شهادتي لله

مأساة أخرى في دفتر (الجرائم الطبية)

} (الجرائم) الطبية، وليس (الأخطاء)، تتواصل في بلادنا.. يموت من يموت بسبب (جهل) بعض الأطباء (المركب)، وليس الصحفيين يا بروفيسور “مامون حميدة”، ويحيا من يحيا، وتبتر سيقان آخرين، أقدامهم أو أصابعهم ..!
} ولكنكم – سادتي القراء المحترمين والمحترمات – ربما لم تسمعوا كثيراً عن حالات (بتر اللسان) بسبب خطأ تشخيصي استناداً إلى نتيجة (قاتلة) في معمل متخصص في فحص الأورام يحمل لافتة كبيرة باسم (البروفيسور فلان الفلاني)!!
} في شهر (أبريل) الماضي لجأ المواطن “ابراهيم السعيد فضل المولى” إلى عيادة أحد اختصاصيي جراحة الفم والأسنان، خريج كلية طب الأسنان بجامعة الخرطوم، دكتوراة جراحة الفم والوجه والفكين من مجلس التخصصات الطبية. المريض كان يعاني من (ورم) صغير باللسان.
} بعد النظر والتدقيق حدد الطبيب مسار (التشخيص) ناحية (السرطان)! وأشار على مريضه بالتوجه إلى معمل (البروف) الفلاني المتخصص في علم الأمراض والأنسجة.
} النتيجة كانت صادمة.. وفاجعة.. فقد خلص المعمل الذي وقع على نتيجته اثنان.. (دكتور) و(دكتورة)، وليس (البروف)، إلى أن عمنا “ابراهيم” مصاب بداء السرطان اللعين، فتمت إحالته إلى مستشفى (الذرة) لتلقي العلاج الإشعاعي.
} لم يطمئن أهل المريض، فيمموا بالطيران شطر “قاهرة المعز”، وأطباء “مصر” ليسوا معصومين من الخطأ، ففيهم من هم أشد جهالة من (بعض) أطباء وفنيي مختبرات “الخرطوم”.
} ولسوء حظ عمنا “ابراهيم”، فإن الاختصاصي (المصري) اعتمد على نتيجة معمل البروف (السوداني)، ولم يوجه بإجراء تحاليل أخرى لمزيد من التأكيد والتدقيق، كما جرت العادة حتى في عيادات أطبائنا بالسودان، حيث يفضل أغلبهم أن يبدأ خطة التشخيص من جديد، فلا يبني على بنيان من سبقوه من أطباء.
} الجراح (المصري) سارع إلى (بتر) جزء كبير من اللسان، بحجة أن أي تأخير يعني تمدد السرطان إلى (الوريد) و(الغدد)، ولا أمل عند ذلك في شفاء، بانتظار أن يسترد الخالق وديعته.
} وصار عمنا “ابراهيم” بدون (لسان) لطف الله به. .وبنا.. وبكم.
} لكن المفاجأة الداوية.. المفرحة.. والمحزنة حد الأسى والنحيب، أن معمل (محمد ناصر للأورام) بالقاهرة، انتهى بعد فحص اللسان (المبتور) والغدد والدماء، إلى أن الرجل (الضحية) ليس مصاباً بالسرطان.. ولا يحزنون!! لقد كانت مجرد (حبة) تمت إزالتها في “أم درمان”، ولم تكن هناك حاجة لفحص الأورام، ولا الإحالة لمستشفى (الذرة)، ولا (بتر) اللسان.. حماكم الله.
} الآن.. من المسؤول عن هذه الحالة سعادة البروفيسور “مأمون حميدة”.. سيادة الأستاذ “بحر ادريس أبو قردة”.. سعادات الدكاترة (البروفات) في المجلس الطبي ومجلس التخصصات الطبية، ونقابة الأطباء التي هددتنا ذات مرة – نحن الصحفيين – بالمحاكم في حالة التعدي على (سمعة) و(مكانة) أي طبيب!!
} من يعيد لعمنا “ابراهيم” لسانه؟! يمكن للمرء أن يستغني عن قدم.. أو ساق.. عن يد.. أو أصبع.. ولكن اللسان.. غال. .غال.. غال.. ولا عوض له.
} بطرفي كل المستندات والتحاليل وأسماء وصفات وشهادات السادة (الدكاترة)، لكنا نتحفظ عليها.. حفاظاً على ما تبقى من (ثقة) في أطباء آخرين ما زالوا يبذلون قصارى جهدهم وعلمهم لتقليل نسبة الأخطاء الطبية (الكارثية) في بلادنا.
} بقيت رسالة غاية في النبل والعظمة والاحترام من ابن الرجل العظيم “السعيد إبراهيم” الذي راسلني – دون سابق معرفة – داعماً رسالته بكل الوثائق الطبية، خاتماً لها بالآتي: (نحن لا نريد تعويضاً من أحد.. لا نريد أن نشكو طبيباً أو معملاً.. نحن نريدك فقط أن تبلغ رسالتنا للجميع وأنت نصير الغلابى، حتى لا يفقد آخر لسانه، وآخرون بالآلاف أعضاءهم بسبب أخطاء التشخيص وسوء المعامل).
} من يراقب هذه (المعامل)، من يتابع (مواد التحاليل)، وأجهزة الفحص.. من يدرب خريجي (المختبرات).. من يسأل ذاك (البروف) لماذا تظل بعيداً عن (المختبر) وتترك مهمة – قد تقتل إنساناً – لآخرين حديثي عهد بالمعامل و(الخلايا) السرطانية والأجهزة؟!
} عزيزي “السعيد”.. احمدوا الله بكرة وأصيلاً أن والدكم سليم ومعافى.. أدام الله عليه نعمة الصحة والعافية.. المؤمن مصاب.. وليس أمامكم غير الصبر على المصاب.
} هأنذا أبلغ رسالتكم للمسؤولين عن الصحة في بلادنا.. ألا قد بلغت.. اللهم فاشهد.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية