أخبار

ما بين (الحواتة) وغضب (المعارضين)

} لا جدال حول أسطورة الراحل المقيم “محمود عبد العزيز” في خارطة الغناء السوداني، التي رسم من خلالها نهجاً مختلفاً يبيِّن أن الفنان يتشكل حسياً، ويتوازن مع أنغام موسيقاه عندما يكون الجمهور سلاحاً مسانداً ومعضداً للفكرة والطرح والمشوار؛ لذلك فإن إمبراطوريته أضحت واحدة من العجائب التي تحتاج إلى الوقوف عندها، ومن ثم التفكير في وعائها في شكله العام، للخروج بخلاصات تفيد الوسط الفني وتساهم في الارتقاء بالأغنية السودانية.
} شكَّل “محمود” إطاراً مجتمعياً خاصاً استطاع من خلاله أن يخلق أرضية صلبة وصلدة، أكدت أنَّ الفن سيظل رسالة سامية تتبلور في أطر عامة تستهدف الأذن في المقام الأول، وتعوِّل على جماهيرها وتواجدهم ضمن المنظومة التي تبيِّن أن الرسالة قد وصلت، ولعل الحضور المدهش (للحواتة)- كما يسمون أنفسهم- في الاحتفالات والحفلات كافة، قد أشار إلى أن “محمود” قد نجح بدرجة كبيرة في صنع جمهورية خاصة به تبين أن التفاني والإخلاص عنوان عريض للفن الأصيل.
} تابعت بحسرة الألم الحقيقي لهذه المجموعة إبان وفاة الفنان “محمود عبد العزيز” مع يقيني التام أن فنه لن يموت، وأن رسالته ستظل ترفرف في السماء حتى آخر يوم في رحلتنا الحياتية على سطح الأرض؛ لذلك فإن حراك هذه المجموعة في الأعمال الإنسانية قد أوضح للكثيرين أن الفنان جمهور في المقام الأول، وإحساس وترابط اجتماعي وأخوي، ليكمل المفهوم العام لعموميات الرسالة الغنائية، لذلك فقد بين “محمود” من خلال أياديه البيضاء في كل مكان أن إنسانيته ستظل أنموذجاً يُحتذى به في كل زمان ومكان.
} الترابط الذي يجمع (الحواتة) يؤكد أن “محمود” قد غرس زرعاً مثمراً،وتمكن من خلق تماسك جماعي بين كل محبيه ومعجبيه، والدليل الحضور القوي والصوت العالي والشجاعة والارتباط الذي يميزهم في القضايا كافة، التي تخص الراحل وتتمحور من خلاله؛ لذلك فإن تواجدهم قد بيَّن أن الحياة الفنية مدرسه ممتلئة بالقيم والأخلاق والمثل، ومن قبل ذلك كله تسيطر عليها الإنسانية بشكل كبير.
} وأعمال (الحواتة) الخيرية تسيطر على المشهد العام وتتبيَّن، رغم ارتباك الأوضاع السياسية في البلاد معلنة في خضم هذه الزحمة الحياتية عن حملة تبرع للدم للمرة الثالثة على التوالي بعد وفاة “محمود”؛ مما يعني أن المجموعة تتفرع في مجالات مختلفة ومتشعبة تستهدف البشرية، وتسعى لأن يكون “محمود” في مقدمه كل أعمال الخير التي تسعي إلى الفقراء والمرضى والمحتاجين.
} شكراً يا (حواتة) فتواجدكم بيننا فخر نعتز به، ونراهن عليه في أن يكون المستقبل علي أياديكم حتى نطمئن على القادم في مجالاته كافة، ولمحمود الرحمة والمغفرة ولنا الصبر والسلوان.
{ خط أخير
} ذكرت في مقالي أمس الأول أن هناك (بعض) المتظاهرين يتعاطون (الشاش) فانهالت سياط النقد علينا في المواقع الإسفيرية كافة، تهكماً وإساءة وسخرية، ولأن (البعض) قد انكشف أمره فقرر أن يستصحب معه الجماعة، لذلك فإن (الطاقية) قد جاءت على المقاسات كافة بكل أسف.
} النضال يا ثوار حضور وتروٍّ وهدوء وقراءة مجيدة للسطور وما بينها، لأن العيب كله سيكون في هذا الانفعال غير المبرر دون التركيز على مكنون المطروح حتى لا نضطر أن نكتب يوماً أن (بعض) المعارضين غير قادرين على تفهم ما نكتب، ولا يستوعبون حيثيات المواضيع وأطروحاتها.
} لن أكون مثل “هالة المصراتي” التي وصفوني بها، لأنني أعلم تماماً أن الدفاع عن الأفراد سياسة العاجز والمتملق وأحسب نفسي براءة من كليهما، فإن كانت لكم قضية فاعلموا أنني لست ملزمة بأن أدافع عنها أو أتقبل أطروحاتها أو أكون جزءاً منها، وهذا لا يعني أنني من طلاب السلطة أو أبواق النظام كما تدعون وتروجون، لأن كتاباتنا ظلت على الدوام تنتهج الحيادية خطاً لها.
} قلبي مع كل الأمهات والآباء الذين فقدوا أبناءهم في الأحداث الأخيرة، ولعل (خط التماس) قد ترحم عليهم منذ الأيام الأولى، وطالب بان تكون هناك لجان للتحقيق وتطييب الخواطر لأسر الشهداء، فأين كانت أقلامكم حينها، أم أن القضية تنحصر عندكم في النقد على كل من رفض أن ينصاع إلى قضيتكم.
احترامي الشباب النضالي الواعي صاحب القضية الحقة، وشكراً جميلاً لكل من رفض تلويث يديه بالشتائم، وحاول أن يتفهم رؤيتنا بهدوء وعقلانية، لأن المنطق يقول إن التعميم خطأ لن يقع فيه صحفي في بدايات مشواره الإعلامي، ولا يمكن أن نترنح بعد سنوات بمثل هذه الأخطاء ليصيب رشاشها إخواني وأهلي وأصدقائي وزملائي وجيراني وكثيراً من شرفاء الشباب السوداني، ولا أزيد، ولن أعود.
} لك الله يا سودان.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية