آليات الضمان الاجتماعي!!
بات أمر رفع الدعم عن المحروقات، البنزين عاجلاً والجازولين آجلاً، أمراً منتهياً، ويضاف إليهما القمح. ويبدو أن المؤتمر الوطني قد اعتزم ركوب الصعب واستعان في ذلك بموافقة، لست أدري هل هي شفهية أم مكتوبة، من الأحزاب المشاركة معه في الحكم، التي زعمت أنها راجعت قواعدها، وهذه كذبة (بقلاء) بالطبع، لأننا جميعاً نعلم أن أغلب تلك الأحزاب لا تمثل إلا حصتها في الوزارة، ولكن حيث إن المؤمن صديق، فليكن.
وبشأن مسألة رفع الدعم، فمن الواضح أن الحكومة (عملت كوبري) للمجلس الوطني، إذ إن القرار والتوجه سيذهب إلى هناك لإجازته ولا سبيل لرده بأية حجة، رغم أن المفهوم في مثل هذه الأمور أن يكون موقف المجلس ورأيه محل الاعتبار، لكونه الأكثر قدرة على تمثيل المواطنين من الأحزاب. ولكن مما نرى، فإن البرلمان وضع أمام القرار النهائي، ولا يملك سوى التضجر وقليل هتافية من هنا وهناك يستعرض فيها بعض النواب عضلاتهم الخطابية، ثم ينتهي العرس وينفض بانتصار عريض للأخ وزير المالية والاقتصاد الوطني و”صابر محمد الحسن”، لجهة أنهما أكثر المتحمسين لهذه الخطوة، وسينامان الآن بعد فرض الأمر، ويتركان للدكتور “نافع علي نافع” نائب رئيس المؤتمر الوطني، والفريق أول “محمد عطا المولى” مدير جهاز الأمن حساب الأرباح والخسائر، والتحسب لطارئات الوضع الأمني والسياسي الذي قد يفرضه واقع رفع الدعم من انفلات للأسعار ومزايدات يتكسب منها بعض الذين يتربصون بالحكومة، ممن لن يجدوا سانحة أروع من هذه لإثارة الشارع.
ذرة الرحمة المنتظرة في هذه الإجراءات ستكون في تفعيل آليات الضمان الاجتماعي، وهي قصر مشيد لكنه معطل البئر، لأن هذه الآليات مكبلة بالبيروقراطية المملة، كما أنها قد تستطيع الإحاطة بكامل الآثار الجانبية على الفقراء، ودونكم برنامج التمويل الأصغر الذي لا يزال عالقاً في كونه نظريات توجد في ورش البنوك وأهل الشأن الاقتصادي أكثر من كونه مشروعاً يمشي بين الناس، وهو في واقع الأمر مشروع فاشل وفاشل، لأن الدولة ببساطة عاجزة عن إلزام البنوك بتفعيله، لأن تلك البنوك والمصارف تضن بالمال ولو كان عشرين ألفاً أو ثلاثين على طالب التمويل إلا بعد وضع (شيك) ضمان بقيمة التمويل، وهو شرط تعجيزي.. والغريب أن كبار المسؤولين بالحكومة يتحدثون عن رفض هذا، وقد قال بهذا الأستاذ “علي عثمان محمد طه” النائب الأول لرئيس الجمهورية، ولكن البنوك لم تستجب!!
إن التعويل على آليات الضمان الاجتماعي في تدارك الآثار الجانبية لرفع الدعم مجازفة كبيرة، وهو ما يعني أن كثيراً من العمل والمراجعة لتلك الآليات مهم وبشكل عاجل، وإلا فإن الحكومة تراهن على مؤسسات رمزية أو هي أعجز عن إقالة عثرة المواطنين لأنها ببساطة آليات تخدم (العاملين عليها) أكثر من عملها لصالح المواطنين.
عموماً.. نسأل الله تعالى خير هذه القرارات.. وعسى أن تكرهوا شيئاً..!!