أخبار

كـل هـذا النزيف!

(1)
إحصاءات مزعجة تلك التي تتحدث عن هجرة الكفاءات السودانية من أطباء ومهندسين وأساتذة جامعات.. طوابير طويلة أمام سفارات دول عربية وغربية.. أعداد مقدرة من الشباب في انتظار (اللوتري) عبر وسائط الانترنت.. كل هذا النزيف للعقول والطاقات يقابل ببرود مدهش من الحكومة التي يتبرع بعض وزرائها للإدلاء بتصريحات غريبة تحاول قلب الحقائق وتصوير المسألة كخيارات لأفراد لا تؤثر على عجلة التنمية ولا أداء الدولة.. أحدهم قال بالحرف الواحد إن هذه (الهجرات) تتيح فرص عمل للباحثين عنه.. ونحن نشجعها.. في حين أن المدارس والجامعات والمستشفيات تشكو من ندرة لافتة في الكوادر المؤهلة والمتخصصة.. وفي حين أن مخرجات التعليم بمختلف مستوياته ومؤشرات الصحة والعلاج في تراجع مستمر بسبب تدني مستويات الأداء وغياب الكفاءات والخبرات.. هل يعقل هذا الكلام؟!
(2)
قالت الجهات المعنية بالبيئة في البلاد أن (شرائح الهاتف) تضر بالصحة العامة.. ثم ماذا بعد؟! مرة أخرى نمارس سياسة رؤية الفيل والطعن في ظله.. مرة أخرى نغمض أعيننا عن السماء لنبحث عن جُحَر صغير دخلته نملة.. الاكتشاف الأخير الذي أطلقته (البيئة) والذي مازال ينتظر أدله قاطعة وموثقة لن يجعلنا نغض الطرف عن إخفاقات (البيئة) في حماية البيئة.. ولا يعفي (البيئة) من تقديم اعترافات علنية بالفشل في إنقاذ خطط السلامة البيئية (شرائح الهاتف) لو ثبت علمياً إضرارها بالإنسان وبيئته مقدورُ عليها وبالإمكان استصدار قرار فقط بمنعها والبحث عن بديل لها.. لكن ماذا عن التردي البيئي الذي يضغط على رئة الوطن ويمنع عنها الأكسجين والهواء النقي؟!.. ماذا عن أكوام النفايات التي تحاصر المدن؟! وماذا عن تلوث المياه وانتشار البعوض والذباب وتفشي الأوبئة والأمراض؟!.
(شرائح المجتمع) أولى بالرعاية والاهتمام من (شرائح الهواتف) التي لن تكون بأية حال أكثر فتكاً وتدميراً للإنسان من تلك (النفايات) التي ما زالت تبحث لها عن (مكبات) !!
(3)
خبر تهدم فصول مدرسية ووفاة وإصابة تلاميذ جراء ذلك لا ينبغي أن يمر مرور الكرام.. بل لا بد من المساءلة والمحاسبة وتحميل المسؤولية الكاملة للذين سمحوا لمدارس آيلة للسقوط بسبب تداعيات السيول والأمطار باستئناف الدراسة.. كان يتوجب على هؤلاء أن يطمئنوا أولاً إلى سلامة وصلاحية هذه المدارس من قبل أن يزجوا بأطفال أبرياء إلى مقاعد الدرس والجلوس تحت أسقف فصول مرشحة للتساقط على رؤوسهم وخطف براءتهم وحياتهم.. لماذا لم يستقل مديرو هذه المدارس؟!.. لماذا لم يستقل وزراء التربية؟! لماذا تستصدر قرارات خاطئة وتنفذ بطرق خاطئة ولا يتم الاعتراف بكل هذه الأخطاء التي يدفع ثمنها فلذات الأكباد دون أن تتقدم الجهات المعنية بمجرد اعتذار أو (قراءة الفاتحة) على هذه الأرواح البريئة!!
(4)
الناس قد لا تموت بالجوع كما هو رائج على الأقل.. لكن لا أحد على الإطلاق يمكن أن يصدق أن الناس لن تموت إذا لم تجد الدواء.. أخشى أن يتحول (الدواء) إلى سلعة للأغنياء فقط وسيكون حراماً على الفقراء.. لن نصدق أن الدواء لن تمسه الزيادات التي ستشمل كل شيء.. فالحكومة ظلت دائماً تتحدث عن أن الدواء (خط أحمر) فماذا كانت المحصلة؟! مازال الدواء أكثر (الخطوط ) تجاوزاً وفي صيدليتين متجاورتين تجد ذات الدواء بسعرين مختلفين، والأدهى والأمر من ذلك أن السعرين يتجاوزان الحد المعقول والسقف الذي هو في متناول البسطاء!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية