أخبار

(الحربة) و(الزمل)..!!

يخطئ السيد “الخير الفهيم” رئيس اللجنة الإشرافية المشتركة من جانب حكومة السودان لمنطقة أبيي، يخطئ كثيراً إن ظن أن التزامات السفراء الأجانب ومناديب الاتحاد الأفريقي في لقاءاته التي جرت مؤخراً يمكن أن تعني أن دولاً مثل بريطانيا وأمريكا وغيرها ملتزمة بما قاله أولئك الدبلوماسيون له في شأن اعتزام الجنوب طرح استفتاء أبيي على المواطنين في أكتوبر المقبل، رغم أن ذلك يتعارض مع اتفاقية الترتيبات الأمنية والإدارية وبروتوكول أبيي وقانون استفتاء أبيي لعام 2009م، لأن أولئك السفراء ببساطة مهمتهم تطييب خاطر أي داخل عليهم. ولو أنهم بعد “الفهيم” التقوا “لوكا بيونق” لكان القول إنهم يدعمون قيام الاستفتاء في أكتوبر!
الجنوب وممثله في اللجنة ذاتها، يجري تحركهما بشكل أكثر إشارة إلى استيعابهما أهمية تعزيز موقفهما، لا يشغلان أجندتهما بالسفراء والممثلين، وقد التقيت وصادفت “لوكا بيونق” في العاصمة الأثيوبية أكثر من خمس مرات، في زيارات (يحوم) خلالها في ردهات الاتحاد الأفريقي شارحاً رؤيتهم، متواصلاً من بعد عبر الكتابة والسمنارات مع مراكز البحث الأوروبية والكتل البرلمانية والحكومات الغربية، لأنه يدرك أن القرار واتخاذ موقف بحجم هذه القضية الشائكة لا يتخذه (سفير) أو (ضابط علاقات عامة) بسفارة ليكون قوله فتحاً على نحو ما يسوق “الخير الفهيم” لمحصلة لقاءاته الأخيرة، إذ أكثر من التصريحات بأن البلد (الفلاني) يدعم (عدم) قيام الاستفتاء أو الوطن (العلاني) يؤيد موقف الخرطوم.
ميقات الاستفتاء وفعله، مقترح قدمته هيئة الاتحاد الأفريقي ووافق عليه مجلس السلم والأمن الأفريقي في يوليو الماضي، وأوصى بأنه لا مناص سوى التنفيذ الكامل لمقترحها حول الوضع النهائي لأبيي بما يتوافق والجدول الزمني المقترح (ما لم) يوافق البلدان على إدخال تعديلات عليه، ولهذا فإن المدخل الصحيح لاستدراك إرجاء الاستفتاء أو تعطيله، أو أياً كانت الصيغة، يكون بتركيز العمل والجهد، ثم التواصل السياسي مع الجهة صاحبة الاقتراح، مع الأخذ في الاعتبار موقف حكومة الجنوب، التي مع التطورات الإيجابية في علاقاتها والخرطوم، فإنها حسب ما أتوقع ستكون مرنة في التوصل إلى تفاهمات في سياق الانفراج العام في علاقات البلدين.. وبخلاف ذلك، فإن (الحربة) ستركب (الزمل) كما يقول (البقارة) في مثلهم العامي الذائع، ولات حين قيمة لاحتجاج أو اعتراض، وأضمن لكم أن أياً من هؤلاء الذين بشروا “الفهيم” بأنهم يتفهمون موقفه، سيكون في موعد مع التزامه.
الموقف على مستوى قيادات البلدين، مقروءاً مع قمة الخرطوم الأخيرة، يبدو أنه قادر على تجاوز عقبة أبيي، ولكن كيف ذلك؟ فليس من مؤشرات محددة يمكن القياس عليها، وإن كنت أعتقد أن التيار المتشدد من أبناء أبيي بالجنوب، خاصة الذين خرجوا أو أخرجوا من الحكومة، سيلعبون بورقة أخيرة هدفها– بأية طريقة- وضع الأمم المتحدة المنطقة تحت وصاية المنظمة الدولية حتى إجراء الاستفتاء لتقرر وضعها النهائي.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية