البروفيسور "طه طلعت": ميلادي تزامن مع نشوء إيقاع (التمتم)!!
البروفيسور “طه أحمد طلعت”.. يعد من أبرع اختصاصيي جراحة الأنف والحنجرة.. لكن لحياته بالتأكيد جوانب أخرى حاولنا من خلال هذا الحوار أن نسلط عليها الضوء.. مولده.. نشأته.. دراساته.. المحطات المهمة في حياته.. مدن راسخة بذاكرته.. علاقته بالفن والغناء.. وغيرها من المحاور.. وقد سألنها بدءاً:
{ من أنت؟
– “طه أحمد طلعت”.. من مواليد مدينة أم درمان حي بانت، ويقال إن ميلادي تزامن مع ميلاد إيقاع (التمتم).. ولم أمكث كثيراً بمدينة أم درمان نظراً لتنقل والدي الذي كان يعمل بالسكة الحديد، واستقررت بمدينة عطبرة مضرب المثل آنذاك في النظام والانضباط والنظافة.. وفي عطبرة كانت بدايتي الدراسية، ومن ثم عدت إلى الخرطوم فأكملت المرحلة الوسطى بمدرسة الأقباط المصرية، ومنها انتقلت إلى مدرسة الملك فاروق، ومنها التحقت بكلية طب (عين شمس) وتخرجت فيها في العام 1958م.
{ هل كانت لديك هوايات وأنت بمصر؟
– كنت أصدر صحيفة حائط باسم (الأصدقاء)، ولكن توقفت بقرار من الحرس الجامعي.
{ والسبب؟
– كانت تتناول قضايا تقدميّة.
{ هل هذا يعني أنك كنت تميل للمعسكر الاشتراكي؟
– كانت فترة شباب وحماس، وأذكر خلال فترة العدوان الثلاثي على مصر حاولنا أن نسيّر تظاهرة تضامنية ولكن الحرس الجامعي رفض. وأذكر أيضاً وفي نفس العدوان حملت بندقية وذهبت إلى القتال ولكن لم أطلق طلقة واحدة.. ومن هواياتي الأخرى اللعب بالسلاح (المبارزة).
{ كرة القدم والفرق الرياضية؟
– تركت كرة القدم منذ أن أصبت وأنا طالب بعطبرة في مباراة (دافوري)، وابتعدت عن اللعب والتشجيع، والآن ليس لدي فريق أشجعه.
{ ذكرت أنك كنت ضمن المعسكر الاشتراكي.. هل ظللت به أم تركته؟
– لقد اعتدلت في الوسط، واعتقد أن الإسلام أول دين جاء بالاشتراكية، ولكن لعدم فهم الناس به فصل الدين عن المضامين الاشتراكية ومن مضامينه الديمقراطية.
{ بعد تخرجك كيف التحقت بالعمل الصحي؟
– تقدمت بصورة عادية، ووقتها الالتحاق بالحقل الصحي لأي طبيب خريج كان سهلاً.
{ وأول محطة عملت بها؟
– أول محطة كانت بمستشفى الصدرية الخرطوم، ومن ثم عملت بقسم الأطفال، ثم العيون، ولكن احتججت باعتبار أن الأقسام التي عملت بها كانت صغيرة، وقلت للدكتور “حسين محمد حسين” مدير قسم العيون إنني لست راغباً في العمل، فوافق ونقلت إلى مستشفى أم درمان، فعملت بقسم الجراحة.
{ وأول عملية أجريتها؟
– كانت للزائدة الدودية، ولكن فشلت فيها، لكنني طلبت من الجراح المسؤول مساعدتي، ولم يستغرق دقائق وأخرجها.
{ وبعد مستشفى أم درمان إلى أين اتجهت؟
– مستشفى أم درمان قضيت فيه أجمل فترات عملي في مجال الطب، ومنه انتقلت إلى مستشفى الخرطوم.
{ والمحطة الأخرى؟
– نقلت إلى الفاشر ثم الجنينة، ووقتها كنت مسؤولاً عن مكافحة السحائي، ومن ثم دخلت في منافسة للتخصص في مجال الأنف والأذن والحنجرة.
{ هل تذكر الأطباء المتنافسين معك؟
– أذكر الدكتور “منير إبراهيم خليل” والدكتور “مختار عبد الله الحاج” والدكتور “عبد العزيز عبد الكريم” وآخرين، ثم أخضعنا لامتحان الزمالة وكان العدد (19) طبيباً.. وأنا الوحيد الذي نجح في الأنف والأذن والحنجرة، ومن الجراحة الدكتور “ميرغني سنهوري” و”علي عبد الكريم” و”أبو زيد عطا المنان”، فتم استيعابنا الأربعة كنواب بمستشفى الخرطوم، والعمل بالمستشفى كان مرهقاً لكثرة العمل وقلة الأطباء.
{ والمحطة الأخرى بعد مستشفى الخرطوم؟
– ذهبت في بعثة دراسية إلى إنجلترا للتخصص في مجال الأنف والأذن والحنجرة، وبعد أن أكملت الدراسة حاولت البقاء بها، ولكن وكيل وزارة الصحة الدكتور “عثمان عبد النبي” طلب مني العودة للسودان.
{ كيف تتأمل في وظائف الأنف والأذن والحنجرة؟
– الأذن هي أداة التعلم الأساسية عند الإنسان وفي القرآن الأذن والنظر جاءا متلازمين (12) مرة، وفي مرتين جاء البصر قبل السمع وفي العشر الأخرى جاء السمع قبل البصر، وكل المعلومات ذات الطبيعة العالية مربوطة بالأذن، لذلك أصبحت هناك لغتان، لغة سمعية ولغة بصرية.. واللغة السمعية تشكل (95%).
{ وما هي الأمراض التي تصيب الأذن؟
– منها أمراض الأذن الخارجية، والأذن الوسطى، وأمراض الأذن الداخلية وهذه نادرة لا تحدث إلا عند كبار السن.. وأمراض الأذن الخارجية والوسطى لا تسبب صمماً ولا دواراً كما يشاع.
{ وكيف يفقد الإنسان سمعه؟
– فقد السمع إما أن يكون أثناء الحمل أو أثناء الولادة أو بعدها.
{ هل مدارس الصم عندكم حكومية أم خاصة؟
– هي خليط بين الاثنين، ويجب أن تدعمها الدولة ومنظمات المجتمع المدني.
{ هل مدارس الصم بها منهج خاص؟
– أبداً، هم يدرسون نفس المنهج العام لوزارة التربية.
{ وكيف يدرسون؟
– يدرسون عن طريق اللسان والتنطيق عن طريق الشفاه، ويفعلون ذلك عن طريق القراءة والكتابة، بل بدأنا نعلمهم الكمبيوتر ومنهم من دخل الجامعات.
{ بعد تخرجهم هل يستطيعون العمل في كل المهن؟
– من المستحيل أن يعملوا كأطباء أو صيدلانيين أو موسيقيين، ولكن يمكن أن يعملوا مهندسين.
{ كم عدد المدارس التي يدرس بها الصم؟
– لدينا (14) مدرسة أساس، ولدينا المدرسة القومية الثانوية.
{ لو حاولنا التعرف على جانب آخر من حياتك في مجال الفن والغناء؟
– أنا من محبي الفن والغناء، ولدي علاقات حميمة مع الموسيقيين “محمدية” و”عربي”.
{ أيام الفرح التي عشتها؟
– أيامي كلها فرح.
{ أيام الحزن التي عشتها؟
– عند وفاة شقيقي ووالدي.
{ مدن راسخة بذاكرتك؟
– الدامر داخلياً، ومصر خارجياً.
{ ماذا يمثل لك الليل؟
– في الماضي كان الليل للفرفشة.. أما الليل الآن فللهدوء والراحة والنوم المبكر.
{ وأسعد ليل بالنسبة لك؟
– عندما أنام مرتاحاً.
{ هل تخطط لحياتك يومياً؟
– نعم.. وليس لليوم ولكن أحياناً لأسبوع.