الديوان

«أسامة بابكر».. أنامل تتشبث بـ(البيكلو) وتراهن عليه!!

ولد الموسيقار “أسامة بابكر” المعروف بـ(أسامة بيكلو) في 1958م بمنطقة الحلة والقوز، التي تعدّ من الأحياء العريقة، وهي أول منطقة جنوب السوق العربي. وكانت تعرف باسم (حي المزيكا) وذلك للعدد الكبير من الموسيقيين الذين يسكنون ذلك الحي، ولتأكيد هذه المعلومة فقد منحت الحكومة (25) منزلاً لـ(25) موسيقياً يسكنون ذلك الحي منذ أواخر الأربعينيات تكريماً لهم كقوة دفاع السودان.. ومن أشهر تلك الأسر الموسيقية (آل دوكة).. و(آل خير الله) الذين كانوا حتى الثمانينيات ضباطاً في سلاح الموسيقى، ومن أحفادهم العالم الموسيقي المخضرم “موسى محمد إبراهيم”.
وكانت المنطقة تشكل مصنفات أدبية تمنح الإجازة للفنانين وأهل الموسيقى، وإذا لم تصفق لك الحلة والقوز فعليك أن تسلك طريقاً آخر غير الغناء والموسيقى، وما يميز تلك المنطقة أيضاً أنها تمثل سوداناً مصغراً يضم السحنات والجنسيات كافة مما جعله حياً مميزاً.
أول شرارة لولوج “أسامة بيكلو” مجال الموسيقى أطلقها الموسيقي “موسى محمد إبراهيم” الذي يعدّ الرجل الثاني الذي عزف على آلة الـ(بيكلو) في السودان، وكان بمثابة الملهم للموسيقي الشاب “أسامة بيكلو”، حيث أهداه آلة الـ(بيكلو) للعزف عليها!
ويعدّ “أسامة بيكلو” من خريجي مدرسة الموسيقات العسكرية أي (سلاح الموسيقى) الذي بدأ فيه تلميذاً ثم معلماً، ثم ابتعث إلى معهد الموسيقى والمسرح في 1975م وبعد تخرجه انضم إلى فرقة الفنان “صلاح بن البادية” كأول فنان تعامل معه، ثم “وردي”، و”محمد الأمين” ومن ثم جميع الفنانين ما عدا “الكاشف” و”الفلاتية” حسب ما قاله “بيكلو”.
هاجر “بيكلو” إلى دولة الإمارات معلماً للتربية الموسيقية، حيث قضى (13) عاماً اكتسب خلالها خبرات ثرة، ثم عاد في 1992م وانضم لفرقة الفنان صلاح بن البادية وهي المرحلة التي بدأت تتشكل فيها ملامح “أسامة” وحصد خلالها جمهوراً، وهنا بدأت مرحلة تعامله مع الموسيقى البحتة.
يقول “بيكلو” إن مشكلة الموسيقى في السودان أنها كانت في إطار الغناء ولم يكن لها حيز خاص كموسيقى على الرغم من أهميتها لرفع الذوق وشحذ الهمم. ويضيف إن الذين سبقونا، “برعي أحمد دفع الله”، “أحمد مرجان” و”محمد إسماعيل بادي”، كانوا يسبحون عكس التيار، فالموسيقى عالمياً لغة لم تجد حظها في السودان، ولكن تجربة كل من “حافظ عبد الرحمن” و”عثمان محيي الدين” و”الفاتح حسين” جعلت الموسيقى تمشي بين الناس!
ونلحظ الاجتهادات التي يقوم بها “أسامة بيكلو” بجانب “عثمان محيي الدين” و”الفاتح حسين” وغيرهم في إيجاد مواعين لطرح الموسيقى البحتة، باعتبارها لغة عالمية تساهم في نشر ثقافة السلام والمحبة بين الناس دون حواجز.
ويقول “بيكلو”: لقد ظللنا نفتح المنافذ العربية العالمية على حسابنا الخاص دون أن نتلقى أي دعم من الدولة، بل نعمل ذلك باجتهادات فردية، بجانب ما نتلقاه من دعم من قناتي (الشروق) و(النيل الأزرق)، عدا ذلك فالأبواب موصدة. ويضيف: لكن استطعنا أن نلفت نظر (الخواجات) الذين بدأوا يقدمون لنا الدعوات للمشاركة في المهرجانات العالمية، وهذا في حد ذاته نصر للموسيقى السودانية تحقق بجهد المقل.. ويستطرد “أسامة بيكلو”: لقد شاركنا في مهرجانات على مستوى العالم في هولندا، ألمانيا وأسبانيا وذلك عبر شركات لتسويق الموسيقى عبر القارات، مما أضاف لنا خبرات احترافية جعلتنا مطلباً عالمياً!! وهنا لابد أن نثمن دور الفنان العالمي “عبد القادر سالم” الذي أحدث دهشة في أوساط العالم الغربي، ولكن للأسف لم يعترف بنا عربياً!
المعروف أن “أسامة بيكلو” أصدر ألبومه الأول (شيء في الخاطر) كموسيقى بحتة على آلة الـ(بيكلو)، ويعدّ أول ألبوم عالمي على هذه الآلة ينتجه (ولد سوداني) مما يشكل فخراً لنا وله.. خاصة أن (شيء في الخاطر) وجد رواجاً مدهشاً في أوروبا، ولم يكسب منه “أسامة بيكلو” سوى ربح المحبة والانتشار والعالمية.
ويقول “أسامة” إنهم كموسيقيين يسعون إلى إيجاد مواعين تستوعب مستمعي الموسيقى، كما نحتاج إلى رعاة ومسرح متخصص، لأن الموسيقى تحتاج إلى أدوات مساعدة تختلف عن الغناء، بجانب تأهيل الموسيقيين!! فالموسيقى تحتاج إلى صناعة.
ولكن بعد (شيء في الخاطر) فشل “أسامة” في إصدار ألبوم جديد، نسبة لضيق ذات اليد وعدم إيجاد الدعم المناسب، والاعتراف بأهمية الموسيقى لدى الجهات المسؤولة، رغم تغلغلها في وجدان الشعب السوداني.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية