قمة البشير!!
الاتحاد الإفريقي بصدد عقد قمة بشأن (الجنائية الدولية) التي من الراجح أن تخرج بقرار إفريقي (ينسلخ) من المحاكمة والتزاماتها، صدور القرار بهذه الكيفية سيعد نصراً تاريخياً للبشير والسودان ولو أن هذا الاستحقاق كان كسباً (مصرياً) مثلاً لجرى تسويق الرئيس وعرضه بكونه (النبي) الأسمر، وهكذا ستمضي القمة وتنتهي ولا مكتسب منها لأنه لا توجد ذهنية (حريفة) تبتهل مثل هذه المناسبات، فالبشير كان أكثر رئيس خاض حرباً ضد هذه المحكمة حتى نصره الأفارقة قبل العرب.
خاض السودان ملاحم سياسية ودبلوماسية وإعلامية قوية وضارية ضد الجنائية الدولية، وكان البشير في أغلب تلك المواجهات قائد المتحرك ودليل القوم، فما امتثل لتهديداتها وطار كاسراً حاجز الصمت ضدها بالسفر إلى أصقاع الأرض القريبة والبعيدة لم يستسلم لهواجس التوقيف والقرصنة، فدخل مؤتمر القمة العربية بـ(الدوحة) ليستقبل بالهتافات فاكسب القمة وزناً وصيتاً ومضى إلى (الصين) في أقاصي الدنيا يدير أمر البلاد ومصالحها لم يتقيد قط بتربص الراصدين وتدخلاتهم، فكان بتلك الشجاعة أول المناهضين عملياً لقرارها البئيس.
كان للسودانيين كشعب ومواطنين سهمهم في هذه المقاومة والكفاح الشريف ضد صلف قوى العالم الكبرى الذين وظفوا كذباً مطلوبات العدالة وبريق كلمتها بانتقائية بغيضة أقرت محاكمة السودان وأسقطت عمداً (إسرائيل) و(أمريكا) وغيرهما من دول البطش والتجبر، وتناسى أهلنا خلاف بعضهم مع البشير وآزروه ونصروه رغم أن كثيراً منهم ليس عضواً في الحزب الحاكم، وقد يكون على النقيض معه وفي موقف التضاد، ويذكر الجميع يوم أن أعلن “لويس مورينو أوكامبو” المدعي العام للجنائية الدولية السابق مذكرة التوقيف، كيف أن حشود الملايين خرجت غاضبة تهتف بالبشير وهو يتوسطها في موكب عقب عودته ذاك المساء من حفل عسكري بمنطقة (وادي سيدنا العسكرية).
كنت أتوقع وأرجو أن تكون قمة دفن الجنائية الإفريقية منشطاً للسودان فيه حضور عريض وكبير يتجاوز التمثيل الرمزي بالوفد الرسمي، أنه نصرنا كما أنه موقف للأفارقة وإن كان من بطل في هذا المقام فهو رئيسنا ورمزنا، فهو الذي سيتقدم ليقول كلمة صاغها من مواقف حقيقة وكفاح جهير في السنوات الماضيات سيكون الرجل بطل إفريقيا ورمزها ودليل نصرها ووحدتها الجديدة ضد عدالة الرجل الأبيض، كما وصف أحد الرؤساء الأفارقة اتجاهات العدالة الدولية التي لا ترى سوى السود والأفارقة في مذكراتها وأوراقها وأوامر قبضها وإحضارها.
وأذكر جيداً ما ذكره السفير “عمر دهب” – أظنه الآن سفيراً بروسيا – في ندوة بـ(بروتوريا) نظمها قبل نحو ثلاث سنوات معهد الدراسات الأمنية (I.S.S) بجنوب إفريقيا أنه قد لاحظ جميع الإحالات التي تمت من مجلس الأمن إلى المحكمة والقضايا التي تنظر فيها المحكمة هي قضايا إفريقية خالصة دون غيرها من القارات، مضيفا أن المحكمة استخدمت كأداة سياسية لبعض الدول المهيمنة في العالم، مؤكداً أن الدول الأوروبية رفضت للدول الإفريقية الاستفادة من العديد من الاتفاقيات الدولية وعلى رأسها اتفاقية (كوتونو) ما لم تعترف بالمحكمة الجنائية بعد التوقيع على (ميثاق روما)!!