تقارير

قرى الجزيرة تستغيث.. وسواعد الشباب بدلاً من آليات الحكومة!

لا صوت يعلو على أصوات (انهيار) المنازل (وتحطم) الشوارع وموت الناس صباحاً ومساءً بسبب استحكام أزمة البلاد التي سببتها الأمطار الغزيرة التي هطلت على معظم أنحاء البلاد، وما تبعها من سيول قضت على يابس الأرض و(أخضرها).. لا صوت الآن يعلو على الصراخ المكتوم لدى آلاف الأسر التي تتغطى بالشمس الحارقة وتتبلل بالمياه الآسنة نهاراً، وبالبرد والخوف من هجوم (المياه) عليهم ليلاً.. لا صوت فوق أصوات النفير التي انتظمت عدداً كبيراً من المؤسسات الشعبية التي بادرت عبر منظمات شبابية لتخفيف آثار الأزمة، فـ(شمر) شباب عن ساعد (العزيمة) وإغاثة المتضررين، فكثرت المؤسسات الشعبية التي تشكلت تلقائياً في محاولة يشكرون عليها لتفادي الأزمة التي لم تترك شبراً بالبلاد لم تطاله.. وفي تمدد الأدوار الشعبية اللافتة والمبادرات الشبابية التي كان لها القدح المعلى في تخفيف آثار الكارثة تلفت الناس بحثاً عن الأدوار الحكومية تجاه الأزمة، وتساءلوا عن ما يمكن أن تقدمه الدولة لرعاياها الذين يقضي الآلاف منهم ليلهم تشرداً ونزوحاً وخوفاً وترقباً وهلعاً في ليالٍ سابقات وأخريات موعودة بمثلها إن لم تكن أسوأ منها حسب تقارير الأرصاد الجوية.
في خضم هذه الأزمات الإنسانية والبيئية والاجتماعية التي تمر بالبلاد جراء تدفق المياه، وجه الشيخ «تميم بن حمد آل ثاني» أمير دولة قطر، بفتح جسر جوي دعماً للمتضررين جراء السيول والأمطار التي اجتاحت معظم مدن وولايات البلاد، واستقبل مطار الخرطوم الدولي، فجر أمس الثلاثاء، الطائرة القطرية الأولى لإغاثة متضرري الأمطار والسيول بالسودان. وهي بداية جسر جوي يتضمن ثماني رحلات تحمل الأدوية والأغذية ومواد الإيواء، وغيرها من المعونات.
{ الخارجية.. رِجل في الوحل
رغم أن كارثة السيول والفيضانات دخلت أسبوعها الثالث إلا أن وزارة الخارجية السودانية لم تتحرك إلا مؤخراً، بعد اجتماعها أمس الأول الذي انتهى بتكوين لجنة إشرافية للمساعي، لاستقطاب العون الخارجي، واستنفار الجاليات السودانية بالخارج، تهدف لمساعدة المتضررين من السيول والأمطار التي اجتاحت العديد من المدن بمناطق السودان المختلفة، وهذا (البيات الخريفي) الذي اتسمت به الحركة التفاعلية لوزارة الخارجية مع الأحداث، جعل د. «الباقر عفيفي» ينتقد أداءها بعنف، وقال في حديثه لـ(المجهر) إن الخارجية جزء من شبكة فشل حكومي، الحكومة التي رفضت إعلان السودان منطقة كوارث وبدون الإعلان لا يمكن أن يأتيك دعم خارجي أو محاولة جلب الدعم بطريقة ثنائية كما حدث في حالة قطر التي سيرت جسراً جوياً لإغاثة المنكوبين.. ما حدث في السودان كارثة، وهذه الأمطار والسيول برغم أنها ليست تسونامي مقارنة بالبنية المتهالكة والشوارع العشوائية التي ليس بها مجارٍ مثل نفق عفراء الذي أصبح مثل (الشرك) للسيارات، فهذه أخطاء وفشل حكومي، والمتضررون لم يروا جهداً رسمياً، وحتى الآن المياه راكدة و(الناس ما عندهم مياه) ولا تريد الحكومة أن تعلن السودان منطقة كوارث حتى تتم إغاثة المنكوبين.

وأضاف: (الحكومة الأمريكية دفعت خمسين ألف دولار لأنهم شايفين بعيونهم ما يحدث، وهذا مبلغ بسيط جداً من الممكن أن يدفعه شخص واحد، وهناك انفصال كامل بين الحكومة والشعب).
وقال «عفيفي» إن وزارة الخارجية مجرد جهاز تنسيقي مناط به تنفيذ السياسات الحكومية، ولا يمكن أن تستجيب دول العالم لإغاثة السودانيين ما لم تبادر الحكومة بهذا الإعلان، وعدد كبير من الدول الأوروبية تخصص جزءاً من ميزانياتها لدعم الحالات الإنسانية في العالم مثل بريطانيا وغيرها.
{ استغاثة قرى الجزيرة
أطلقت قرى شرق الجزيرة أصوات استغاثة عالية بعد أن حاصرت المياه عدداً كبيراً منها، وتهددهم السيول القادمة إليهم من المناطق العالية، ففي قرية السيالة، حسب مصادر من داخل القرية تحدثت لـ(المجهر)، فإن (الترس) الذي تم إنشاؤه لصد المياه قد تداعى أمام كثافة المياه وأطلق عدد من النسوة أصوات استغاثة عالية (ألحقونا.. يا أبو مروة)، في وقت انهار فيه عدد من الحيطان والبيوت، وذات الأمر يعاني منه مواطنو الرهد ومكنون التي تقع بالقرب من منطقة تمبول.
{ سواعد الشباب تخفف الأزمة
وفي الأثناء رصدت (المجهر) حركة شبابية محمومة داخل الأحياء بالعاصمة الخرطوم، بعد التصريح الذي نقلته الصحف صباح أمس عن توقع الهيئة العامة للأرصاد الجوية هطول أمطار غزيرة بولاية الخرطوم خلال اليومين القادمين، في ذات الوقت الذي أعلنت فيه ولاية الخرطوم أن منسوب النيل وصل إلى (16.72) متر بأقل من (17) سم من مرحلة الفيضان، الأمر الذي جعل المساجد والجمعيات الطوعية بالأحياء تعلن حالة التأهب القصوى خاصة في المناطق المحاذية للنيل، وأبلغ «صديق حسن» من جمعية النهضة بالجريف غرب (المجهر) أن الجمعية تأهبت لمقابلة أي فيضانات محتملة خلال الأيام القليلة القادمة، مشيراً إلى أن الجمعية أنذرت الأهالي الذين يسكنون بمحاذاة النيل بأن يأخذوا حذرهم، مبيناً أن الجمعية ستكون في حالة استنفار قصوى لمتابعة مناسيب النيل بالمنطقة.
وأعلن عدد كبير من الجمعيات الشبابية عن برامجها خلال اليوم، وقالت (صدقات) إنها ستعمل على رش منطقة مرابيع الشريف بواسطة الرش الضبابي عن طريق (6) عربات بتمويل وبواسطة أتيام البرنامج القومي لمكافحة الملاريا، وتغطية منطقة الكرياب بمحاليل خاصة لمنع توالد البعوض بواسطة شباب الكشافة البحرية واستئجار (3) مولدات لتشغيل (3) مخابز بمنطقة مرابيع الشريف، وتسليم متطوعي الهلال الأحمر (5000) جوال خيش لتقوية الترس الترابي بمنطقة حي الشاطئ بأم درمان، وتوزيع المشمعات في منطقة الفتح. وأعلنت شراء عن (5000) ناموسية لتوزيعها في منطقتي مرابيع الشريف والكرياب، كما أن شباب الجمعية دخلوا في مرحلة التجهيزات النهائية لتشغيل المركز الصحي بمنطقة مرابيع الشريف، معلنين حاجتهم لكوادر طبية خاصة في مجال التثقيف الصحي.
أما جمعية (نفير) فقد أعلنت عن تكوين عدد من فروعها داخل وخارج البلاد لاستقطاب الدعم لمنكوبي السيول والأمطار الأخيرة، وأعلنت عن فتح فروع لها في بحري بنادي الشعب، بالإضافة إلى فروع لها في الأحياء وخارج البلاد مثل كندا وغيرها، وتوحدت الاحتياجات لكل المراكز، مثل الخيام والمشمعات والمواد الغذائية المختلفة، وقالت الجمعية إنها تستقبل الملابس ومياه الشرب والصابون والمبيدات الحشرية.. وأبدى القائمون على (نفير) قلقهم من قيام بعض ضعاف النفوس بتسجيل (حسابات وهمية) عبر الـ(فيس بوك) للاحتيال على من يودون التبرع، ونشرت الجمعية تحذيراً لكل من يود التبرع لها

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية