) ليكون ورهط السياسيين الجوالة معه حكاماً وقادة وسادة مرة أخرى.
لقد خجلت والله للسيد “مبارك الفاضل” وما أكثر السادة وقلة السؤدد فيهم، فهذا هو الذي وقف وربما لأول مرة في تاريخ الإنسانية يستعدي أمريكا على بلده يوم أن أطل عبر شاشة الجزيرة والصواريخ الأمريكية تدمر وتقصف مصنع الشفاء ببحري في العام 1998م، و”الفاضل” يمارس عملية (التصحيح) للقصف بقوله إن هناك أماكن أخرى بمنطقة (الجديد الثورة) على الطائرات قصفها والبوارج، فليس غريباً أن يأتي من ذات الشخص موقف يمثل الإساءة للناس، لأنهم في تقديره رفضوا الموت من أجله.
إن كانت للإنقاذ خطيئة فإنها سماحها له في مطلع الألفية بدخول القصر الجمهوري مستشاراً ترفع له (التحيات)، ويحظى بلقب (الدستوري) وهو الخائن بأكثر من شهادة ودليل، وقد التقيت بالرجل في أحد المواقع وهو يتوسط مجلساً يسرد فيه ذكرياته وكواليس أيامهم في التجمع الديمقراطي المعارض في أسمرا، يومها سمعت أصنافاً من الاستهزاء بقيادات تاريخية وسياسية ودينية، وطال الأمر الدكتور “جون قرنق” نفسه الذي يتملق “مبارك الفاضل” اليوم أهل دولته الوليدة ويتودد إليهم، بعد أن احتقر في ذاك المجلس قائدهم ورمزهم.
لقد كان المناضل المحترم يقول إنه كان يتعمد إطالة مدة الاجتماعات لهيئة القيادة في أوان نقاش القضايا الكبرى والمسائل الخلافية– كان هذا في أسمرا- ولبرودة المكان وطبيعة الطقس ولكبر سن كثير من الحاضرين فإنهم سرعان ما (يحصرون) فيكون همّ أغلبهم الانتهاء من الاجتماع بأية طريقة وكيفية من أجل الحصول على سانحة للذهاب إلى الحمام، وحينها كانت العملية تكتمل بتجهيز المقترح للتصويت أو اتخاذ القرار فيقول الحاضرون.. أوكي .. خلصنا!
في أيام الاحتجاجات الأخيرة سقط الرجل سقطة مريعة، وهو يمارس الكذب عبر قناة العربية واسكاي نيوز، ويزعم أن عرباً استقدمتهم الحكومة السودانية من (النيجر) و(مالي) يهاجمون السكان المحليين في ود نوباوي، ويطرقون الأبواب ويحادثون المواطنين بلغة غريبة على السودانيين، وهي كذبة رخيصة ومدفوعة الأجر والقيمة قالها “مبارك الفاضل” وهو يعلم قبل السامعين أنه يكذب، لكنه رضي أن يمارس ضلاله القديم في الفبركة والانحراف عن كل مكرمة في الخصومة والنضال، لأنه إنما يسوق فريات يريد نشرها في الإعلام العالمي ومحركات البحث التي تلتقط بانتباه وتركيز اسماً مثل (مالي) والسودان.
إن السودانيين يعانون الآن، هذه حقيقة، وقد تكون لبعضهم آراء مضادة للحكومة والمؤتمر الوطني، ولكنهم لعلم ذاك البئيس أكرم وأعف وأعلى خلقاً من مقايضة وطنهم بمكتسبات حرام تسيء للوطن وحكامه عدلوا أم ظلموا، ولأنهم أيضاً– أي المواطنون- أشد وعياً من القتال نيابة عن جبان وخوار لا يملك طوال الحقب إلا المسارعة إلى المنصات بنسبه.