رأي

«محمد الحسن الأمين».. إشكالية انفصاله عن «الترابي»!!

الأستاذ “محمد الحسن الأمين” رئيس لجنة الدفاع والأمن بالمجلس الوطني اشتهر بإطلاق التصريحات النارية والإشارات الحارقة والآراء التهكمية والاستفزازية، فهو دائماً يهاجم الذين يخالفونه في الرأي باستخدام العبارات الغليظة واللغة والعدائية.. تارة يرسل القلاقل للأحزاب السياسية المعارضة، وتارة أخرى يتوغل في المنهج العنيف لرموز المجتمع المدني والإعلام والشرائح الأخرى التي لا يستهوي مواقفهم وطرائق تحركاتهم!!
ومن فرط عشقه للمنازلة وأسلوب المصادمة تحسب أن “محمد الحسن الأمين” يتخيل بأن المعارضة تحمل بركاناً في وجه المؤتمر الوطني، وأنه يحلم بتدمير خصومه السياسيين وإحراقهم على المستوى الحسي والمعنوي بلا هوادة.
ذات مرة هاجم “محمد الحسن” حزبي الأمة القومي والاتحادي الديمقراطي الأصل، وذكر بأن الحزبين يفتقران للحداثة ومواكبة العصر، وهما في طريقهما للاندثار، ويتوجب أن يذهبا معاً إلى متحف التاريخ.
وفي الأيام الفائتة وصف “محمد الحسن” الصحفيين بالسذاجة، على خلفية رؤية أقلامهم حول حادثة رجوع طائرة الرئيس “البشير” من السعودية، وزيارة وزير خارجية مصر للبلاد في الفترة الأخيرة.
في الصورة المقطعية، هنالك من يتحسرون على منهج “محمد الحسن الأمين” الغليظ وإشاراته النارية وهم يضربون كفاً على كف، ويقولون ماذا جرى للرزانة والكياسة واللفظ السليم في التخاطب السياسي؟ وأين ذهبت القيم والموروثات الوطنية في التعليقات ولغة البلاغات الرفيعة؟!
هنا يتبلور سؤال منطقي حول أسلوب “محمد الحسن” العدائي في الممارسة السياسية.. ماذا تحت القبعة؟ وما هي الدوافع والأسباب؟!
في ثنايا الإجابة المنطقية نحاول إضاءة المصابيح حول شخصية “محمد الحسن” من الناحية السياسية والسيكولوجية، حيث نجد الارتباط الوثيق بينه وبين الدكتور “الترابي”، فهو معلمه الأول ومرجعيته الأيديولوجية المتأصلة في العقل والشعور.. فقد علمه الدكتور “الترابي” نظم القوافي وإدارة التكاليف العامة والمهام السياسية، وكان “محمد الحسن الأمين” تلميذاً مخلصاً ولصيقاً للدكتور “الترابي”، وقف إلى جانبه بالشواهد الدالة في اللحظات الأولى للمفاصلة بين القصر والمنشية.
مرت السنوات سريعاً مليئة بالاستقطاب والإغراءات والحرمان من الصولجان.. بدّل “محمد الحسن” ثوبه وذهب إلى المؤتمر الوطني وفي أعماقه سحر “الترابي”، وفي عقله حسابات الواقع على باحة المؤتمر الوطني!!
كان “محمد الحسن” بارعاً وذكياً وهو يمارس نقطة النظام في الجمعية التأسيسية خلال الديمقراطية الثالثة، فقد كانت تتوكأ على رؤية “الترابي” القائمة على قراءة خطوط حزبي السلطة يومذاك، غير أن نقطة النظام تبدلت وصارت شيئاً آخر على أروقة المؤتمر الوطني، فقد ارتج الميزان وأصبح المنهج يرتكز على الحمى وإطلاق البارود!
مربط الفرس في إشكالية “محمد الحسن الأمين”، تكمن في انفصاله عن “الترابي”، فقد كان “محمد الحسن” ينجذب إليه كما ينجذب المغنطيس نحو قطعة الحديد الصغيرة.. لم يتحمل الرجل ما حدث.. كانت خطوة دراماتيكية مشدودة الحلقات.. وما زالت في ذهن “محمد الحسن” المؤثرات الإيحائية والبلاغية والتصويرية والفلسفية والعلمية والعقلية التي تنطلق من “الترابي” إليه في سياق بريق يخطف الأبصار والألباب.
لقد صار “محمد الحسن” يهاجم الخصوم من عتبة المؤتمر الوطني بتلك الضراوة والشراسة حتى يتلاشى أمام عينيه دخان انفصاله عن “الترابي”، فقد ظل هذا الإيقاع الدوار يتسربل على مخيلته في المرايا النحاسية.. إنها خلجات النفس التي تدق على الشحنة اللا مرئية!!
هكذا صار انفصال “محمد الحسن” عن “الترابي” إشكالية للرجل تركت أشياء مذهلة في إطار مذاق فريد!!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية