أخبار

تصريحات مشاترة..!!

الظروف الراهنة المحيطة بالبلاد، والتحديات الماثلة أمام الشعب والحكومة معاً تلزم الأخيرة ورموزها تحديداً باختيار دقيق للمعاني والإشارات في أحوال العرض والإيضاح أو دعم الموقف. لا يتوقع أحد أن تتم الموافقة على كل شيء، حتى وإن كان نبيل المقصد وللصالح العام، لابد من الجدل والنقاش. الاعتراض على وجهات النظر والقرارات، حق يجب إن يكون مشروعاً، لأن في هذا تحصين للأمر كله، وعدم الانحراف به ليكون مفسدة لصاحب الرأي والسلطة، ولأنه بهذا يمنح الآخرين مساحة للمشاركة كحق أصيل تتكامل به الأدوار وتتماسك.
ستخسر السلطات الاقتصادية وغيرها كثيراً إن هي ظنت أن التصريحات المستفزة، ولو كانت تحمل شيئاً من الصحة، ستجعلها سليمة التقديرات.. يمكن عرض الرؤى والتصورات بمنهج موضوعي وهادئ، فطالما أن الخير هو الهدف للمواطنين فليس من داعٍ لبعض (الشتارة) والحديث (الدراش) الذي لا يفعل شيئاً سوى أنه سيحفز آليات الرفض والعناد خاصة بين شعب عرف بسخونة الدم والانفعال المضاد إن مست جوانبه، لهذا أكرر ما قلناه قديماً إن بعض ملامح الأزمة تبدو وكأنها في الخطاب العام الموجه للمواطنين، إذ إن بعض السياسيين والناطقين كأنما يصابون بالعيّ حين ينطقون، فلا يتأتون إلا بفج الحديث وجارح الردود والخاطرة، وهذا ليس من شيم الكبار لأن المرء قد يقبل انفعال مواطن ولكنه قطعاً لا يفعل ذلك إن كان الأمر لمسؤول وشخص مقدم مكلف بخدمة الناس.
أذكر على أيام مفاصلة الإسلاميين عقب قرارات رمضان الشهيرة التي جعلت “البشير” يذهب بفريق و”الترابي” بآخر، أن أحد المتحمسين للشيخ– وقد التحق الآن بالحكومة والمؤتمر الوطني- اعترض في إحدى الندوات على مشاركة شيوخ الحركة الإسلامية المؤيدين لـ”البشير” بزعم أن ذاك الشيخ ليس كفؤا لمناظرة “الترابي” أو حتى الوقوف أمامه، ناقداً أو ناصحاً، وكان القول هذا على الملأ، مما أصاب الحاضرين باستياء عريض لأن الأمر وإن كان حقيقة أو لم يكن، فإنه لا يصح أن يطرح بتلك الصورة الفجة.. وبالمناسبة، بعض ما أصاب المؤتمر الشعبي من ضرر في أيام المفاصلة الأولى كان سببه ما نسب للشيخ “الترابي” نفسه من أقوال مستفزة وغير لبقة بشأن الجهاد والشهداء، وهي المنسوبات التي قال لاحقاً بعض قيادات الحزب إنها خطة و(فبركات) استهدفت تقويض وتشويه الصورة، وقد فعلت.
القصد (يا جماعة) أن بعض الوزراء والمتحدثين في المنابر والصحف هذه الأيام بحاجة إلى وزن عباراتهم، وتخير المداخل المناسبة للحديث، وتجنب لغة وأمثلة “ماري أنطوانيت” ملكة فرنسا وزوجة الملك “لويس السادس عشر” صاحبة المقولة المشهورة (إذا لم يكن هناك خبز للفقراء.. دعهم يأكلون بسكويتاً)، والذي تحول الآن إلى (بيتزا) وامتنان على سنوات الدعة والرفاهية التي عشاها السودانيون، وهذا من حقهم طالما أنهم لم يظلموا أحداً، وطالما أن البعض منهم اجتهد وكسب الحلال والطيب فأكرمه الله باليسر فضلاً منه، وليس من الحكومة!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية