أزمة البث ومؤسسة الرئاسة
} أضحت الرياضة واحدة من أهم السفارات التي يعول عليها لتصحيح الصور المغلوطة في وسائل الإعلام الغربية، التي تخصصت في تنفيذ أجندتها بالصورة التي تخدم أغراضها وتمكنها من الوصول إلى أهدافهم بأقصر الطرق؛ لذلك فإن التعويل قد اندرج بشكل كبير في المرحلة الفائتة في التركيز على اللعبة الشعبية الأولى، التي استطاعت أن تحدث حراكاَ إيجابياَ فشلت فيه كل قاعات الاجتماعات السياسية والاقتصادية. ومن ذات المنطلق فإن الحكومات الذكية قد استخدمت هذه الورقة داخلياً وخارجياً حتى تتمكن من إيجاد مساحات للحراك بعيداً عن الضغوطات التي تشوش عليها وتمنعها من ممارسة مخططاتها بالصورة المثلى.
} في السودان، رغم التجاهل الذي يجده الرياضيون من قبل أهل السياسة ومنذ فترة طويلة، إلا أن هناك بعض المنافذ قد تم فتحها في إطار سياسة اختبارية لقياس حجم الإيجابيات التي تحتويها الرياضة، وإلى أي مدىً يمكن أن تفيد الواقع السياسي بشكل واضح. ولعل الضمان والمبادرة التي قدمها النائب الأول الأستاذ “علي عثمان” في زمان مضى للرياضيين بتكفل مؤسسة الرئاسة ببث الدوري الممتاز عبر شاشة (النيلين)، يُعد واحداً من أهم الإيجابيات التي طرحت في المرحلة الفائتة، لتنزل برداً وسلاماً على القطاع الرياضي الذي كان يعيش حالة من عدم التوازن، خاصة المتابعين من خارج الوطن ومن الولايات، إذ أن صعوبة مشاهدة المباريات من داخل الإستادات سيظل عقبة كبيرة في ظل رفض كل القنوات السودانية والعربية نقل الدوري، الذي أثبتت التجارب أنه مكلف جداً وغير مربح.
} تصدت رئاسة الجمهورية وتكفلت بنقل الدوري الممتاز، وتابعنا المباريات المختلفة للأندية كافة في غرب السودان وشرقه وشماله، واستمتعنا بالارتفاع النسبي في الأداء الفني لعدد من الأندية والطرق المستحدثة من قبل المدربين الأجانب والوطنيين طوال دورة كاملة الدسم، ليقف حمار الشيخ في العقبة عند الدورة الثانية، بعد أن فشلت وزارة المالية في سداد ما عليها للاتحاد العام، ورفضت الأندية نقل مبارياتها بالمجان، ولزمت مؤسسة الرئاسة الصمت في ظل تململ وغضب جماهيري كبير.
} أثبتت قناة (النيلين) من خلال برنامج (رأي رياضي) بالأمس أنها قادرة على نقل أي مباراة في أي مكان وزمان، واستطاع عبر (المونيز) أن تتنقل عبر النقل الحي من ولايات السودان، لتؤكد جاهزيتها الإدارية والفنية لنقل المباريات، ورفض الاتحاد العام منح القناة أسبوعين أو ثلاثة حتى تتمكن من متابعة الموضوع مع وزارة المالية، التي تعيش ضغوطاً كبيرة بسبب الميزانيات المفروضة عليها قسراً من لجان للسيول والفيضانات والكوارث التي حلت مؤخراً، مما يعني أن الضحية سيكون المشاهد الذي لا ذنب له.
} مؤسسة الرئاسة لا بد أن تحسم هذا الجدل الذي أثار غباراً كثيفاً، ووضع القناة والاتحاد في موضع لا يحسدان عليه، لأن الواقع يتطلب أن يكون هناك (كاش) لتتمكن القناة من القيام بواجبها والمساهمة في الاستقرار الرياضي بالشكل الذي ينبغي أن يكون، لأن المماطلة المتبعة ستجعلنا ندور في حلقات مفرغة، وتساهم بقدر كبير في إحداث بلبلة نحن في غنى عنها.
} القضية الآن حسب الشارع الرياضي قضية دولة، ولا بد أن يعلم المسؤولون أن الموضوع في إطاره العام عبارة عن مطالب مستعجلة قد تندرج في ذات المضامين التي يضعون فيها الأمن وغيره، لأن أزمات هذا الوسط لن تتوقف إلا عبر توفير أداة تشغلهم عن الخروج من الخط العام.
} سيدي النائب الأول “علي عثمان طه”.. لا بد من تدخلك في غضون الساعات القادمة، فالأزمة كادت تنفجر، والدورة الثانية للممتاز قد شارفت على أسبوعها الثاني بلا نقل ولا مباريات مؤرشفة يمكن الرجوع إليها.