عندما ينسف (الوزير) ما بناه (الرئيس)!!
} من الأفضل للسيد وزير المالية “علي محمود عبد الرسول” أن يستغل ما تبقى له من وقت في مقعد الوزير لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من الميزانية المرتبكة، عسى ولعل أن يجد مخرجاً لمعالجة أزمته هو في إدارة الاقتصاد السوداني – وليس أزمة الاقتصاد – غير برنامجه المسمى زوراً وبهتاناً (الإصلاح الاقتصادي) الذي يعتمد بشكل أساسي على زيادة أسعار (المحروقات)، ليرتفع سعر جالون (البنزين) من (12.5) جنيهاً إلى نحو (18) جنيهاً..!! كيف يكون هذا (إصلاحاً اقتصادياً)؟! بل هو (خراب بيوت) جميع أفراد الشعب السوداني، حتى ولو كانت الزيادة (جنيهين) فقط، لا خمسة جنيهات ونصف الجنيه!!
} أليس في هذا الحزب (الحاكم) علماء وخبراء (اقتصاد) وراشدون ومحللون (سياسيون)، ليوقفوا هذه القرارات (الكارثة)؟!
} يظن السيد وزير المالية أن لقاءاته مع بعض الأحزاب والقوى السياسية (المعارضة) ستجعله يكسب تأييداً لمثل هذه القرارات!! إذن هو لا يفهم شيئاً في السياسة!!
} فقبل أن يجتمع بقيادة (الحزب الشيوعي)، أصدرت بياناً كشفت فيه أن وزير المالية طلب مقابلتهم بشأن الإجراءات الاقتصادية، فرحبوا باللقاء ولكن في (دارهم)، غير أنهم أعلنوا رفضهم القاطع لأي زيادات في أسعار (المحروقات)، بل ودعوا الشعب السوداني إلى مقاومتها بكافة أشكال (النضال السياسي الجماهيري)!! الحزب الشيوعي لم يقر في بيانه بأن هناك (دعم) – أصلا – للمحروقات.
} حزب الأمة القومي بقيادة الإمام “الصادق المهدي”، يبدو أنه بدأ حركة (انسحاب تكتيكي) من أجواء ومخرجات لقاء الرئيس “البشير” بالصادق، الذي سادته روح وفاقية غير مسبوقة، فإذا بالحزب يتهيأ لمرحلة (زيادة الأسعار) ببيانات ومؤتمرات صحفية تحذر من قرار (رفع الدعم) وتتوقع للحكومة مصائر أنظمة “مبارك” و”بن علي” و”القذافي”!! حزب الأمة انتقد ما تردد عن موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي (الأصل) المؤيد للزيادات، فإذا بالاتحاديين يخرجون ببيان من مكتب (مولانا) “الميرغني” يوضحون فيه أنهم لم يتخذوا موقفاً بعد، وأن رئيس الحزب شكل لجنة من الخبراء لتقييم القرارات الاقتصادية المرتقبة، وأن اللجنة بدأت اجتماعاتها بالفعل.
} تحالف (المعارضة) بقيادة “فاروق أبو عيسى” ولسان “كمال عمر” المحامي أكد أنه سيقاوم تلك القرارات باعتصامات جماهيرية في الميادين!!
} السيد وزير المالية لا يفهم أن قرارات (الإصلاح) المزعوم، تشكل فرصة ذهبية ثمينة للمعارضة، لا يمكنها التفريط فيها، حتى ولو كانت أفكاره وأرقامه صحيحة مئة في المئة.
} قرارات رفع الدعم عن (المحروقات) ستؤدي – طبقاً لتصريحات اتحاد المخابز – إلى زيادة أسعار (الخبز) وتخفيض أوزانه، حتى ولم تزد أسعار القمح، وذلك بسبب رفع أسعار الجازولين.
} كل ما أنجزه السيد رئيس الجمهورية خلال الأسابيع القليلة الماضية من خلال اتصالاته السياسية (المباشرة) بالسيدين “الصادق المهدي” والدكتور “حسن الترابي” وغيرهما، وما تبع ذلك من انفتاح سياسي ملموس، وهدوء مُبشر في الساحة الداخلية، وتوقعات بتقارب كبير بين (الوطني) و(الشعبي)، واتفاق على الثوابت الأساسية مع حزب (الأمة القومي)، كل ذلك تهزمه مجرد فكرة (رفع الدعم عن المحروقات).
} الآن.. حزب الأمة يتحرك ناحية نقطة ما قبل لقاء “البشير” و”المهدي”!! ولا شك أن “شيخ حسن” يضرب الآن (أخماسه في أسداسه).. أما (مولانا) فإن مؤشر تردده سيزداد اضطراباً.. هل سيبقى بالحكومة القادمة.. أم ينسحب؟!
} أنا أتعجب ماذا يفعل (القطاع السياسي) في (المؤتمر الوطني)؟! إذا كان رئيس القطاع يقول إن البنزين يستفيد منه (الأثرياء).. فلماذا لا يرفعون عنه الدعم ؟!! إذا كانت هذه هي رؤية (القطاع السياسي)، فيبدو لي أن المشهد مظلم للغاية..
} نسأل الله لبلادنا السلامة.