أخبار

كامل تضامني ..

} واحدة من مشاكلنا الرئيسية في السودان، التركيز على سفاسف الأمور، والاهتمام بالقضايا الانصرافية أكثر من التفكير في الوصول إلى معالجات للأزمات الكبيرة، التي تحاصرنا من كل حدب وصوب، الأمر الذي يخلق نتائج عكسية، ويخدم أجندة كثير من المعارضين المنتظرين على الرصيف، لأي هفوة أو ثغرة، يمكن أن تصنع لهم أرضية وسط العامة من الناس .
} منذ فترة طويلة لم نسمع عن قضايا متعلقة بزي المرأة وشكلها ومظهرها وهندامها ، كما كان في السابق، ولعل حادثة الزميلة “لبنى حسين”، قد نبهت إلى خطورة التعامل مع هذه القضية، بالطريقة التي تجعل الدولة متهمة في المقام الأول، في ظل أوضاع صحية وتعليمية واقتصادية متردية. لذلك استبشرنا خيراً بهذه الأجواء المعافاة، وطالبنا ذات الجهات المختصة بأن تركز بشكل كبير على انحراف الكثيرين من الشباب الذي أطل برأسه، وتحارب المخدرات والرذيلة، وغيرها من القضايا المجتمعية المحورية التي تعتبر ركيزة من ركائز المجتمع.
} هناك خلط واضح ما بين سلطة التحريم والتجريم، التي تتبع اليوم على مستوى السلطات التنفيذية، وفي ظل هذا الارتباك تولد قضايا (تعكنن) المزاج العام، وتخلق نوعا من الغبن الداخلي وسط شرائح مختلفة من المجتمع. والنتيجة أن يكون هناك سخط جماهيري على الدولة في شكلها العام، مستصحبين كل الأزمات والضغوط التي يتعرضون لها على مدار اليوم.
} قد يختلف بعض رجال الدين معنا في الطرح بشكله العام، ولكن دعونا نتفق قبل البدء في ذاك الصراع عن توجهات الدولة في السودان، ومع تفهم وضعية غير المسلمين وتعايشهم وتداخلهم معنا منذ أمد بعيد، بالإضافة إلى الاستفسار عن التطبيق الفعلي للشريعة الإسلامية في مفاصل الدولة من عدمها، حينها فإن التحاور سيكون مفيداً، ولكن قبل ذلك لا جدوى لأن نرفع أصواتنا من أجل الشوفونية والضجيج، وعليه فإن الأحداث التي تتكرر في إلقاء القبض على بعض الفتيات في الشارع العام، بدعوى عدم رفع (الطرحة) وغيرها، يثير غباراً لا داعي له.
} أثارت قضية “أميرة عثمان”، المواطنة ذات الثلاثين ربيعاً، جدلاً واسعاً في الأيام الماضيات. وما بين مؤيد ومعارض للقضية برز اتجاه آخر يتحدث عن حرية المرأة ومكانتها في المجتمع، احتراما للأعراف الدولية والدينية والمجتمعية. لذلك فإن اليوم، الأول من سبتمبر، الموعد المحدد لمحاكمتها، يعتبر تاريخاً جديداً ينبغي أن تتعامل معه الدولة بمسؤولية مختلفة، حتى لا تدخل نفسها من جديد في ذات الإطار الذي وضعنا فيه في قضية الصحفية” لبنى حسين”، لأن الظروف التي يمر بها السودان أكبر من أن نتركها ونتفرغ لعقاب فتاةربما رفضت أن تغطي شعر رأسها.
} يا سادة، الدين الإسلامي يدعو للتسامح وإكرام البني آدم، وخصص مساحات كبيرة للمرأة، وطالب بأن تكون في مكان يحفظ لها وقارها وهيبتها، وراجعوا بعض التفاسير التي استوصت خيراً بحواء، ومن بعدها نفذوا عقوباتكم وأفعلوا ما يحلو لكم.
} أنا شخصياً أعلن كامل تضامني مع” أميرة عثمان”، فحرية المرأة حق أصيل، لا يمكن أن نتنازل عنه مهما كانت التداعيات والأسباب والمبررات.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية