أخبار

أحداث كرري

} لو امتلك التلفزيون الحكومي الثقة في نفسه وخرجت كاميرا من المبنى العتيق لشارع الوادي بأم درمان وأسواق محلية كرري من “خليفة” إلى “صابرين”، ونقلت مشاهد النهب والتخريب المتعمد، من شارات المرور إلى طلمبات الوقود ورواكيب ستات الشاي وزرائب الفحم وحظائر تجار الماشية.. لأسدى التلفزيون لنفسه وللحكومة التي تدفع له من خزائنها الدولارات، خدمة كبيرة، ولاحترم الناس الإعلام الحكومي القابع في مكاتب الوزراء والمسؤولين يمارس تجميل الوجوه وتغبيش وعي الناس.
} ما حدث في محلية كرري عصر (الثلاثاء) يبرر للسلطة استخدام القوة، والمتظاهرون في الشوارع احتجاجاً على القرارات الاقتصادية يمارس بعضهم النهب علناً والاعتداء على ممتلكات المواطنين جهراً تحت شعار إسقاط النظام. وفي سوق “خليفة” الواقع بالحارة (17) بأم درمان تم إغلاق الشارع الرئيسي من جهة الحارة العاشرة بالحجارة وحرق الإطارات القديمة، وأخذ أصحاب السيارات يبحثون عن طرق بديلة داخل الأحياء السكنية.. اتجه المتظاهرون لبضائع التجار المعروضة خارج المحلات التجارية لنهبها.. وأضرموا النيران في رواكيب بائعات الشاي، وهجموا على تجار الماشية. شاهدت ركشة محملة بخروفين وصاحب الخروفين المسكين يفشل في حماية (غنماياته) من حرامية تسللوا بين المحتجين لأغراض النهب والسلب.. ويقذف بعضهم الحافلات والسيارات الخاصة بالطوب والحصى.
وبعد صلاة المغرب يضرم المتظاهرون النار في تقاطع الواحة بشارع الوادي ويحمل شاباً (عصا) وينهال على شارات تنظيم المرور تحطيماً. فهل لهذا السلوك المشين علاقة بالنضال وحق التظاهر والتعبير الذي كفله القانون والدستور؟!
} أين شرطة محلية كرري وولاية الخرطوم مما حدث عصر ومساء (الثلاثاء) من تخريب للمنشآت الخاصة، وقد كثفت الشرطة وجودها حول محطات الكهرباء والمرافق الحكومية، وتركت الممتلكات العامة نهباً لبعض المندسين من ضعاف النفوس وسط المحتجين على ارتفاع الأسعار. إننا لا نطالب الشرطة باستخدام القوة المفرطة ضد من يعبر عن رأيه، ولكن نذكر الشرطة بأن واجبها أولاً حماية الحق الخاص قبل العام!! وأين اختفى معتمد محلية كرري مساء (الثلاثاء)؟! لقد جبت شخصياً كل الحارات من “الواحة” والأولى حتى العاشرة ومن العشرين حتى محطة “صابرين” حيث النهب المنظم، ولم أجد أثراً للسيد المعتمد وأجهزته التي يفترض أن تشكل وجوداً في الشارع، لا أن تمارس الاختفاء والهروب والتولي يوم الزحف، فأجهزة الحكم المحلية حينما تغيب وتختفي يصبح المواطنون تحت رحمة الفوضويين وعناصر التخريب .
} الأزمة الحادة التي شهدتها أحياء محلية كرري أمس، وأم بدة، وأم درمان، تعود أسبابها لاستهداف المتظاهرين البصات الكبيرة، التي يعتقد البعض خطأ أنها بصات حكومية، وغالبها بصات للأهالي البسطاء المسحوقين، وقد فرضت عليهم ولاية الخرطوم زيادة في سعر الجازولين وإلزامهم بالتعريفة القديمة دون تعديل، ورغم ذلك تتعرض البصات لاستهداف من قبل المتظاهرين.. بحجة أنها (بصات الوالي). فهل يحق للمتظاهرين الاعتداء على الأموال العامة؟! والوالي لا يملك هذه البصات كشركة خاصة، ولكنها مال عام. وترتب على سلوك المشاغبين أن توقفت وسائل النقل العامة والخاصة، وتعذر وصول الموظفين لمواقع عملهم وسار البعض مشياً على الأقدام لمسافات طويلة وفرضت إجازة إجبارية على طلاب المدارس، فهل هذا سلوك راشد وحضاري في التعبير عن الرأي في قضية شديدة الوقع على المواطنين، ولكنها لا تبرر مطلقاً الفوضى والتخريب والنهب كما حدث في كرري وأم بدة.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية