أخبار

كارتلات نيالا ..!!

كالعادة ومثل كل مرة ، اغتيال وقتل في نيالا ، ثم هياج وانفعالات كان من الطبيعي أن تقود إلى شغب ثم اشتباكات، تجعل من حاضرة ولاية جنوب دارفور مثل (الكارتلات) المكسيكية، تتوزع بين نقاط نفوذ بعضها قبلي وبعضها ثوري وبعضها متلقي حجج، وبعضها ينشط بين كل هذه الطوائف، إن غلبت فئة أخرى انضم إليها، فيما تقف حكومة الولاية في كل هذا عاجزة، تركز قراراتها على هوامش الأشياء، وتترك برامج الخدمات والتنمية. فكان من الطبيعي أن يسلم المواطن أمره إلى الظنون، وينهض كل أهل حي بواجب حماية أنفسهم وأخذ القانون بيدهم، طالما أن الحكومة الولائية عاجزة، وطالما أن الحكومة المركزية تتفرج.
سبب آخر لشيوع أخبار الموت والقتل في دارفور، أن الصراع هناك بات يصدر هذه الحوادث، باعتبارها ثقافة وعرفاً عادياً، فلم يعد موت عشرة أو مئة يستوقف أحداً في بقية أجزاء السودان، وربما في دارفور نفسها ، إذ صار الأصل أن يموت الناس، يقتتلون في ما يستحق أو لا يستحق، المهم أنهم يتعاركون أهلاً وأبناء عمومة، ثم يطوون فجأة خلافاتهم ويعودون بعدها مرة أخرى لنبش قبور الثأرات، فيعيدون مسلسل الدم وجيرانه الذي لا ينقطع.
الحل لهذا الأمر يجب أن يكون صارماً وحاسماً ، وأصله ومنتهاه إيصال إحساس وأعمال جادة للمواطنين هناك، تشعرهم بأنهم جزء من هذا البلد ، إذ لا يعقل أن تنتظر المدينة الأكبر بعد الخرطوم (العاصمة)، الإمدادات بالطعام والغذاء والوقود، وكأنها (متحرك جيش) يتم (تشوينه) بالأطواف العسكرية ، بمواد ترسل من أم درمان لتطوف ولايات دارفور وتنتهي بنيالا، بعد أن يكون سعر البنزين والسكر واحتياجات الأسر، قد بلغت أسعاراً خرافية، ولهذا يكون المواطن على عذر إن هو أحس بالغبن، لتأتي ردود أفعاله على كل حدث عالية الغضب، لأنه يشعر بأنه مظلوم ومضطهد ومهمل. وبعد هذا كله فإن أمنه مهدد لأنه قد يقتل في أي لحظة من مجهولين، ثم يقيد البلاغ ضد مجهول !
الوالي الذي عين مؤخرا يبدو أنه اعتمد فقط على كونه (جنرال كبير)، وهذا لا يعيب لكنه يحتاج لأن يكون صاحب برنامج وخطة وتحركات ذات أثر، ولهذا أعتقد أن الصحيح والمطلوب عاجلاً، أن ينقل المركز ورئاسة الجمهورية والياً مكلفاً ومعيناً من الشخصيات ذات الحضور السياسي والوعي الاجتماعي والأمني ، شخص يجيد العمل بين الناس ، ويملك القدرة على النفاذ إلى دواخل الناس ، بشخصه وميزاته وليس علاماته أو سيرته الذاتية، وشخصياً كنت أرى أن رجالاً مثل مولانا “أحمد محمد هارون” أو المهندس “الحاج عطا المنان”، وللأخير تجربة رائدة ونموذجية في نيالا نفسها، كنت أرى أن هذين الشخصين ومن يماثلهما في الصفات والقدرات، هم الأقدر على استدراك الأمر هناك.
رمزية السيادة والدولة الممثلة في الولاة، صارت شائهة في جنوب دارفور، بقدر جعل أي والٍ يعين في الآونة الأخيرة، يحظى بلقب شعبي ما ، ظاهره الطرافة ولكن باطنه التهكم المريع !!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية