"مشار" .. أحسنا وأحسنت
{ استقبلت حكومتنا، على أعلى مستوياتها الرسمية، أمس، نائب رئيس دولة جنوب السودان الدكتور “رياك مشار”، فقد التقى بالرئيس “البشير” والنائب الأول للرئيس، وجرت مباحثات مشتركة بين الوفدين بقاعة الصداقة.
{ لا شك أنها خطوة مبشرة وتدعو للتفاؤل، أن يأتي “مشار” إلى “الخرطوم” وأن تحسن “الخرطوم” استقباله، بأريحية وجدية في ذات الوقت.
{ منذ إعلان “جوبا” أن مجلس وزراء الجنوب كلف نائب رئيس الدولة بالسفر إلى “الخرطوم”، فإننا في (المجهر) اهتممنا جداً بهذا الخبر، وأبرزناه، ثم كتبنا مرحّبين بزيارة “مشار”، ودعونا إلى أهمية وضرورة الترحيب الرسمي به.
{ مهما بلغ حد الأزمات بين البلدين، ومهما تفاقمت المشكلات، فإن الحل السياسي والدبلوماسي هو الأنجع والأسلم للعبور إلى (محطة التسويات) النهائية.
{ (الجنوب) الآن ليس إقليماً (متمرداً) على السلطة المركزية، ولا تمثله (حركة شعبية) خارجة على (الشرعية) و(جيش شعبي) يقود حرب العصابات ضد القوات المسلحة السودانية.. بل هو دولة مستقلة ذات سيادة، وكان السودان أول دولة اعترفت باستقلالها في بيان أذاعه يوم (جمعة) من على منصة بالقصر الجمهوري الفريق أول “بكري حسن صالح” وزير رئاسة الجمهورية، بحضور عدد كبير من الوزراء ورؤساء تحرير الصحف السياسية في البلاد، قبل عامين من الزمان.
{ (الجنوب) الآن مثل “مصر” و”إثيوبيا” و”تشاد” و”إريتريا”، ولهذا فإن الحكمة تستوجب أن تعي قيادة دولة الجنوب هذا (الواقع) المختلف تماماً عن ما قبل العام 2011م، كما ينبغي بذات القدر أن تتعامل حكومتنا مع هذه المتغيرات بصدر أوسع، وعلى أفق ممتد.
{ (الجنوب) يدعم حركات التمرد السودانية المسلحة في جنوب كردفان وجنوب النيل الأزرق وولايات دارفور، هذا صحيح، ولكن قيادات الجنوب – أنفسهم – مختلفون حول هذا (الدعم) القديم المتجدد، فعلينا أن ندعم تيار (العقلانية) في الدولة، ويقوده الفريق “سلفاكير” نفسه ونائبه الأول “رياك مشار”.
{ عدد من خصوم السودان يتساقطون الآن، مثل “دينق ألور”، وقبله مجموعة من (جنرالات) الجيش الشعبي لأسباب مختلفة تم إبعادهم، وكلما غادر (المتطرفون) و(صقور الحرب) دفة القيادة في “جوبا”، تحررت العلاقات السودانية – الجنوبية من أعراض الماضي، ومرارات الحرب.
{ دعونا نرحب مرة وعاشرة بالرجل المهذب الدكتور “رياك مشار” في بلده (الأول) السودان، ونرجو أن تكتمل كل محاور النقاش هنا في “الخرطوم”، دون حاجة إلى جولات جديدة في “أديس أبابا”.
{ آآمين.