موت اتفاق!!
{ يبدو للمراقب أن الرصاصات التي اغتالت القائد السياسي لحركة العدل والمساواة “محمد بشير” قد قتلت معها الاتفاقية التي وقعت بين الفصيل المنشق والحكومة كملحق باتفاق الدوحة.. الذي لا يزال يقاوم كل أسباب الفناء التي ولدت معه.. وحركة العدل والمساواة بقيادة “جبريل إبراهيم” (استهدفت) المنشقين عنها لتصفيتهم وإقصائهم نهائياً من المسرح الدارفوري، ونجحت في خطتها حيث (ماتت) الاتفاقية مع الحكومة، وما لبث الدكتور “أمين حسن عمر” يتحدث عن الترتيبات الأمنية.. ولكن ترتيبات مع من؟ وكل قيادات الحركة تمت تصفيتها برضاء المجتمع الدولي الذي لم يُدن حادث الاغتيال، كما كان متوقعاً، ولم تتخذ أية عقوبات بحق حركة العدل – بقيادة “جبريل” – المتورطة في الحادث باعترافها علناً وجهراً وحديثها عن (خارجين) عن لوائحها ونظامها ودستورها.. كأنها أصبحت دولة!
{ واغتيال “محمد بشر” ورئيس أركان قواته “أركو سليمان ضحية” قد أصاب حركة العدل بقيادة “جبريل إبراهيم” بلعنة أبناء العمومة، حيث وضع الحادث قبيلة الزغاوة على حافة الانقسام الشديد.. وتعرض د.”جبريل” لضغوط أسرية وانتقاد شديد من أقرب الناس إليه.. بل خسرت جماعة “جبريل إبراهيم” الدعم التشادي، حيث اعتبر “إدريس دبي” اغتيال “بشر وأركو ضحية” داخل الأراضي التشادية يمثل إساءة بالغة لسلطته واستغلال بشع لاسم القبيلة في تصفية حسابات شخصية، (فضاقت) دارفور بحركة العدل، وتعرضت لملاحقة شديدة من القوات التشادية التي تعقبت وجود “جبريل” حتى الحدود المشتركة، ليخرج “جبريل” في رحلة شاقة لكردفان ويخلي الساحة الدارفورية لفصائل أخرى ويحتفظ بوجود في وادي هور، ولكن اغتيال “بشر” كان سبباً جوهرياً لخروج “جبريل” من دارفور واللجوء لجبال النوبة لتشكيل قوات الجبهة الثورية.
{ وطبقاً لمعلومات وردت من جبال النوبة فإن قوات د.”جبريل” والفصائل الدارفورية لم تجد ترحيباً من أبناء النوبة خاصة في المنطقة الغربية، حيث يواجه “عبد العزيز الحلو” من قيادات الحركة محاولة إبعاده عن دوائر التأثير، حتى بات “خميس جلاب” أقرب للعودة للخرطوم إذا وجد من يرحب به ويفاوضه، إلا أن الخرطوم غير متحمسة لأية اتفاق مع المتمردين والمنشقين عنهم من أبناء جبال النوبة بقدر حماسها لإبرام اتفاقيات مع الفصائل الدارفورية المنشقة عن (أمهاتها)، كالمجموعة التي تم اغتيالها من قبل د.”جبريل”. فهل انتهت الاتفاقية التي وقعت في الدوحة بموت قادتها وتبعثر صفهم؟! أم (سيركب) آخرون قطار التسوية وينالون ما كان (مقرراً) أن يناله الراحل “بشر” من مواقع وزارته في المركز ودارفور، وتبقى القضية الدارفورية جرحاً نازفاً في انتظار تسوية شاملة تنهي دورة العنف الحالية!
{ إن اتفاق الدوحة رغم وجود الضامن الإقليمي والدولي إلا أنه جابهته عثرات شديدة في التنفيذ، ولم تفِ الدول المانحة بتعهداتها المالية، ولم تبدل حركة التحرير والعدالة من معادلات الحرب في دارفور.. ولم يفلح د. “التجاني سيسي” حتى الآن في إقناع الفصائل غير الموقعة بالانضمام إليه.. ليُوأد حلم استقرار الإقليم تحت أزير القصف والاغتيالات والنهب!