تقارير

«موسى هلال».. تسجيل يثير الجدل على طريقة «بن لادن»!!

الشارع السياسي يردد صراحة وهمساً التفاصيل التي نشرت على الـ(يوتيوب) خلال الأيام الماضية، وتم نسبها إلى المستشار بديوان الحكم الاتحادي، زعيم قبيلة المحاميد «موسى هلال»، التي هاجمت وزراء ومسئولين في الحكومة، وكالت لهم اتهامات بالفساد، ورغم عدم تسمية المقطع الصوتي لشخص بعينه من الوزراء، لكنه هدد بالكشف عن الأسماء إذا اقتضى الأمر ذلك. والهجوم من خلال المقطع الذي يزيد عن الـ(50) دقيقة تركز بشكل مباشر على والي شمال دارفور «عثمان محمد يوسف كبر» إلى درجة وصلت إلى التهديد بالقتل.
إثارة وتشكيك
المستشار «موسى هلال» بدوره نفى علاقته بذلك التسجيل، وقال في بيان صدر عنه أمس الأول إن عملية (دبلجة) تمت على صوته والصورة الموضوعة على التسجيل في (الإنترنت). ونفى البيان علاقة «هلال» بالإساءات العنصرية والانتقادات الموجهة لوزراء في الحكومة التي وردت في التسجيل. وقال البيان إن مخاطبات الشيخ «موسى هلال» لم تتعدَّ الـ(15) دقيقة، بينما فاق التسجيل المنشور على (اليتيوب) الخمسين دقيقة، ولم يتوقف عند ذلك بل اتهم جهات بالعمل على نشر التسجيل على نطاق واسع –بحسب صحف الأمس- بهدف منع جهود السلام، وقال إن الصورة المرفقة مع التسجيل تعود للعام 2004م. بينما رفض والي شمال دارفور «عثمان محمد يوسف كبر» الحديث عن التسجيل الصوتي، وقال «كبر» لـ(المجهر): (لن أتحدث عنه وأترك الحكم عليه للقارئ والسامع ليصدر حكمه على السلوك والممارسة)، وقال «كبر» إن جهات أخرى معنية بالقضية أكثر من «كبر» نفسه.
ولعل الصراع حول صحة التسجيل الصوتي من عدمه تعيد الى الأذهان التسجيلات الصوتية المفبركة أو الصحيحة التي اشتهر بها زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن» من خلال مواقع البث المباشر أو على (الإنترنت) التي كانت الأكثر إثارة في السنوات الماضية، حيث انقسم الناس ما بين المصدق لصحتها والمشكك فيها أو من ينسبها إلى أجهزة المخابرات الأمريكية في سبيل البحث عن أسطورة «بن لادن» واتخاذها مدخلاً لضرب الجماعات الإسلامية المعارضة لها.
قصة «بن لادن»
أسطورة «بن لادن» التي حار معها العالم لسنوات طوال ظلت شفراتها تتفكك من خلال التسجيلات الصوتية التي تبثها القنوات الفضائية ومواقع (الإنترنت)، وتلك الأصوات شكك في صحتها الكثير من الساسة والخبراء في ذلك الوقت نظراً للصورة المرسومة عن مقدرات المخابرات الأمريكية وإمكاناتها التقنية العالية المنتشرة في جميع أنحاء العالم سواء بالأقمار الاصطناعية أو بالوجود البشري، ولكن آخرين كانوا يؤيدون صحة تلك التسجيلات ويستندون على الإيمان بأن «بن لادن» تحرسه العناية الإلهية الأقوى من تقنيات الـ(سي آي اي)، ويربطون في ذلك ما بين هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم الأولى ومخبئه في غار حراء، وما بين اختفاء زعيم تنظيم القاعدة.
وعلى كل فإن قصة «بن لادن» ما زالت لغزاً غامضاً في كثير من جوانبه، ولعل الرابط بينه وبين تناولنا للتسجيل الصوتي المنشور على (اليتيوب) هو طريقة استخدام الصوت وإثبات صحة علاقته بالشخص المعني. وعلمياً تعرف عملية (المكساج) بأنها تمثل دمج وخلط الصوت من (تراكات) عديدة تحوى أصوات وموسيقى ومؤثرات وأداء، أما المونتاج فهو عملية تتم بعد تسجيل الصوت أو الصورة في حالة مونتاج الفيديو والأفلام، وهي عبارة عن القص وترتيب المقاطع أو تكرارها أو حذفها أو إزالة الشوائب منها أو أزاله أجزاء لا تريدها في العمل.
ويقول الباشمهندس المتخصص في مجال الصوتيات ومدير شركة «سنك» للإنتاج التلفزيوني «طريف تاج السر» لـ(المجهر) إن أعلى التقنيات المستخدمة في مجال أنظمة الصوت تعرف بـ(البلوتوز) بجانب برامج مونتاج الصورة المختلفة، وقال إن التقنيات التي تستخدم في التلاعب بالتسجيلات الصوتية من شاكلة تسجيلات زعيم القاعدة «أسامة بن لادن» تحتاج لتقنيات عالية جداً وهي غير متداولة للعامة لارتفاع تكاليفها، وأضاف: (الكشف عن التلاعب بالأصوات عملية سهلة جداً بالنسبة للمتخصصين، وتعتمد على استخدام بصمات الصوت ومقارنتها مع الصوت الأصل).
تلاعب صوتي
الكثير من العاملين في القنوات الفضائية التي تستخدم الخلط بين الصوت والصورة بشكل يومي وعبر برامج مختلفة أكدوا وجود إمكانيات تقنية للتلاعب بالأصوات، ولكن بعضهم مضى الى التأكيد على سهولة الكشف عن ذلك من خلال وضع الصوت الأصل ومطابقته مع الصوت المدعى عليه عبر مسائل محددة من بينها مطابقة الحروف ونبرات الصوت وبيئة التسجيل والمؤثرات المستخدمة في الصوت المسجل، وأصوات الطبيعة المحيطة بمكان التسجيل.
ويقول مدير مكتب قناة تلفزيونية عالمية عاملة بالسودان يفضل حجب اسمه إنهم كثيراً ما يقومون بمعالجة الصوت داخل الأستديو في خاتمة التقارير، ويؤكد أن المعالجات تصل إلى حد التطابق في أحيان كثيرة، ويخالفه مدير مكتب قناة أخرى عاملة بالسودان في ذلك، ويقول إن التلاعب بالصوت ممكن ومتاح تقنياً، ولكنه لا يمكن أن يكون بمستوى متقدم بحيث يصعب الكشف عنه، ويؤكد أن تلك التسجيلات ذات كلفة عالية وتحتاج لتقنيات وأجهزة متقدمة، ويضيف بالقول: «تلك الأشياء غالباً تستخدمها أجهزة المخابرات العالمية»، ويمضي إلى أن التشكيك الوحيد في التسجيلات الصوتية المنشورة على وسائل الإعلام كان في صوت زعيم تنظيم القاعدة «أسامة بن لادن»، ويقول إن التلاعب وتركيب الأصوات ممكن ولكنه يحتاج لتوفر عشرات الآلاف من الأصوات الأصل ليتم تقطيع حروفها ووضعها منفردة ليتم تركيبها مرة أخرى.
بينما يقول فني مونتاج ومكساج عامل في قناة محلية فضل حجب اسمه، إن نظام «الأوديشن» يعد أحد برامج الصوت المستخدمة في السودان والتي تمكن من التلاعب بالأصوات وإدخال عمليات قطع ومكساج عليها من خلال استخدام الصوت الأصل، ويقول إن الكشف عن عمليات التلاعب سهلة جداً تقنياً من خلال قياس مخارج الحروف في التسجيلات المختلفة.
داخل الحوش
الخلافات التي ظهرت في السطح بين قيادات المؤتمر الوطني ومن بينها خلافات المستشار «موسى هلال» مع والي شمال دارفور «عثمان كبر» لم تكن الأولى، رغم أن الرجلين تبادلا الاتهامات عبر صفحات الصحف.
ويبدو أن الخلافات داخل حوش المؤتمر الوطني بين قياداته في الوقت الراهن تحتاج إلى استخدام الوصفة التي أعلن عنها مساعد رئيس الجمهورية، نائب رئيس المؤتمر الوطني لشئون الحزب الدكتور «نافع علي نافع» خلال انتخابات أبريل من العام 2010م التي خرج فيها عدد من قيادات المؤتمر الوطني على مستوى الدوائر الجغرافية على الحزب، وأعلنوا ترشحهم مستقلين ما جعل «نافع» يقول في تلك الأيام إن حزبه حضر (بندول) يداوي به الخارجين عليه.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية