رأي

احذروا الفيروس اللعين!

وتأتي أخبار البارحة بأن الرئيس “أوباما” رئيس الدولة الأقوى في العالم ينذر بتوجيه ضربة إلى سوريا وينتظر الإذن من برلمان دولته (الكونغرس). أفهم أن يطلب إذن مجلس الأمن باعتباره الجهة الرسمية المنوط بها أمن كل دول العالم! هل هي رسالة تؤكد مقولة (حكم القوي على الضعيف) أم هي رسالة لكل دول العالم تؤكد أنه (الكبير)؟ أم أنه يود أن يقول (بلا مجلس أمن.. بلا أمم متحدة والما عاجبو يشرب من البحر)، أم هي رسالة لسوريا التي حالها لا يسر عدواً ولا صليحاً.. المهم خلينا نشوف! نشوف شنو؟ ما الفيلم مدور والعروض مستمرة على امتداد الوطن العربي.. طيب يا جماعة الخير هي سوريا ناقصة ضرب عشان يعلن “أوباما” الضربة الوشيكة.. وتداعيات الخبر برجلت الدنيا فها هم السوريون على (ملا وشهم) يفرون عبر الحدود للدولة الجارة تركيا.. وهذا يعني أنهم غصباً سيغادرون ديارهم لاجئين إلى دولة جارة.. طيب والدولة الجارة هل ستكرمهم باللجوء والذي هو فاتورة معلومة وعبء على الحكومة التركية! وإلى متى يدوم لجوؤهم؟ وبيوتهم والأولاد الفي المدارس وأعمالهم التي كانوا يمتهنونها وأرزاقهم؟ والله الأمر محير وغاية في التعقيد!
وتطل روسيا بأخبار مش بطالة، الرئيس “بوتن” يصرخ بأنه لن يصوت إذا طرح الأمر للفيتو.. وروسيا من الدول الخمس التي تملك حق الفيتو.. طبعاً روسيا إحدى الدول العظمى.. وبيني وبينكم (حكاية الفيتو دي) برضو مسرحية سخيفة، ووضح بما لا يدع مجال للشك إنو الدايراهو أمريكا بتسويهو! وبرضو ده يؤكد إنو كونها المنظمة المنوط بها أمن الدول الأعضاء، كلام ساكت ومضيعة لمئات المظالم التي رفضتها العديد من الدول المفترى عليها، ودونكم فلسطين ودولة الكيان الصهيوني، أها شن قولكم في القرارات التي وصلت أعدادها لأرقام فلكية، ماذا حدث في إنفاذها؟ هل يتذكر القارئ الكريم أي قرار تم تنفيذه في حق فلسطين؟ هل قامت القوات الأممية في أي يوم من الأيام بتهدئة الأوضاع في أي دولة حدث فيها شجار وحرب وأعادت تلك القوات المتحاربين من أهل تلك الدولة إلى جادة الطريق وجنبتهم ويلات الحرب وما تنتجه من دمار للعمران وإزهاق للأرواح البشرية؟
طيب.. الريس الروسي؟ هل يملك القوى التي تجعله يقول لأمريكا (فتحي عينك نحن هنا)! زمان طبعاً عقب الحرب العالمية الثانية وقبل انهيار الاتحاد السوفيتي كانت روسيا تستطيع أن تقول للمعسكر الرأسمالي الغربي (فتحوا عينيكم نحن هنا)، هل لملمت روسيا أطرافها وأعادت بناء ترسانتها العسكرية لتنهض من جديد وتحدث هذا التوازن؟ أم الأمر جس نبض أو سيناريو آخر تصنعه القوى الأحادية لتجمل وجه غطرستها وتسلطها على خلق الله من الدول الفقيرة النامية؟.. والتي لا تريد من الدنيا سوى الستر والعيش الكريم مثل حالنا نحن أهل السودان! بعدين شنو قصة الكيماوي الظهرت فجأة في حرب ناس الشام؟ هل تستطيع سوريا أن تصنع مثل هذا السلاح؟ أشك في ذلك، وأرجح أن الأمر سيناريو آخر ليبرر التدخل السافر في قضية سوريا التي أصبحت مادة أخبار قنوات العالم الفضائية بشتى مكوناتها وتوجهاتها.
وسمعنا أن هناك عدداً من القنوات تعمل لحساب (الكبير أوي) وبعضها ينطلق من فضائيات عربية.. أها رأيكم شنو؟ بعدين ما بتتفقوا معاي في أن مسألة محاربة الإرهاب برضو ورقة مكشوفة؟ أقطع ضراعي لو ما كلامي صحيح! ودونكم حكاية العراق، تتذكروا إنو أمريكا تدخلت بحجة امتلاكها لأسلحة الدمار الشامل والأسلحة الكيماوية. طبعاً ما تنسوا دكتور “البرادعي” الخبير في هذا الشأن ولجنته التي كانت حديث الأخبار.. بالمناسبة الزول ده بعد ما ساب أمريكا رجع بلدو مصر وظهر كشخصية سياسية مهمة كادت أن تصل لسدة الحكم بعد استيلاء العسكر على الحكومة المنتخبة من قبل الشعب المصري والمفترى عليه الرئيس المقال د.”محمد مرسي” فينك يا “برادعي” فص ملح ودبت، أم تحت الرماد وميض نار؟
طيب في العراق هل عثرت حقيقة لجنة “البرادعي” على أسلحة دمار شامل؟ الأخبار جاءت في ذلك الحين تؤكد خلو العراق من تلك الأسلحة لكن الذي حدث ويحدث في العراق مأساة يدفع الإنسان العراقي ثمنها كل يوم.. والرئيس “صدام” راح في الرجلين.
اقتلعوه من حفرته تلك ليعدم أمام أهله، وليت حال العراق تبدلت للأحسن، فدونكم ما يفتعل فيه من مشاكل ما أنزل الله بها من سلطان! وحتى اللجنة التي بعثتها الأمم المتحدة للتحري حول استخدام الجيش السوري للسلاح الكيماوي كانت نتيجتها ضبابية إذ ذهبوا بعينات من ذلك السلاح إلى أوروبا لبحث كنية السلاح فيما إذا كان كيماوياً أم لا! في حين أن أمريكا قالت (أنا قلت كيماوي وخلاص)! طيب يا جماعة الخير دا بيؤكد أن أمريكا لا تحفل بلجنة الأمم المتحدة، ولا تحتاج إلى إذن مجلس الأمن لتضرب سوريا! والله أنا محتار ومخي خلاص داير يطرشق، رحم الله الروائي العظيم “نجيب محفوظ” الذي رسم لنا شخوص الحرافيش والفتوات والشفتة في المجتمع المصري.. الفتوة يحمل هراوته الضخمة يجلس على القهوة ينفث من شيشة دخاناً كثيفاً ويبرم في شنباته ينتظر صبيانه ليأتوه بالأتاوات المفروضة على تجار المنطقة التي تقع تحت دائرة اختصاصه، واليوم “الأسود” لذلك التاجر الذي يتأخر عن دفع المعلوم بل الدبان الأزرق ما يعرفلوش طريق جرة لو ذهب إلى الحكومة يحكي ويشكو حاله! وأظن أن الدنيا تواجه فتوة وبلطجي يضاهي فتوات وحرافيش “نجيب محفوظ”.
طيب نفرض أن أمريكا نفذت ضربتها المحتملة حتضرب وين ومنو، والرصاص لا يميز بين المقصود بالضربة امرأة، طفل، شيخ، عسكري، طيب ده ما دمار شامل برضو؟! ونفرض أن “بشار” تنحى أو جاتو مصيبة، هل نقول: ما أشبه الليلة بالبارحة؟، ويحدث ما يحدث الآن في ليبيا أو العراق أو تونس أو اليمن! غايتو الله يستر فالمشهد الذي أمامي وأراه كل يوم يوشك أن يفقدني عقلي ويذكرني ببيت شعر لأشعر شعراء العربية “المتنبئ” الذي يقول فيه:
كلَّما أنبتَ الزمانُ قناةً..
ركَّب المرءُ في القناةِ سنانا..
صدقت فالأشجار تنمو للخير فيقطعها الإنسان، ويثبت عليه (كوكاب) أو حربة ليقتل بها أخاه الإنسان، ومطلب الإنسان في هذه الفانية أصغر من أن نتعادى فيه لنقتتل.. أسأل الله أن يبعد عن أهل السودان هذا الفيروس اللعين. آمين يا رب العالمين.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية