أخبار

الكلام الفسل

} المؤتمر الصحافي لوزير الداخلية “إبراهيم محمود” ووالي الخرطوم د. “عبد الرحمن الخضر” أمس الأول (الاثنين) قدمت فيه الحكمة نفسها في ثوب جديد.. اللغة التي استخدمت في المؤتمر الصحافي بسيطة ومباشرة وفيها قدر كبير جداً من الاحترام للرأي العام وللشعب السوداني..لم يتعال وزير الداخلية على الشعب السوداني ويمتن عليه، مثلما يجري على ألسن بعض الوزراء حينما يتحدثون بتعالٍ غير مبرر.. وضرب لأمثال تثير حفيظة الآخرين.. ووالي الخرطوم د. “عبد الرحمن الخضر” الذي ترحم على شهداء الأحداث الأخيرة من المواطنين والقوات النظامية واعتبر أية قطرة دم سودانية تهدر في تظاهرات أو احتجاجات هي (دماء عزيزة.. نبدي أسفنا على سفكها أي كانت الجهة التي أزهقتها).
خطاب سياسي ناضج وعقلاني قدمه وزير الداخلية ووالي الخرطوم الذي احتوى بطريقة تنم عن وعي وتسامح ما أثاره الصحافي “بهرام عبد المنعم” من رأي وصف فيه الوزير والوالي ووزير الإعلام بالكذب في محاولة لإضفاء بطولة على نفسه.
} الخطاب الحكومي بعد انقشاع أزمة الاحتجاجات ينبغي أن ينظر للساحة بعين سياسية فاحصة ويقدر القيادات موقف الشعب السوداني الذي احتمل الكثير من المصاعب الاقتصادية والحياتية وخاض مع الإنقاذ كل معاركها الداخلية والخارجية، ولا يزال يأمل فيها خيراً لم ييأس من قدرتها على الإصلاح وتجاوز الإخفاقات والإقبال على تسويات سياسية قادمة.. هذا الشعب يستحق التقدير والثناء لمواقفه، وهذا ما ذهب إليه د. “عبد الرحمن الخضر” الذي يجسد عملياً وسلوكياً منهج الحاكم الرحيم الرؤوف بشعبه، وقد حاولت حكومة الخرطوم مبكراً من خلال وزارة ماليتها إعلان حزمة قرارات اقتصادية لتخفيف وطأة قرارات رفع الدعم الجزئي عن المحروقات، وينبغي أن يقابل جموع الشعب الخرطومي ما أقدمت عليه حكومته بالتقدير والصبر على الغلاء الفاحش الذي ضرب الأسواق في الأيام الأولى قبل أن تستقر الأسواق في مقبل الأيام، ومن المؤشرات الدالة على الانخفاض المرتقب في الأسعار (نزول) الدولار من علاه الفوق ليوم أمس..
} الرئيس “عمر البشير” في خطابه أمام قيادات القوات المسلحة في احتفالية الأكاديمية العسكرية أثنى عن الشعب السوداني وصبره ووعيه في تجاوز فتنة كادت أن تمزق العاصمة الخرطوم، وهذا بمثابة توجه مطلوب وضروري من القيادة السياسية في البلاد. لأن بعض الوزراء وقيادات المؤتمر الوطني طبع خطابه بنبرات تعالٍ غير مبررة حتى في حق منسوبي المؤتمر الوطني، وخير شاهد على ما نقول تصريحات “حسبو محمد عبد الرحمن” الأمين السياسي للمؤتمر الوطني وهو يتوعد إخوته في الحزب بالمحاسبة الشديدة، ومنهم أهل سبق وفكر وجد واستنارة، فكيف في مثل هذا المناخ تصدر تصريحات علنية تتوعد قيادات لمجرد أنها طرحت رؤية مغايرة للمعالجات الاقتصادية جهراً.
} صحيح أن بواعث ودواعي الانضباط التنظيمي تقتضي التزام منسوبي الحزب وأي حزب في زمان العسر والمشقة بالتوحد، وأن لا يقفز البعض من السفينة التي خيل إليه أنها غارقة.. ولكن حسن الخطاب والدعوة بالحسنى لهي خير من الشطط وإبراز العضلات الكلامية في غير موضعها.
} إن ما حدث في الأسبوع الماضي عبرة ودروس ينبغي التوقف عندها طويلاً.. والبحث عن معالجات سياسية واجتماعية للاحتقانات التي يعاني منها المجتمع الآن وقد تبدى ذلك في مظاهر العنف..ربنا احفظ بلادنا من شرور أنفسنا نحن أهلها.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية