لقاء الرئيس والإمام .. ترقب وآمال
{ طالبنا قبل فترات طويلة أن يكون هناك حوار وطني كامل الدسم مع القوى السياسية الوطنية كافة، التي تستهدف السودان ككيان بعيداً عن المصالح الشخصية والذاتية، ليصب في إطار الإصلاح الذي ننشده ونتطلع إليه في المرحلة القادمة. لذلك فإن لقاء الرئيس “البشير” والإمام “الصادق” يعد خطوة في الاتجاه الصحيح وبداية لانطلاقة جديدة تستهدف الهمّ الوطني العام.
{ ظل المؤتمر الوطني يتحرك تجاه الأحزاب لفترة طويلة في إطار العلاقات الاجتماعية، لذلك لم تحظ اللقاءات بأية ثمار يمكن أن يجنيها المواطن، لأن المفهوم العام ظل ثابتاً و(معسماً) رافضاً لأي مقترحات أو حلول يمكن أن تعيننا جميعاً على تشكيل خارطة سياسية متجددة تستوعب كل أطراف الصراع بما فيها الحركات الثورية، لذلك فإن الفترة الفائتة ظلت باهتة تشوبها الضبابية بشكل كبير.
{ المرحلة القادمة لا تتحمل الأخطاء التي ظهرت في الماضي، ولا يمكن أن تكون السلبية هي رد فعل المواطنين تجاه التخبطات التي تحدث من حين لآخر من قبل بعض المحسوبين على الدولة، لذلك لا بد أن يعي المؤتمر الوطني هذه الحيثيات وأن يتحرك وفقاً للاتجاهات التي تعينه على المضي قدماً في المشروع الإسلامي الكبير الذي جاء به في 1989م.
{ لقاء الإمام “الصادق” رغم الأصوات المعارضة له من قبل معارضة المائة يوم، يعدّ نقطة تحول حقيقية من قبل الحزب الحاكم تجاه الأحزاب والقوى الوطنية، ويؤكد التحركات التي انطلقت لتعضد ذات الاتجاه، وتبين أن الحكومة تسعى لخلق أرضية صلبة تحمل إجماعاً وطنياً كبيراً من قبل القوى السياسية كافة. وعليه فإن أجندة الاجتماع لا بد أن تكون مختلفة، وأن تضع في اعتبارها مجموعة من القضايا الجوهرية التي تنادي بها المعارضة وينشدها المواطن، وعلى رأسها الدستور.
{ سألت أحد القيادات السياسية قبل يومين عن آخر أخبار التشكيل الحكومي الجديد، فرد عليّ باقتضاب أن القضية تحتاج إلى بعض الوقت، حينها أدركت أن الحكومة ما زالت تدرس خطواتها تجاه المرحلة الجديدة، وتصر على أن يكون بداخلها عدد مقدر من القوى الوطنية المعارضة التي تعدّ ذات تأثير واضح وثقل جماهيري لا بأس به. لذا لا بد أن يقابل “المهدي” هذه الخطوات بجدية مطلقة، وأن يفتح الأبواب والنوافذ وأن لا يركن إلى بعض الأصوات التي تنادي بمزيد من البلبلة في البلاد، لأن التاريخ سيظل حاضراً للتدوين والصياغة.
{ إن شارك “المهدي” بفكر عالٍ ونية صادقه تجاه الجهود التي تبذل هذه الأيام فإن العجلة ستسير نحو انطلاقة وطنية حقيقية خالية من الشوائب، وإن قرر أن يختار المواقف الضبابية، فإننا سنعود لذات النقطة الأولى وسندور في حلقة مفرغة.
{ قبول المشاركة في الحكومة الجديدة يعني مزيداً من الانفتاح على الآخر من أجل إحداث تعديل وتغيير مطلوب من الداخل، لأن التجارب قد أثبتت أن الانقلابات العسكرية والثورات العربية قد دمرت بلادها ووضعت مواطنيها في خانة (اليك)، ودونكم ما يحدث الآن في مصر ومن قبلها سوريا.. لذلك فلنتعظ من الأحداث التي تدور من حولنا ونستمع إلى أصوات العقل ونفكر بتروٍ ودبلوماسية ومرونة حتى نتمكن من الوصول إلى بر الأمان.
{ لقاء الرئيس والإمام.. البداية الفعلية.