شهادتي لله

اللهم احفظ شعب "مصر"

{ يكتبها اليوم الشاعر الرقيق والكاتب الشفيف الأستاذ “التجاني حاج موسى”
{ أخي الأصغر الأستاذ “الهندي عز الدين”.. اسمح لي بالمساحة المخصصة لكم في صحيفتنا (المجهر) تحت عنوان “شهادتي لله”، فقد حرضتني أعمدتكم الأخيرة التي خطها يراعكم كما عهدناه.. تكتبها بعمق ورويَّة وهدوء وموضوعية وفكر حيادي ثاقب، لا تخشى فيها لومة لائم.. (والعبارة الأخيرة طبعاً سيعلق عليها الخبثاء بأني بكسر ليك تلج.. خليهم يقولوا.. وكلامك صاح مية المية).
{ إن ما يحدث في شمال وادينا أمر على درجة عالية من الخطورة، فالشقيقة مصر في منعطف تاريخي قد يفضي إلى كارثة، والحاكمية والحكم لا تخرج بأي حال عن نظرية سياسية قديمة أو عقد اجتماعي مقتضاه أن مجموعة من الناس في مكان ما تنازلوا طوعاً واختياراً لمجموعة قليلة من نفس الناس ليديروا دفة الأمور في بلادهم، ليقدموا لهؤلاء الناس الأمن والاستقرار وقضاء الحوائج لتسيير دفة الحياة، وتوفير لقمة العيش النظيفة التي تحلو بالكسب الحلال، والمسكن الآمن الذي يقيهم من الحر والبرد والمطر وتوفير خدمة العلاج والتعليم، ولا بأس من رفاهية و(حبة بحبحة) وترويح عن النفس.
{ ولن يتأتى ذلك إلا إذ سخر هؤلاء الناس طاقتهم ليعملوا جميعاً، كل حسب طاقته في العمل الذي يحسن صنعه، والعمل عبادة، هذا هو مفهومي المتواضع للحكم والحاكمية والحاكم والمحكوم، ولا أفهم كثيراً في مدارس السياسة من أنظمة شمولية وليبرالية ديمقراطية واشتراكية ورأسمالية.
{ (طيب يا حبايبنا) في شمال وادينا، الذي تعصف به أعاصير السياسة، قمتم بربيع عربي وأطحتم بالرئيس “مبارك” وزججتم به وأولاده في السجن، والمحاكمات لم تنته بعد لمحاكمته ورموز نظامه الذي ضقتم به، وذهبتم إلى صناديق الاقتراع التي انتهت بنتيجة ديمقراطية، ولعلها الأولى من نوعها من حيث الشفافية والنزاهة والعدالة التي تمت بها. وقلنا في جنوب الوادي الحمد لله الذي سخر للشقيقة مصر أم الدنيا حكومة أتى بها أغلبية سكان مصر..
{ طيب يا أهل الخير (ما تروقوا المنقة)، قبال ما يرتاح الريس “مرسي” في كرسي الحكم تقوموا طوالي لي ميدان التحرير مطالبين بالإطاحة به؟!
طيب الناس الذين انتخبوه من أهلكم يعني يسكتوا ويصموا خشومهم؟! أهو طلعوا بمظاهرات تأييد وإنتو بمظاهرات معارضة، وواحدين آثروا مراقبة الأمر قابعين في منازلهم وأماكن أعمالهم.. والعالم يتابع عبر الفضائيات!!
{ طبعاً هنالك قنوات يوم عيدها لما تشتعل النار في بلد، ما لينقلوا لنا عبرها مشاهد الدمار والخراب والدماء، وكأني بمن يديرون تلك القنوات همهم الأوحد أن تولع النار ولا تنطفئ أبداً. يا سبحان الله أصبح الإنسان رخيصاً للغاية، وهو الذي استخلفه الخالق عز وجل لإعمار الأرض وما عليها ويأكل من رزقها وإليه النشور، وبالطبع هنالك من أهل الأرض الذين رهنوا أنفسهم لإشباع ذواتهم ليعملوا بالوكالة لمن لا يريد للإنسان الحياة المستقرة الآمنة، ويسخرون كل طاقاتهم لإشعال النيران..
{ والجيش المصري في مأزق لا يحسد عليه، فهاهم القائمون بأمره يصدرون بيانه ولا يأبهون للحكومة المنتخبة، وهذه أيضاً أزمة لا يُستهان بها، إذ تنذر بتناقض آخر بين الجيش والسلطة الشرعية..
{ والله البحصل في الوطن العربي يحير، والإنسان أمره صار هيناً وسهلاً، ولا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، والنفس أمارة بالسوء، والإنسان لو (خت) اليقين الأرض تسع سكانها، وخير الله كتير، لكن ماذا نصنع مع هوس السياسة والساسة، وساس يسوس، وأثره من جشع وأنانية وطمع؟!!
{ اللهم احفظ أرض وشعب مصر المنصورة.
التيجاني حاج موسى

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية