لقاء «البشير» بالشباب.. البحث عن مفاتيح السلام
ربما انعقاد مؤتمر اتحاد الشباب السوداني السادس الذي جاء متزامناً مع الترقب الرسمي والشعبي لصدور القرار النهائي برفع الدعم عن المحروقات، جعل كثيراً من المراقبين والخبراء يجزمون أن الرئيس «عمر البشير» بصدد وضع حد للجدل القائم حول القرار الذي لا تخلو منه أحاديث السياسة والمجتمع والاقتصاد منذ فترة ليس بالقصيرة، ورغم ذلك جاء خطاب «البشير»، الذي قضى فيه من الزمن ثلث ساعة، دون الإشارة من قريب أو بعيد إلى أن القرار الآن بات واقعاً، رغم حديث رئيس الاتحاد «بلة علي يوسف» الذي تضمن إشارة صريحة إلى مساندة الاتحاد لما أطلق عليه الإصلاحات الاقتصادية التي تنوي الحكومة القيام بها.
حشد ليس بالقليل غطى على كل مقاعد القاعة الرئاسية بقاعة الصداقة بالخرطوم صبيحة أمس، متبوعاً بفرق شعبية وفولكلورية كبرنامج متزامن مع انعقاد المؤتمر، حشد كان متأهباً لمساندة أي قرارات ستدفع بها رئاسة الدولة، إلا أن الرئيس اكتفى خلال حديثه بالإشارة إلى الدور المهم للشباب وتحملهم فواتير الحروب المتتابعة، وتأكيده على إنهاء الصراعات داخل الدولة السودانية بحلول العام القادم، بل إنه مضي إلى أبعد من ذلك حين قطع بأن الشعب السوداني سيقول كلمته في الانتخابات القادمة بالخرطوم.
{ قضايا قومية
أعلن الرئيس «عمر البشير»، أن العام (2014م) سيكون نهاية وخاتمة للتمرد والصراعات القبلية والإثنية، في دارفور وجنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق، وقال إن هدف الحكومة هو أن تصل إلى العام (2015م)، حيث إجراء الانتخابات العامة بكل (شفافية ونزاهة) في كل مستوياتها دون وجود صراعات، وبدون مناطق خارج دائرة المشاركة في التصويت، وقال: (عايزين الشعب السوداني يقول كلمته)، وكشف عن وجود تجاوب لمسه مع معظم قادة قوى المعارضة في قضايا الوطن كافة من قضايا السلام والدستور وقضايا الحكم، ودعا كل الشعب السوداني ليقول رأيه في تلك القضايا، وقال إن ما يخرج به الناس من توافق سيكون برنامجهم خلال الفترة المقبلة.
{ دعوة إلى وضع السلاح
تأكيد «البشير» على الدور المهم والمحوري للشباب ربما هو ما جعله يخاطبهم بالقول: (ندعو الشباب والحركات المسلحة لوضع السلاح، ونتداعى جميعاً لبناء الوطن، ونحن سعينا لتحقيق السلام ووضعناه هدفاً إستراتيجياً، وتفاوضنا مع كل من حمل السلاح، ونحن لسنا متسيبين ولا نشجع على حمل السلاح لأن قناعتنا أن الحوار هو الأرخص لحفظ طاقات الشباب التي تهدر في الصراعات)، وأردف: (عشان كدا صبرنا على التفاوض في كل المنابر وكثير منهم استجابوا والآن شركاء معنا)، ثم وجه خطابه إلى وزيرة الدولة بالكهرباء «تابيتا بطرس» ووزير الصحة «بحر إدريس أبو قردة» بقوله: (مُش كدا يا أخت تابيتا ويا أبو قردة)، وتابع: (ولمن نتفاوض بنتفاوض من أجل الوطن وقضايا الوطن، ونجلس جميعاً عشان نحل قضايا الوطن والمشاركة مفتوحة والمنافسة مفتوحة، ونحن توجهنا توجه تبادل سلمي للسلطة، وأن لا يكون الوصول إلى السلطة إلا عبر صناديق الانتخابات وليس عن طريق البندقية أو الانقلابات أو غيرها). وأضاف: (عشان كدا نحن سعينا أن تحل هذه القضايا وجمع الصف الوطني بأن نتوافق على كل القضايا الأساسية سواء ثوابت وطنية أو دينية.. نتفق حولها ونتعاون مع بعضنا في الشيء المتفق عليه ويعذر بعضنا البعض في الشيء المختلف حوله، ولا يمكن أن يكون الناس على رأي واحد، لأن الناس لم تجمع على الكتب السماوية ولا أجمعوا على الرسل، لكن يجب أن يكون الحوار هو الديدن الأساسي لحل القضايا والوصول إلى حلول مرضية حول تلك القضايا).
ولم يدع الرئيس «البشير» السانحة تفوت دون أن يتطرق إلى لقاءات الحكومة خلال الفترة السابقة مع القوى السياسية، والإشارة إلى جهود الحكومة في إنهاء النزاعات والصراعات الدائمة في مناطق السودان المختلفة، وقال: (عشان كدا ملاحظين الأيام الفائتة نحن وجدنا تجاوب مع معظم القادة السياسيين المعارضين حول القضايا الأساسية، ومنها قضايا السلام والدستور، وكل القضايا الوطنية وقضايا الحكم، وكل الشعب السوداني عندو الحق يقول رأيه فيها من خلال أحزابه ومنظماته ومراكزه والجامعات، والمنتديات تكون الناس مفتوحة ليهم، ومن خلال أجهزة الإعلام المقروءة والمسموعة والمرئية الناس من حقها تشارك وتقول رأيها وبعد كدا الناس تتوافق، وما يخرج من توافق يكون هو برنامج لكل الناس). وأضاف: (نحن برنامجنا أن يكون العام 2014م هو النهاية لكل الصراعات القبلية والإثنية والتمرد، ونحن هدفنا أن نصل إلى عام 2015م، حيث الانتخابات العامة في مستوياتها المختلفة، وأن ندخلها بدون صراعات وبدون مناطق خارج دائرة المشاركة، وأن نتيح المشاركة للجميع، وأن تكون مساهمة عامة وانتخابات شفافة ونزيهة، ونحن عندما نتحدث عن انتخابات نزيهة وشفافة بنعتبر أن القُعاد في الكرسي هو عبادة لله تعالى، وتقرب لله تعالى، لذلك نحن لا نتقرب لله تعالى بالغش والخداع والتدليس.. نحن عايزين الشعب السوداني يقول كلمته ويقول خياراته، وهو الذي يقدم قياداته ويقتنع بأن كل إنسان ساهم مساهمة فعالة لاختيار القيادة الفعالة التي يثق فيها بقيادة يقدمها الشعب السوداني، ونريد للبقية أن تلتف حولها سواء أكانوا في الحكومة أو في المعارضة، وأن تكون معارضة وطنية هدفها المدافعة وتصحيح المسار وإظهار مناطق القوة التي نتعاون عليها معارضة وحكومة ومناطق الضعف نتعاون على إزالتها معارضة وحكومة، ونحن نريد أن نورث الشباب وطناً واحداً وموحداً وخالياً من الصراعات والنزاعات حتى ننقل التحديات التي تواجهنا الآن، وكيفية توحيد أهل السودان، ونعمل جميعاً على نبذ العنصرية والجهوية والعصبية والقبلية لأنها منتنة، ومن دعوى الجاهلية.. نسأل من هم الوقود والضحايا في كل الصراعات القبلية؟ نجدهم الشباب لذلك هم رأس الرمح في تحقيق السلام والاستقرار ورتق النسيج الاجتماعي، والبداية ستكون بأكثر المناطق تضرراً من هذه الصراعات وهي ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق قبيل نهاية 2014م، ونكون تعافينا منها تماماً ونضع أيدينا في أيدي بعض).
{ مشاهدات من القاعة الرئاسية
} الرئيس أبدى إعجاباً واضحاً بمقدم فقرات المؤتمر المذيع «عبد الله محمد الحسن»، واستحسن فيه بيت الشعر الذي ألقاه مصفقاً بيديه حين أنشد «عبد الله» لـ»أبي العتاهية»: (ألا ليت الشباب يعود يوماً لأخبره بما فعل المشيب).
} مساعدا الرئيس د. «نافع علي نافع» و»عبد الرحمن الصادق المهدي» جلسا متجاورين في الصفوف الأمامية.
} وزيرة الدولة بالكهرباء د. «تابيتا بطرس» ووالي ولاية شرق دارفور «عبد الحميد موسى كاشا» تفاعلا مع الكورال الذي قدم نشيد الراحل «سيد خليفة» (يا وطني) وكانت د. «تابيتا» أكثر حماسة من غيرها مع شباب المؤتمر.
} الفرق الشعبية والفولكلورية احتلت باحة قاعة الصداقة عن آخرها، وبدا الأمر أشبه بمهرجان فني وثقافي كبير.