موسم "هالة"
بدا لي أن الأستاذة “هالة عبد الحليم” زعيمة حركة (حق) قد اغتنمت بشكل ممنهج واقعة الذي عُرف في الأوساط الشعبية والإعلامية بخبر (البرادو)، فاحتلت “هالة” مساحات واسعة في صدر الصفحات الأولى، وحيزا عريضاً من فضاء (الإنترنت) هذا بخلاف ثرثرات المجالس. وقد ظننت، وبعد أن اتخذت لنفسها مساراً قانونياً تجاه مخاشنة تُصنف في إشانة السمعة والاغتيال المعنوي، إذ همَّتْ بمقاضاة الصحف التي نشرت الرواية، ظننت أن في هذا رداً موضوعياً، إذ من حق أي متضرر من نشر أو خلافه ردُّ اعتباره بالطرق القانونية المناسبة، وهذا في حد ذاته سلوك حضاري حقيق بالرعاية والعناية، ولكن قطعاً أنه ليس من صحيح الأخلاق توظيف حدث ما لنصب محاكمات ذات إسقاطات حزبية وخاصة على الآخرين.
زعيمة (حق) شخصية سياسية وناشطة في العمل العام؛ وبالتالي فإنها عرضة للنقد والمهاجمة والاعتراضات من خصومها ومناوئيها بمن فيهم رفاق كانوا أعضاءً مؤسسين معها في حزبها ثم فرقتهم عوادي الزمان، فما استطاب لأحدهم إلا القول لو أن لهالة بيوت أشباح لأدخلتنا إليها، والقائل هو الدكتور “الباقر العفيف” أحد رفاق الراحل “الخاتم عدلان” والعراب لحركة الحقانيين بالسودان وإن كره البعض هذا، وهي كذلك – وأعني زعيمة (حق) – ناشطة في المعارضة وبرزت حيناً من الوقت فكادت تصعد في المربع الذهبي لهيئة التحالف متجاوزة في ذلك رجلاً بتاريخ وعمر “فاروق أبوعيسى” الذي بالـ(حساب) حينما كان وزيراً في مايو، فإنها ربما تكون تلميذة بأحد رياض الخرطوم (2) وقد علمنا أنها من سكان تلك المنطقة، وبدت بذاك متفاخرة مبتهجة.
إشانة السمعة أو أياً كان مسمى ما تعتقد القانونية السياسية أنه طالها أو إحساسها بأنها تتعرض لعنف مجتمع ذكوري يحتقر (النوع) ويزري به حول قضيتها من مسعى لانتصار لصالح الحقيقة التي هي معركة ذاتية عنوانها (الأنا) فجميع الرجال في عرف تفاسير “هالة” إنما هم ضدها سواءً كانوا من صف الحكومة أو المعارضة. وقد حمدت الله أن السفير الهولندي بالخرطوم (امرأة) وإلا لكان هاجس التمييز (الجندري) أعظم، وتحولت غالب اتجاهات الأزمة لتفكيك مكانة المرأة في الرؤية الجمعية للرجال الأنانيين الحاقدين الذين يرفضون أن تولى عليهم …(بنت) !
في القضايا والاتهامات ذات الظلال السياسية لشخص رمز بالمعارضة أو الحكم لا يكفى وحده حكم القضاء، فهناك حكم الرأي العام الذي للأسف في حالة المعارضة السودانية فإن سجل مخازيها ووقوعها في الشبهات الخارجية في السنوات الأخيرة جعلها مدانة بكثير أقله الرشى، فمن قبل واجه أحد رموز المؤتمر الوطني المعارض الكبير “علي محمود حسنين” وعلى الهواء مباشرة في برنامج “فيصل القاسم” (الاتجاه المباشر) بفضائية (الجزيرة) ملوحاً بورقة قال إنها صورة من صك أو وثيقة تثبت تلقي (حسنين) دعماً مالياً من السفارة الأمريكية، فحار المناضل الكبير وبهت، وملايين السودانيين يسجلون النقطة لصالح الحكومة ويضعون نقطة سوداء أخرى على المعارضة.