السودانيون ورمضان .. استبشار رغم الاقتار
أكثر المتشائمين في السودان وأكثرهم “رقة حال” وبؤس، يعلمون أن في مقدم شهر رمضان المعظم رحمة وخير، واليقين وحده سيد الموقف، ودائماً ما يأتي الشهر الفضيل في كل عام وفي وقته تماماً لا يتقدم ولا يتأخر، بينما يقدم السودانيون رجلاً ويؤخرون أخرى بحثاً عن (سترة حال) و(سترة موقف)، ولولا الإيمان في القلب والجلد لوجد أكثر الناس سبيلاً آخر للتعاطي مع الواقع، وبالأخير يستقبلون الشهر بفرحة ناقصة، وفم يابس من ضحكة، ويقولون عن حالهم إن الثواب جزيل وعند الرب أجر مضاعف، وعندهم دائماً تتراجع الأحوال ويتقدم الإيمان.
بدا اليومان ما قبل رمضان قاسيان عنوانهما المعاناة، بدءاً من تكدس المواطنين أمام محطات المواصلات الخالية من مركبات، وتدافعهم كيوم حشر أمام نار قريبة، يضيع اليوم دون أن يتمكن الواحد منهم من الحصول على حاجيات رمضان أو شراء احتياجاته، التي لا تكفيها نقود ولا يحزنون، وفيما استقر التيار الكهربائي، واصلت السلع الأساسية ارتفاعها وبدت إحتمالات رفع الدعم عن الوقود كشبح ربما يقضي على بقية أحلامهم في حياة كريمة.
“سليمان سعيد” السائق بإحدى الشركات الخاصة بالخرطوم يقول عن رمضان واستقبال السودانيين للشهر،
إن الاستعداد لشهر رمضان في السودان رغم الأزمة الاقتصادية الطاحنة، إلا أننا لن نترك عاداتنا القديمة، والسودانيون دائماً تجدهم يستعدون بنفس ذلك الزخم القديم سواء أكان استعداداً فردياً أو عبر عمل (اشتراكات) جماعية أو (جمعيات) لشراء (المفارش) والأواني الرمضانية، بينما أصبحت بعض الشركات تقوم بشراء حاجيات رمضان وتوزيعها على العاملين بها على أن تستقطع المبلغ من مرتباتهم.
وبحسب الطالبة “بدرية عبد الواحد”، فإن شهر رمضان يعتبر شهراً عظيماً، ولابد من الاستفادة منه الاستفادة القصوى من الناحية الروحية، والاستعداد لهذا الشهر من الناحية المادية عادة ما يكون، بشراء المواد الغذائية والتموينية، وهي مرتفعة الأسعار خاصة الحاجات الأساسية من سكر ومشروبات وغيرها، بالإضافة إلى ارتفاع بقية الأسعار تجد ازدحام المواصلات، أما من الناحية الروحية، فتقول”بدرية” إنها تلتزم بتزكية النفس واجتناب العادات السيئة، وتضيف، نحن كفئة طلاب نستعد لشهر رمضان بطريقة تختلف عن بقية المجتمع، حيث هناك ترتيبات خاصة للشهر، لكن ما يعوقنا ازدحام المواصلات وارتفاع الأسعار خاصة عند اقتراب موعد الإفطار، ففي الأيام العادية كلفة المواصلات من المنزل إلى الجامعة (9) جنيهات، بينما يرتفع الصرف في رمضان ويزيد الإنفاق على المواصلات، حيث تبلغ (15) جنيهاً أقلاها، هذا بالإضافة إلى الظروف الأسرية، حيث يوجد صرف تجاه أخواني سواء في الثانوي والأساس والذين هم في الجامعة.
من جهته يقول المهندس “التجاني محمد صالح” إن أروع ما في رمضان هو بساطة السودانيين ويقينهم وإيمانهم العميق بالصوم والشهر الكريم، فهم في انتظار مغيب الشمس ليتحول ضيقهم الصباحي إلى انفراج في الأسارير قرب صلاة المغرب، حيث كرمهم الفياض، رغماً عن الظروف الاقتصادية الصعبة، ولكنهم يرون أن شهر رمضان دائماً ما يأتي بخيره رغماً عن الظروف الاقتصادية التي باتت تسوء عاماً بعد الآخر.