المستذئبون!!
{ عندما يكتمل القمر بدراً – حسب الأسطورة – ينقلب أشخاص إلى ذئاب.. ويُسمّون (المستذئبون).. وعندما تكتمل (أركان الفوضى) في الأسواق.. ينقلب التجّار أيضاً إلى (مستذئبين).. ربّما هم أشد خطورة حتى من الذئاب نفسها!!
{ ماذا حدث في أسواقنا؟! لماذا تغيّرت (التركيبة النفسيّة) لتجّارنا؟! كيف صار (الجشع) هو المهيمن على التفكير.. والبحث عن مزيد من المال مبرّر لـ (ذبح) المواطن المسكين بـ (سكين الأسعار).. على عينك يا تاجر.. وفي (سوق الله أكبر)؟!
{ نعلم أنّ النظام الرأسمالي (المعطوب) يبيح للتاجر أن يبيع كما يشاء.. بلا تسعيرة!! الدولة تقبل هذا طالما أنّ التاجر يدفع (رسوم الترخيص) و(الضرائب) و(العوائد) و(رسوم المحليّات) – وما أكثرها – و(النفايات) و… و… و…!! نعلم هذا.. نعلم علم اليقين أنّ الحكومة هي السبب الرئيس في غلاء الأسعار بما تفرضه (فرضاً) على السلع، منذ مرحلة مدخلات الإنتاج وحتى المصانع والأسواق!! لكنّ التجّار أيضاً لا يخلون من جشع واستغلال – إلا من رحم ربي – وتجدهم يهتبلون الفرص لـ (استحلاب) كل قرش في جيب المواطن.. الذي يجد نفسه (يدفع) كل تلك الرسوم التي يتم فرضها على السلع.. لأنّ التاجر يحسبها ضمن (التكلفة).. ثم يضع فوقها الربح (بمزاجه)!!
{ سردتُ من قبل قصّة حقيقيّة حدثت لي قبل فترة.. ولا مانع من سردها مرّة أخرى كنموذج حقيقي للجشع في بعض صوره:
{ اتجهتُ صباحاً إلى بقالة قريبة من منزلي واشتريتُ طبق بيض بـ (20) جنيها.. وذهبتُ به إلى المنزل، ثم توجهت للعمل.. وفي المساء أخبروني هاتفياً بأنّ (حادثاًَ) وقع لطبق البيت.. فتهشّم كله.. فعدت ليلاً إلى ذات البقالة.. واشتريتُ طبق بيض آخر، ونقدتُ البائع نفس السعر.. ففاجأني بالقول: (دايرين اتنين جنيه تاني يا أستاذ)!!
{ كميّة البيض التي اشتريتُ منها صباحاً لا يعقل أن تكون قد نفدت.. (كان مردوم ردم)!! ولأنّ الدهشة كانت مسيطرة عليّ.. فقد سألتُ البائع في سخريّة: (دا سعر الليل وللا شنو)؟! وعندها نظر إليَّ ببلاهة فقلت له: (أنا اشتريت منكم.. ومن نفس كمية البيض دي في الصباح.. بـ “20” جنيه.. فكيف يزيد السعر جنيهين)؟! فأجابني بـ (ضحكة)!! أي والله.. ضحك كأني قلت له (نكتة)!! ثم قال بلا مبالاة: (خلاص ما مشكلة يا أستاذ.. قبلنا منك العشرين)!! ولأنَّ الموقف كان (يفقع المرارة).. والمشكلة ليست الجنيهين وإنما (الطريقة الاستغلاليّة).. فقد رفضتُ أن (أعدّي الحكاية) وسألته مجدداً: لماذا هذا الطمع؟! هل لأنك لاحظت إقبالاًَ زائداً فقرّرت استغلال الأمر؟! وهنا نظر إلي نظرة تعني: (دا شنو الزول البرّاي دا)!! ثمّ قال: (يا أستاذ.. ما قلنا ليك شيل بي عشرين.. مافي داعي للكلام الكتير)!! تخيّلوا!!
{ نعم.. أصدقائي القراء.. إنه أحد (المستذئبين) في أسواقنا.. ولا بدّ أنكم قد قابلتم الكثيرين من شاكلته!!
{ آخر محطة
{ شكراً لهيئة التأمين الصحي بولاية الخرطوم على التهنئة الرقيقة بالشهر الكريم.. أعاده الله على بلادنا وهي (ماشّة صاح).. مع تحياتي.