الديوان

المخرج «عصام الدين الصائغ»: التلفزيون صناعة وينقصه الإعلان وقناة (الجزيرة) تحسب الدقيقة بالمليار !

لم تباغته موهبة العمل الإخراجي فجأة، ولم تك المهنة مكمل حياته من أجل تفعيل وتطبيق دراسته التي صقلها وأثقل من ميزانها بعدد من الشهادات المدموغة بحبر دول ذات ريادة في المجال، إنما هي نتاج حب شغف به منذ بواكير صباه وهو يحوم حول مصادره، مارس التمثيل وهو بعد في المراحل الأولى الابتدائي ثم الثانوي وبرزت مشاركاته من خلال تقلده رئاسة (جمعية الموسيقى والمسرح) بالمدرسة الثانوية، ثم توالت الدراسات والتطبيقات داخل السودان وخارجه، حتى لمع نجمه وصار علامة بارزة في مجال الإخراج التلفزيوني.
“عصام الدين الصائغ” اسم لا تخطئه أذن منذ أن كان التلفزيون القومي يقف وحيداً قبل أن ينشق الإعلام المرئي ويخرج له أشقاء عددا، “الصائغ” استطاع بحكمته الإخراجية ورؤيته الثاقبة التي اقتبسها من تجواله أن يرعاها ويشاركها المسيرة وهي بعد وليدة عبر تنقله في عدد منها إلى أن انتهى به المقام في فضائية (الخرطوم)، في جرابه العديد من الحكايا وفي ذاكرته علقت برامج جميلة، وعبر هذا الحوار سال بعضها منساباً على المساحة التالية فيما تمترس آخر وربما للحديث بقية.

} متلازمة فن الإخراج التصقت بك باكراً متى صقلتها علمياً وكيف طبقتها عملياً؟
– في فترة السبعينيات وبصورة عامة درست الإخراج التلفزيوني بـ(القاهرة) بكافة أشكاله ثم طبقتها في التلفزيون المصري تحت إشراف فطاحلة من مخرجيهم (محمد الفاضل، نور الدمرداش، فهمي عبد الحميد).
} متى طبقتها بالداخل وما هو أول برنامج قمت بإخراجه؟
– في العام 1979م كان تعييني في تلفزيون السودان، و(كوكتيل) أول برنامج أخرجته وكان بمثابة بطاقة قدمتني للمشاهدين والإدارة كونه كان مختلفاً.
} كيف تدرجت في العمل ومن سبقك من المخرجين؟
– عملت بالتلفزيون القومي مدة عشرة سنوات، وشغلت مدير إدارة المنوعات، ووجدت أمامي مخرجين كثر منهم “فاروق سليمان” و”كباشي العوض، و”محمد الحسن السيد”، ثم أبتعثت إلى القاهرة وتخصصت في المنوعات، وأثناء عملي التحقت بالمعهد وتخرجت من كلية الدراما.
} أذكر لنا بعضاً من محطات مسيرتك العملية والدراسية؟
– منها (مهرجان بغداد العالمي في التلفزيون) و(مهرجان تونس) يتبع لإتحاد عام الدول العربية.
} ثم ماذا بعد؟
– بعدها سافرت إلى (ماليزيا) وقضيت بها قرابة السبع سنوات، درست خلالها آخر كورس في مجال الإخراج (تدريب المتدربين) وتخصصت في (الأفلام الوثائقية) ونلت زمالة الإخراج التلفزيوني، وقمت بإنتاج فيلم عن (السياحة في ماليزيا) وهو مشروع التخرج، وتم عرضه في ثلاث دول (تايلاند واندونيسيا وكوريا)، ثم عملت بالتلفزيون الثالث ذا القنوات الخاصة، بعدها عملت في الجامعة الإسلامية العالمية. وأيضا قضيت أربع سنوات في (أبو ظبي)، فضلاً عن عدد من الكورسات في (سوريا) عن كتابة السيناريو.
} حدثنا عن تجربة (أبو ظبي)؟
– فيها مارست الإخراج على (قناة أبو ظبي الفضائية)، والتقيت فيها بعدد من المحترفين في العالم منهم أشهر مذيعة بـ(قناة الجزيرة) الآن “ليلى السيخلي” في برنامج (دنيا)، وكنت ضمن فريق الإعداد لبرنامج (وزنك دهب) مع “أيمن زيدان”.
} حسناً أستاذ “عصام” بعد هذه التجارب الثرة والدراسات متنقلاً بين عدد من الدول.. كيف ترى إمكانياتنا حيال إمكانياتهم؟
– لا تقل عنهم في شيئاً وتشبهها إلى حد بعيد، فقط تنقصنا الإعلانات ونعتبر أقل بلدان العالم ضعفاً في هذا المجال، علماً بأن التلفزيون أصبح صناعة ويحتاج لتمويل غزير، ودونكم (قناة الجزيرة) التي تُحسب عندها الدقيقة بالمليارات في الإنتاج والدعاية والإعلان.
} على ذكر الإنتاج.. ألم تحاول الخوض فيه؟
– جربته وأنتجت برامج كثيرة منها (دنيا الناس) والذي يتناول بعض الظواهر في المجتمع السوداني، وعلى سبيل المثال استضفت (الأقزام) و(الأشولجية) و(أصحاب الصلع)، ومن ثم جمعهم بمختصين يتحدثون عن الحالة، وعرفنا من إحداها والخاصة بالأطباء أن (الأشول) منهم تصنع لهم مشارط خاصة ويقف المساعدون شمالهم بدلاً عن يمينهم.
وأيضا برنامج (بدون رتوش) ويعتمد على أن يحاور الضيفان بعضهما.
} وما هي أبرز البرامج التي أخرجتها ومع مَنْ المذيعين؟
– عملت ولمدة عشر سنوات مع الأستاذ “حمدي بدر الدين” في برنامج (فرسان في الميدان) و(أمسيات) مع “متوكل كمال” و(أسماء في حياتنا) و(خد وهات) مع “أدمون منير”، (بدون عنوان) مع “محمد سليمان”، ومع “الماحي سليمان” (جلسة فنية)، و”الفاتح الطاهر” (فنان تحت المجهر)، ولدي تجربة فريدة مع الراحلة الأستاذة “ليلى المغربي” وشخصي أول مخرج تلفزيوني يعمل معها في التلفزيون بعد أن طلبتها من الإذاعة، وقدمنا أروع البرامج (نجوم في سهرة) لدورات عديدة، وربطتني بها صداقة وطيدة، ليست “ليلى” فقط وإنما كل الذين جمعني بهم عمل هم أصدقاء.
} كيف جمعت بين “بشير عباس” و”البلابل” في رمضان الفائت رغم الجفوة التي كانت بينهم؟
– جمعتهم مسبقاً في العام 1987م في سهرة قدمها “الفكي عبد الرحمن” في التلفزيون وضمت “عوض دكام” و”أنس العاقب”، ثم جمعتهم مرة أخرى وبينهم جفوة ذابت في 2013م عبر خمس حلقات في رمضان، وعلاقة قوية ومشاريع أخرى تربطني بالطرفين.
} أين موقعك الآن وسط هذا الكم من الفضائيات السودانية؟
– عقب عودتي من الخارج عملت بـ(قناة الخرطوم) ثم انتقلت إلى التلفزيون القومي مع “محمد حاتم” ومنها إلى (قناة أم درمان) مع “حسين خوجلي” وكنت من مؤسسيها وبالمناسبة “خوجلي” رجل فنان بحق، والآن أشغل منصب مدير عام البرامج العامة بفضائية الخرطوم ومخرج برنامج (لمة حبان) مع “كمال حامد”.
} بعد كل هذه الخبرات المتراكمة التي استفدت منها من ممارسة الإخراج.. ما هو تقييمك للجيل الحالي من الإعلاميين. وهل أسديت لهم المعرفة والإرشاد؟
– بيننا والجيل الحالي من العاملين في وسائل الإعلام مسافة كبيرة وعدم تواصل، وهم للأسف لم يتسلموا منا الراية كما فعلنا نحن مع من سبقونا، فقد عاصرت عهد الأستاذ “أبو العزائم” و”حمدي بولاد” واكتسبنا منهما خبرات كثيرة، لكن الجيل الحالي ليس لديه استعداد للاستفادة من تجارب الآخرين، وهذا لا يمنع وجود إشراقات متميزة منهم الأستاذة “سلمى سيد” و”نسرين النمر”، وبـ(قناة أم درمان) شباب واعد وموعود.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية