زمن (الضبيحة) بالليل و(الكسرة) بالطبق..!!
} الأستاذ “علي محمود” وزير المالية أضحى (درقة) لكل الأزمات التي تمر بها البلاد، وبات تحت مجهر كل أهل السودان، خاصة الرافضين للمقترحات الأخيرة التي يسعى من خلالها الرجل لإعادة توازن الحياة الاقتصادية في السودان، لأن الشكل العام للواقع الحياتي يرفض أي التزامات جديدة أو حراكاً يصب في خلاف المعالجات، فالضوائق قد تمددت وشملت حتى التنفس الطبيعي مع حركات الشهيق والزفير، مما يعني أن الحياة صارت بلا طعم ولا لون ولا رائحة.
} ورغم أن الحصار المالي والمعيشي الذي يعيشه “محمد أحمد” في مناحي الحياة كافة، إلا أن الصبر ظل الشماعة التي يعلق عليها كل المستقبل والأمل في القادم الذي يمكن أن يكون أخضر يعيد الميزان من جديد ويبشر بالبدايات السعيدة؛ لذلك فإن الهمهمة لم تغادر الأمكنة، ولم ترتفع بموجبها الأصوات رفضاً لكل المعالجات المطروحة من قبل الدولة، لأن المواطن السوداني حسب وجهة نظري ما زال واعياً سياسياً واقتصادياً، ويعلم تماماً أن الهم يمكن أن يكون عاماً حتى وإن كان على حساب أسرته ومعيشته العامة.
} وصمت المواطنين وتفهمهم للأوضاع الاقتصادية لم يتفهمه السيد وزير المالية بالشكل الكافي والصحيح، وظن أن السكوت من علامات الرضا التام، فانبرى منتفخاً عبر تصريح غريب بيَّن من خلاله أن الإنقاذ علمت أهل السودان أكل (البيتزا).. يا راجل!!
} والسؤال الذي يطرح نفسه هل يدري “علي محمود” المكونات الأساسية للبيتزا؟! أنا لا أعتقد لأن القصة في شكلها العام عبارة عن دقيق وقليل من الزيتون والمتبلات، أي أنها (قراصة) محسنة، ويمكن لأي بيت أن يقدمها في وجباته الثلاث، لذلك ليت الإنقاذ لم تعلمنا إياها وتركتنا في ماضينا البعيد.
} هل تعلم أيها السيد الوزير أنه في الماضي – كما علمت من جدتي – كانت الموائد مكتظة باللحوم والسلطات والشوربات والعديد من الأصناف التي يسيل لها اللعاب، لأن ذبح الخروف كان متاحاً ومباحاً في أي وقت وفي كل زمان حتى في (أنصاص الليالي) إكراماً للضيف، بل في كثير من الأحيان يكون دون مناسبة، وتذبح الخراف هكذا من أجل تغيير الأجواء والاستمتاع بـ(المرارة) و(الشطوط) واللحوم المشوية والمحمرة، وينفض السامر إلي يوم الغد وتدور الدائرة.
} قبل الإنقاذ يا وزير المالية كانت اللحوم السودانية صنفاً أساسياً في كل صينية، وفي كل الوجبات، وكانت (الكسرة) بالطبق وليس بـ(الطرقة) والألبان متوفرة في كل ثلاجة بـ(الجركانة) وليس بـ(الرطل) مما يؤكد أن النعيم كان عنواناً لكل البيوت بلا استثناء، والأهم أن الترابط الأسري والمجتمعي كان سمة يتفاخر بها الكل، لأن ابن الجيران كان يمارس سطوته الرجولية على بت جاره، ويمكن أن يدخل السجن في سبيل أن تظل عفيفة ونظيفة، في الوقت الذي نتابع فيه العديد من السلبيات تطرأ على المجتمع في عهدكم.
} لا أدري كيف يتحدث وزير المالية، لأن طرحه يؤكد أن سيادته مبهور بالبيتزا، الوجبة التي لا يفضلها كثير من المواطنين، ويعتبرونها مسببة لـ(النفاخ) ولا تغني من جوع، ولا يمكن أن تكون هدفاً يشغل بالنا أو بال الغلابة المنتشرين في بقاع السودان وأطراف دارفور، لذلك فإن الاختيار ذاته قد جانبه الصواب.
} تصريح “علي محمود” غير موفق ويمكن أن يخلق غبناً في كل البيوت.