أخبار

الحرية للبترول والسوق

} أقبلت الحكومة أخيراً على القرار الصعب برفع الدعم عن المحروقات والقمح، وذلك لسببين، الأول عجزها عن الوفاء باستحقاقات وظيفة الدولة التقليدية والصرف على الأمن والدفاع، بسبب الحرب التي أهلكت الحرث والنسل، وأهدرت القليل من الموارد.. والسبب الآخر لرفع الدعم الاستجابة لوصفة صندوق النقد الدولي ووعوده بالنظر في إعفاء ديون السودان إن أقبل على ما يسمى بالإصلاح الهيكلي للاقتصاد الوطني.. وبات المؤتمر الوطني بكل أجهزته مقتنعاً بمبررات رفع الدعم عن المحروقات ويقف معه سياسياً شركاؤه في السلطة من الأحزاب.. فيما تقف المعارضة في الضفة الأخرى وتسعى (لاستثمار) عاصفة ما بعد إعلان رفع الدعم عن المحروقات للتحرش بالنظام، وإثارة الشارع كما فعلت العام الماضي.. وهي تتصيد الفرص لإسقاط النظام مثلما وكل المعارضات في الدنيا.
} بات قرار رفع الدعم مسألة وقت وتدابير إخراجية.. وبعض قيادات المؤتمر الوطني ومنهم القطاع الاقتصادي يتخذون الرئيس “البشير” (درقة) يحتمون به ويدفعون باتجاه أن يتولى الرئيس بنفسه إعلان السياسات الاقتصادية بزعم أن الرئيس (متفق) عليه ولا تملك أية جهة معارضة ما يعلنه، خاصة داخل حزب المؤتمر الوطني وحلفائه، وهؤلاء يضعون الرئيس في وجه العاصفة ويغلقون على النظام نوافذ التراجع عن تلك السياسات في حال واجهتها الجماهير بالرفض.
} وتيار آخر واقعي في رؤيته يضع على عاتق وزير المالية ومساعديه مهمة إعلان السياسات الجديدة لتدعم الحكومة وحزبها تلك السياسات، ويضمن المؤتمر الوطني من خلال هيئته البرلمانية (مرور) التعديلات بالأغلبية الساحقة.. بل أن يتوجه النواب للولايات للتبشير بتعافي الاقتصاد من أمراضه القديمة.
} حزمة السياسات التي تعتزم الحكومة إعلانها أصبحت (أمراً) واقعاً ولا بديل أمام الحكومة إلا الخيارات الصعبة والجراحات المؤلمة، ولكن هل تشمل القرارات الوصفة العلاجية الحقيقية، أم تأخذ ما يليها من تحسين لإيراداتها (لفك) ضائقتها الحالية ولا تجرؤ – للمعالجات الأخرى – على إطلاق حرية السوق بإلغاء كل القيود المفروضة على التجارة الداخلية، واتخاذ بنك السودان سياسات نقدية جديدة بفتح نوافذ التجارة وحرية فتح حسابات بالعملات الصعبة للسودانيين والأجانب، وأن لا يفرض البنك المركزي سياساته التعسفية التي تحول دون سحب رجال الأعمال من حساباتهم بالعملات الأجنبية إلا إذا أبدلوها بالجنيه السوداني، حتى تصبح بلادنا جاذبة لرأس المال المهاجر، وأن لا تصادر حملات تجار العملة دون وجه حق وإيداعهم السجون لمجرد ممارسة مهنة عصرية لا يحرمها الشرع.. والإصلاح الاقتصادي يقتضي انسحاب الحكومة من سوق العقار وتجفيف الشركات التي تملكها الأجهزة النظامية.. وأن تختفي صور عربات القوات النظامية وهي تحمل أطناناً من (الحطب) و(الفحم) في طريقها للخرطوم.. تلك هي الوصفة المنتظرة لعلاج اختلال الأوضاع الاقتصادية، وقبل ذلك ثمة شرط وجوب لنجاح اقتصاد السوق وحرية التجارة، فالاقتصاد الحر لا ينمو ولا يزدهر في نظام سياسي شمولي يقمع الرأي ويصادر الحريات ولا يؤمن بالتعددية والديمقراطية!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية