الديوان

الألقاب في عالم الرياضة.. لنجوم كرة القدم نصيب الأسد

لم يكن النجم الراحل “إيداهور” سينال لقب (الضباح) رغم اختلاف الأديان والثقافات، لولا تجلي حب الجماهير له في عيد الأضحى حيث أهدى مشجعي فريقه هدفاً خارقاً، وفي غمرة الفرح وبتلقائية جاء لقب (الضباح) ليجسد حبهم لنجمهم البارع، فمثل هذه المواقف تأتي بألقاب للاعبين داعبوا كرة القدم بسحر ومهارة لتملأ سماء ميادين كرة القدم حماساً وحبوراً.
تعدّ كرة القدم من أكثر الألعاب شعبية، وهي مجتمع قائم بذاته له طقوسه وتقاليده، تنطوي آثارها على أوجه الحياة المختلفة.. ونسبةً لما تشكله هذه اللعبة من اهتمام، تنشأ بالمقابل ونتاجاً لذلك الكثير من الممارسات والظواهر والتقليعات، مثل هتافات التشجيع من أهازيج وأغنيات وتسميات الفرق الرياضية وخلافه.. وهناك العديد من الألقاب والتسميات التي ترتبط باللاعب أكثر من اسمه الحقيقي وتكون مثار تندر وتعليقات، بل تساعد في شهرة نجوم هذه اللعبة، وهذه الألقاب دائماً ما ترتبط بمواقف ومناسبات معينة أو تأتي من باب التشبيه قادمة  معه من الأسرة أو الحي والبيئة الشعبية التي أتى منها. ورب كلمة أطلقت من معلق رياضي، مدرب  أو صحيفة تصعد به إلى مصاف النجومية، ولكن أغلب مردها قد يعود إلى صفحة الصبا الباكر نتيجة لتشبيهات وأخيلة تختزل لحظة في مفردة واحدة تصطحب اللاعب بقية حياته، وبعدها تذكر لا شعورياً في كل مقام.
ونجد بعض اللاعبين قد استأثروا بعدد من الألقاب، فقد قيل في الأثر (كثرة الأسماء تدل على عظمة المسمى).. لكن بالمقابل قد تكون هناك ألقاب مثبطة للعزيمة، خصوصاً عندما ترمز لـ(مسبة) أو (منقصة) للفرد أو تحمل أية إشارات  سالبة، لكن عموماً الجانب المشرق في الألقاب له تأثير على أداء اللاعب والفريق في إحراز الأهداف وتحقيق النصر، لما لها من دور وفاعلية في التشجيع ورفع إيقاع  الحماسة. وهذه الألقاب لا تقتصر على اللاعبين فقط، فحتى المدربين لهم ألقاب مثل المرحوم “بكري عثمان” (ود النوبة) وكنية الحكم المرحوم “عبد الرحمن الخضر” (أبو ياسر) وذلك لوجود تطابق مع حكم آخر يحمل نفس الاسم. وحتى الفرق الرياضية حملت ألقاباً، نتيجة للحب والتشجيع العالي لهم، فمثلاً هناك  هلال بورتسودان (هلال الساحل)، مريخ الفاشر الملقب بـ(السلاطين)، أهلي شندي (نمور دار جعل)، الهلال (سيد البلد)، الموردة (القراقير) والمريخ قديماً بـ(الشياطين الحمر) وحالياً (الزعيم)، (الفهود) يطلق على فريق الأمل عطبرة، وأهلي مدني (سيد الأتيام)، وفريق النيل الحيصاحيصا يُلقّب بـ(التماسيح) أما هلال كادوقلي فلقبه (الأسود)، واتحاد مدني (الرومان) والرابطة (الذئاب).
وإطلاق الألقاب هو مهمة بعض الناس، حتى تداولها له متخصصون لديهم كاريزما خاصة، وخبيرون بطريقة وأماكن إلقائها، فالمثل السوداني يقول: (الشي لو عاوز سوقو أدي فلان يسوقو) فهي سريعة الانتشار عند البعض من باب الدعابة والمناكفة.. وأكثر الألقاب التي ترتبط باللاعب هي المرفوضة من قبل اللاعب نفسه، بل قد تكاد أن تسبق اسمه إلى الأوراق الرسمية.
والألقاب قد تكون أسماء لحيوانات وخلافه، ترمز للقوة والشدة والمراوغة والذكاء في اللعب وغير ذلك (الجقر، الفأر، كديس، كلبو، بطة) وغيرها مثل: (الغزال) “مهند الطاهر”، (الكوبرا) “معتز كبير”، (الثعلب) “جمال خميس”، (الليث) “حمد كمال”، (الأسد) “فوزي المرضي”، (الدحيش) “عز الدين”، (الصقر الأسود) “سبت دودو”، “منصور بشير” (تنقا) والكثير غيرها.
ولا تقتصر الألقاب على تلك فقط، فهناك ألقاب تعود للاعبين عالميين مثل: “النور” (بارتيز)، (فييرا)، “النعيم” (رونالدينهو) (دينيلسون)، “معتز” (ناني)، “التاج” (أموكاشي)، “خالد” (جوليت) و(كاريكا).. أو لاسم مكان جغرافي معين أو اسم النادي الذي أتى منه (عز الدين الصبابي.. صلاح أبوروف.. الرشيد المهدية.. مجدي أبو سعد.. جمال أبو عنجة)، أو أسماء لبعض النباتات مثل (صمغة.. قرن شطة.. نبقة).. وحتى السيارات والآليات تم تداولها مثل: (هينو، البلدوزر، مازدا والدبابة) وإسبيرات سيارات (كلتشي).
ولمزيد من التقصي.. أجابنا المشجع الغيور “هاشم” بأن الألقاب هي رمز الحب الكبير، وغالباً ما تكمن وراءها أسباب تحمل سر اللقب، فمثلاً اسم (الكوبرا) أطلقته الجماهير الهلالية على اللاعب “معتز” لاقتناصه الأهداف الرأسية بسرعة شبيهة بلدغات (الكوبرا). والسفير “علي قاقارين” يسمى بـ(الرمح الملتهب)، نسبة لبراعته في الأهداف، وهذه الألقاب تتجمل وترتفع قيمتها عندما تأخذها الصحف كخطوط رئيسية بطريقة رنانة وتحفظ عن ظهر قلب عند المشجعين، فمثلاً (موردة البكري تهزم مريخ الطابونة من بدري)، وذلك نسبة لمدرب الموردة “بكري عثمان” و(الطابونة) في إشارة ذكية لرئيس نادي المريخ “ضو حجوج”. وطالب جمهور المريخ باختيار لقب جديد لـ”هيثم” بديلاً للقبه الشهير (سيدا( لارتباط هذا اللقب بفريق الهلال وجماهيره، وحتى جماهير الهلال طالبوهم بتغيير اللقب الذي أصبح ملكية فكرية خاصة بفريق الهلال.. أما “طارق أحمد آدم” فلقب بـ(الوزير).. ونسبة للعبه في خانة الدفاع ينادي بـ(وزير الدفاع) “علاء الدين طيارة”.
الأستاذ “حسن عبد الله عمر” الباحث في الأدب الشعبي بادر قائلاً إن الألقاب هي أدب شعبي صرف، وذلك لأنها لا تحمل قالباً معيناً وتصدّر وتنتقل بعفوية تامة، وغالباً ما تكون مجهولة المؤلف، ولها العديد من الوظائف سلبية أو إيجابية، أما السلبية فقد تكون مصدر ضجر للاعب أو منطقة بعينها، والإيجابية التوثيق للحي والنادي أو الهدف والفترة الزمنية، وتحدد مدى التطور المجتمعي وتربط الجميع في وعاء مجتمع واحد بهدف التزجية والتسلية وتقوية روح الانتماء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية