أخبار

المبادرة الإريترية!

{ الزيارة القصيرة لوزير خارجية “إريتريا” لجوبا ولقاء الرئيس الجنوبي “سلفاكير” لمدة ساعة، لوحدهما، ثم انضم للاجتماع “باقان أموم” الأمين العام للحركة الشعبية، و”نيال دينق” وزير الخارجية، و”جون لوك” وزير العدل، ورئيس أركان الجيش الشعبي.. ليخرج وزير الخارجية الإريتري لفضاء الإعلام ويتحدث عن مبادرة بلاده لاحتواء الخلاف بين الخرطوم وجوبا!
{ ولحظة انعقاد الاجتماع في جوبا.. التقى الوسيط “أمبيكي” بمبعوث من الحكومة السودانية طار سراً لجنوب أفريقيا من أجل تحريك مياه التفاوض الساكنة منذ إعلان وقف سريان بترول الجنوب عبر أنابيب الشمال.. وغير بعيد عن المبادرة الإريترية واللقاء السري بين المبعوث أو المبعوثين الحكوميين “بأمبيكي” أصدرت مجموعة الأزمات الدولية تقريراً عن الأوضاع في السودان طالبت فيه بتشكيل حكومة انتقالية تتقاسم خلالها السلطة ثلاثة مكونات، المؤتمر الوطني والجبهة الثورية والمعارضة، وقالت المجموعة في تقريرها الذي يحظى دائماً باحترام من الغرب ويُؤخذ به على الأقل من جهة الولايات المتحدة الأمريكية التي لا تقف بعيداً عن المجموعة.. قالت إن الجبهة الثورية لا تستطيع تغيير نظام الحكم في الخرطوم وعليها الالتزام بالحل السلمي.
{ قد تبدو المبادرة الإريترية ولقاءات المبعوث السوداني بـ “أمبيكي” وتقرير مجموعة الأزمات الدولية شذرات متباعدة لا رابط بينها.. إلا الأزمة التي تعيشها البلاد.. لكن هناك علاقة وثيقة جداً بين هذه وتلك.. حيث نشطت المبادرة وبدأت الضغوط على الخرطوم وجوبا لنزع الاحتقان الحالي ودخول إريتريا حلبة النزاع ليس جديداً.. باعتبارها من الدول التي ساهمت في ميلاد (جوبا) بالدعم العسكري والسياسي للحركة الشعبية، ولا ينسى “أسياس أفورقي” خروجه من الأراضي السودانية لعاصمة بلاده “أسمرا” ليجلس على عرشها رئيساً بدعم من الخرطوم.. إلا أن “أسياس أفورقي” يواجه عزلة دولية وعقاباً صامتاً لحكومته لعدم إذعانها لكل شروط النادي الأمريكي.. وسوء علاقتها بجارتها “إثيوبيا” يجعلها في وضع لا يؤهلها لقيادة مبادرة كالتي تنهض بها الآن.. خاصة وقد حصل (الاتحاد الأفريقي) على الحق الحصري لملف العلاقات بين السودان الشمالي والجنوبي وامتياز الوساطة بين المتمردين والخرطوم.. فهل تفتح المبادرة الإريترية دخول أطراف جديدة في لعبة النفط والسلاح بين الدولتين؟ أم أن الدور الإريتري لا يعدوا كونه (مسهلاً) لقضية استعصى حلها على الأفارقة والعرب!
{ أما مبعوث الحكومة السودانية للوسيط “أمبيكي” فقد عتمت الحكومة على طبيعة المهمة، إلا أنها بدأت – أي الحكومة – (تخفف) لهجتها الحادة جداً في مواجهة جوبا، في وقت شهدت فيه مسارح العمليات هدوءً نسبياً بعد بدء فصل الخريف، ولكن الموقف من التفاوض داخل الحكومة (مختلفاً) عليه ما بين تيار يرفض الدخول في التفاوض من حيث المبدأ ويعتبر البندقية وحدها ستنهي المشكلة، وتيار آخر ينظر للقضية باعتبارها سياسية لا تزيدها البندقية إلا تعقيداً، رغم موضوعية هؤلاء إلا أنهم لا صوت لهم وسط ضجيج دعاة الحرب.
{ فهل تقرير مجموعة الأزمات الدولية يمثل خطوة نحو نقل القضية ثنائية الأبعاد (العلاقة مع دولة الجنوب) والتفاوض مع المتمردين لجند الدولية من جديد.. بعد أن تعذر على الأفارقة حلها طوال السنوات الماضية؟!
{ إن التقاطعات في القضية السودانية شائكة جداً ودخول أطراف جديدة في اللعبة لا يضيف إلا مزيداً من التعقيد وتطاول الأزمة!

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية