بعد السيول والامطار .. النيل الابيض يهدد احياء جنوب الخرطوم
ما أن حلت أيام عيد الفطر المبارك حتى أطل الخطر بوجه قاتل وشراسة مدمرة طارقاً أبواب منازل السكان ودخل بغير استئذان، مهدداً سلامتهم ووجودهم، ووجدت مناطق جنوب الخرطوم المحاذية للنيل الأبيض التي ضربتها أمطار خريف هذا العام الغزيرة نفسها فجأة تحت خطر آخر أتاها هذه المرة من (الخلف)، وفي مثل هذه الظروف عادة ما تغمر المياه (غابة السنط) وتقترب المياه مهددة مناطق (الرميلة– اللاماب- الشجرة – ود عجيب) وحتى أحياء (الكلاكلات) التي كان النيل في السابق يتهددها عبر خور (الحدير)، الذي صار متنزهاً بعد عمل حائط صد حال دون هياج النهر، ويشمل الخطر أغلب مناطق محلية (جبل أولياء)، وصولاً إلى ولاية النيل الأبيض التي تبدأ من محلية القطينة بقراها المختلفة.
وفي جولتنا أمس، ذهبنا بعد ورود أنباء عن تهديد مياه نهر النيل الأبيض لهذه المناطق، وفي منطقة (اللاماب – ناصر) حي الشهيد “الزبير محمد صالح” وقفنا على اختراق المياه للجسر الواقي لهذا الحي، وبات الشباب هناك يشكلون (دوريات) على مدار اليوم لمراقبة مياه النهر حتى لا تهجم على منازلهم وتحيلها إلى خراب.
يقول أحد سكان الحي واسمه “أحمد المصطفى عثمان”، إن بوادر الخطر بدأت منذ ثاني أيام عيد الفطر المبارك، حيث تسربت مياه النهر عبر الجسر الواقي والحامي للمدينة، وهنا بدأ أبناء الحي يعملون بكل جد وتم فتح المصارف، وقام أحد أبناء الحي ويعمل مهندساً بصيانة الوابور الكبير الرابض على ضفة النهر فبدأ يضخ المياه ويرجعها إلى النهر، في محاولة لتخفيف الضغط حتى لا تندفع المياه إلى داخل المنازل، ويضيف: (تبدأ مراقبة الجسر الواقي منذ صلاة الفجر، بينما يقوم أفراد من الدفاع المدني بمراقبة الموقف من داخل عدة خيام تم نصبها على ضفة النهر).
وبجوار مدرسة (عبد الكريم مكي) بنات – أساس تقف مجموعة من مواطني الحي يراقبون بقلق الوضع الخطير لهذه المدرسة التي تقع على انخفاض كبير ويمكن لمياه النهر أن تجتاحها في أية لحظة ما لم تتم المراقبة بكل يقظة وطوال اليوم، ويوم أمس انهار جزء من (حوش) المدرسة، بينما تعمل بعض الآليات في محاولة لفتح مجال لتصريف مياه الأمطار.
وانتقد عدد كبير من مواطني حي (اللاماب) ما سموه غياب اللجان الشعبية، وقالوا إنها لم تقم بفتح مجاري تصريف مياه الأمطار قبل بدء موسم الخريف، والأمر الآخر هو أنه لم تجر أية صيانة للجسر الواقي للمنطقة من النهر، كما أن (اللاماب) محاطة بمصرفين اثنين، مجرى (مدبغة الخرطوم) ومجرى أحياء (الصحافة) و(جبرة) و(الشجرة)، وقالوا إنها كلها تأتي عابرة بهذا الحي، وما زاد الطين بلة حسب شكواهم هو الغياب التام لعمال نظافة ولاية الخرطوم، الأمر الذي أدى لتراكم ضخم للأوساخ في مجاري مياه الخريف وفي النهر ذاته، وأشاروا إلى تعطيل شارع الأسفلت الرئيسي الذي قامت ولاية الخرطوم بتصديقه إلا أنه لم يتم وتم تعطيله حسب رواية الأهالي، وولتاكيد شكواهم المرة التي اختلطت باليأس من الجهد الرسمي، طلبوا منا السير معهم إلى أقرب مسافة لرؤية تلال الأوساخ الملقاة بداخل النهر فاختلطت المياه العذبة بالنفايات المتراكمة، على الرغم من أنهم يقومون بدفع رسوم نفايات شهرية تبلغ (25) جنيهاً دون أن يتلقوا مقابلها أية خدمة تذكر، ليجدوا انفسهم تحت رحمة الثالوث المرعب في أيام قليلة، مياه الأمطار الغزيرة مع فيضان مياه النيل الأبيض، وتكتمل الصورة باختلاط النفايات المتراكمة مع مياه السماء والنيل.