الصومالي «عبد الفتاح»: أحبَّ سوداني إحدى فناناتنا فذاعت قصتهما في أغنية شهيرة !!
«عبد الفتاح أشكر نور» الصومالي الجنسية أحد من الذين رفدتهم جامعة (إفريقيا العالمية) بغزير علمها المتنوع وهي بمثابة وعاء جامع لكم مقدر من الطلاب الأفارقة والعرب، و«أشكر» الذي تخرج من بين ظهرانيها، وقبل أن يشد لجام ناقته مرتحلاً لبلاده عبأ سنامها بما أحبه ولفت نظره من طقوس واجتماعيات وثقافة أهل السودان، فضلاً عن عشقه لعدد من الشواهد والمنابر البارزة فيه، ومن بينها صحيفة (المجهر) التي ولع بها، مشيداً بخطها التحريري وصفات أخرى نعرض إليها لاحقاً، وبلغ به العشق حد إقتنائه واحتفاظه بكل أعدادها التي صدرت وابتداءً بباكورتها مقتفياً أثر رئيس مجلس إدارتها مذ كان بـ(آخر لحظة) ثم (الأهرام اليوم).
«عبد الفتاح» تحدث بذاكرة متقدة تبرق الأرقام من بين وهجها حال تطرق الحديث للكم وللكيف موازين أخرى مثقلة بتاريخ ثقافي حافل، مختزل من ثقافة الشعبين، ولا غرو في ذلك والشاب قد درس الإعلام واتخذه منبراً يمدد بصره وبصيرته من خلاله يجمع منه في جعبته الكثير والمثير للفضول، (المجهر) سلطت عدستها نحوه وعكست المحصلة التالية.
(المجهر) في الصومال
من أصول صومالية بحتة ومن رحم العاصمة (مقديشو) خرج «عبد الفتاح أشكر»، مراحله الدراسية كانت في كل من (اليمن) و(الصومال) وليس انتهاءً بالسودان دارساً للإعلام في جامعة (إفريقيا العالمية)، ثم عمل في موقع يعرف بـ(الصومال اليوم) وموقع (الشاهد الالكتروني)، بعدها تفرغ للعمل في موقع (الجزيرة نت)، فضلاً عن بعض الدراسات في مركز الشرق الأوسط بـ(الأردن). وبحكم كونه إعلامياً سألناه عن الصحف التي تصدرها (الصومال)، فقال: صحف الصومال قليلة لا تتجاوز العشر، وفي بعض المدن لا تتجاوز اثنتين أسبوعيتين على أن أشهرها هي صحيفة (بونت لاند)، وكنت قد تناقشت مع رئيس التحرير بإنشاء صحيفة صومالية باسم (المجهر السياسي) في الصومال. وعقب «أشكر» على ذلك بالقول: لأن (المجهر) تختلف عن سائر الصحف الأخرى وتتميز بخط تحريري صارم، ومجلوة من الأخطاء اللغوية والنحوية وتخاطب الرأي العام بطريقة مهذبة، وأنا من متابعي عمود الأستاذ «الهندي» منذ (آخر لحظة)، وعندما أكون بـ(الصومال) أطلب من معارفي إرسال أعداد صحيفة (المجهر)، وعن النهج التحريري بين الصحف الصومالية والسودانية، أوضح «أشكر» أن الأخيرة تستطرد في المنوعات بعكس الصومالية ما يجعلها جافة بتناول المواد السياسية البحتة.
الحب بالدم
وفي سياق حديثه عن السودان قال «عبد الفتاح»: تعجبني في مجتمعه البساطة في التعامل والدماثة في الخلق وميلهم نحو الفن، واستطرد يحكي: (زمان كان عندنا فنان صومالي أسمه» محمد ريشه»، درس في معهد أم درمان للموسيقى يغني صومالي سوداني وكان يردد ما يسمى بـ(أغاني الحقيبة)، وأيضاً الفنانة «حليمة خليف حجول» غنت في المسرح القومي في الستينيات وكانت تردد أغنية سودانية وفي مقابلها يغني «محمد وردي» أغنية صومالية. وهناك نكتة أطلقها السودانيون على فنان صومالي اسمه «محمد سليمان تبيع» وهو زول نحيف وأسود، لكن صوته جهور وجميل، فقالوا عليه (الزول ده صوت من غير صورة).
ثم طفق يروي قصة أخرى بأن الفنانة «حليمة» حدث معها موقف (أنو سوداني قال ليها بريدك، وهي اعتقدت انو ما ما جادي)، لكن وبعد فترة كتب ليها رسالة حب بدمه فأخذتها وعرضتها على (إيوان) وتعني شعراء الأغاني ذي «الحلنقي» عندكم هنا، وأشهر شعراء الصومال هو «هدراوي» وهو الوحيد الملم باللغة العربية لأنو عاش في (اليمن)، فأطلعته «حواء» على الرسالة وقرأ نصها فوجدها تفيض رقة، ومن وحيها ألفَّ أغنية اشتهرت فيما بعد في ربوع وأصقاع الصومال سماها (الحب بالدم).
أما ما يعشقه الصوماليون من الأغنيات السودانية وبحسب «أشكر» فإنهم يركزون على اثنين من الفنانين هما «صلاح بن البادية» وأغنيته (سال من شعرها الذهب)، و»محمد وردي»، أما (هيما) بوصفها أشهر فناني الصومال قال عنها: إن أغنياتها تمجد وتدور حول الثقافة والفن والتقاليد الصومالية العريقة. وعلى ذكر هذه النماذج من فناني الشعبين أضاف مستطرداً أن هناك تشابهاً بينهما وهناك أغنيات تسربت من السودان إلى الصومال والعكس، مثلاً «أحمد ناجي سعيد» عاش في السودان وغنى أغنية (السبت) لـ»بن البادية» ونحن نغنيها الأحد، ومثلما يغني الفنانون للنيل والوطن والحب وبما أنه ليس لدينا نيل لكن «حليمة» غنت للنيل.
إستنارة من قبس السودان
وفي معرض رده على نسبة المستنيرين في الصومال قال: السودان أكبر دولة تستضيف أكبر عدد من الطلاب الصوماليين وكانت النسبة بسيطة لكن وخلال العشر سنوات الأخيرة كل من يعمل في حكومتي «الشريف» و»حسن شيخ محمود» في السلك الدبلوماسي هو خريج السودان، وهذا مؤشر خير يدل على أن الصوماليين بدؤوا يستردوا عافيتهم عن طريق المنح الدراسية، وهناك بعض الكليات في الصومال تدرس باللغة العربية و(80%) من الكوادر المتعلمة من خريجي السودان والـ(20%) الباقية من (اليمن) و(سوريا) و(مصر) (الأزهر الشريف ).
وعن أبرز المعالم الأثرية في (الصومال) وبحسب «عبد الفتاح» هي المساجد خاصة في (مقديشو)، بناها الفارسيون وأخرى بناها العرب وإسلامها بنسبة (100%) ينتهجون (المذهب الشافعي)، ولا توجد بها كنيسة أو حتى مسيحي. وتتشابه المناسبات الإجتماعية بكل طقوسها بخلاف خضاب الرجل، ومن الوجبات المشتركة العصيدة لكنها تؤكل مع ملاح واحد اسمه (سوجو) مكون من الطماطم والبامية والبهارات المختلفة واللحمة ويضاف إليه الروب.
ونحن مقبلون على عيد الأضحية آثرنا أن نسأله عن أسعار الخراف وما إذا كانت بذات الغلاء، فطفق يعدد ثروتهم الحيوانية وأن لديهم سبعة آلاف ملايين رأس من الإبل، وسعر الخروف ما يعادل (150) جنيهاً، أما في البادية فمائة رأس من الغنم يمكن أن يملكها شخص واحد ولا غرو في ذلك، وقد قال عنهم بن بطوطة (إن الصوماليين أقدم آكلي اللحم وشاربي لبن الأبل).