(أشفق من جناي عليّ وأطوع من بناني إليّ): مفردات شعرية في وصف الزوجة المثالية
الحياة الزوجية مليئة بالأحداث، أبوابها كثيرة ومداخلها متشعبة، فهي إلى جانب إحتوائها على المنغصات تحوي أيضاً نكهات تضفي عليها مذاقاً خاصاً، وتؤكد على أن متانة العلاقة فيها تعتمد بشكل كبير على منبت وصفات الطرفين (الزوجة والزوج)، فهناك أسس تعزز وتسهم في استقرار العلاقة، ولعل تلك الصفات التي ذكرها الرسول “صلى الله عليه وسلم” هي الأساس الذي تنبني عليه العلاقة الزوجية والتي حصرها في أربعة (مالها وجمالها وحسبها ونسبها، ثم جاء التركيز على الدين حين قال عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم وهو يخاطب الرجل (أظفر بذات الدين تربت يداك)، وقال “صلى الله عليه وسلم” وهو يخاطب أهل الفتاه أو المرأة (زوجوها من ترضون دينه). ورغماً عن المشكلات التي تمور بها بطون البيوت، نجد أن الزوجات من (ذوات الدين) حظين بمكانة سامية في قلوب وعقول أزواجهن، مكانة شهدت بها بعض المفردات الشعرية المغناة، فضلاً عن تلك الوصايا والتوجيهات من ذوي الرأي والقربى التي يحملونها للطرفين من أجل زيجة أكثر استقراراً.
من خلال بعض ما ورد في بعض أغنيات الحقيبة وأغاني البنات وبعض الأشعار والأناشيد الشعبية، استقت (المجهر) بعضاً من تلك التي نظمها الشعراء مدحاً ووصفاً لزوجاتهم أو تلك التي تتحدث بلسان البعض حال توافقها، وقد أسفرت بعض المفردات عن وصايا وخصال مشتركة، نلخصها في المساحة التالية.
إجماع شعري على صفات الزوجة
اجتمع شاعر الحقيبة الرائع “ود الرضي” في (ست البيت) التي تغنى بها “مبارك حسن بركات، والشيخ “عبد الرحيم البرعي” في (الزوجة المبروكة)، و”فتحي الماحي” شاعر الأغنية الدارفورية (بنيتي حسابا) و”هيثم عباس” في (أصيلة أم ولدي) التي تغنت بها “ندى القلعة”، اجتمعوا على حشد بعض الخصال التي توفرت لدى بعض الزوجات، وكذا وصايا دارفورية للزوجة منها الكرم،
شاعر الحقيبة “ود الرضي” قال في وصف الزوجة المثالية:
ما بتحسب علي كُلية وتكرم كل منسوب ليّ
أشفق من جناي عليّ وأطوع من بناني إليّ
لو كان يوم حبيب واصل لي
الكرم العريض يوصل لي
فيما تغنت “ندى القلعة”
كريمه يا بنية كان جو الضيوف ميه
بتجود بموجودها كان مافي بالنية
أما الجمال وهو أحد الأركان الأربعة الموصى بها، فقد كان لها نصيب الأسد في مفرداتهم، فغنى “بركات”:
ربّنا بالجمال كافاها لّمن قال قوامه كفاها
المسرورة مِي تفّاهه يا حلاة الكلام في فاها
وتغزّل “هيثم عباس” واصفاً إياها
ملساء ما غبشاء.. ناعمة ما غبشاء.. نايرة ما غبشاء.. ماها الخبوب روشا.. في رأسي ما غدرت الله الله وما سوت الدوشا
العود والمسوح والدلكة
وللعطور فعل السحر في العلاقات ِالزوجية سيما تلك الروائح البلدية المصنعة محلياً كالبخور والدلكة، فضلاً عن دخان الطلح أو الشاف، وكلها دليل صحة زوجية، وقد طرحها الشعراء في كلماتهم (عادي) متخطين كل الحواجز، فأنشد “ود الرضي” مستنشقاً
ما قالت بقيت حبوبة وتركت بوختها المحبوبة
لو جاتك من رياحها هبوبة تحي عِروقك المهفوفة
مِي العزّاية دائماً سادّة
مي الغبشة المغّبره حادّة
مي اللهفانة بي وراءَ المادّة للبوخة ديمة مِوادهي
وفي وصية الأم الدارفورية التي لم تترك شاردة أو واردة إلا وذكرتها، كان من بينها الدخان، وفي لهجة محببة قال “ود الماحي”:
بطلحاي بدروتاي حفرتك ولعيه
جيبي مخبرك لبطن بيتك بخريه
وكان كملتي خدمتك لنارك أكتليه
وشيخنا “البرعي” افترض في الزوجة المبروكة
أن
ترجاك بالروائح تلك
العود والمسوح والدلكة
ومن الصفات المطلوبة في الزوجة والتي تميزها وتعلي من مكانتها في عين زوجها، هي تلك الحافظة للسانها المتحفظة في حديثها، متفرغة فقط لتربية أولادها فغنت “ندى القلعة”:
ما مرقت من جوه ما سوت العوى
ما ليها في فلانة وفلان عمل سوى
حكامة كان فوتى رباية كان موتى
بتعيش وليدتها ما بتجيهم الحتة
وأنشد الشيخ “البرعي”
سادة الباب عليها الملكة
وسالم جسمها من علكة
جات من خيرة أهل بلادا
ماها ذات نضم وبَلاده
تحفظ نفسها وأولادا
بيتا ومالها وبِلاده
وفي الوصية الدارفورية
كلام كم تخاف لو من بيت لا تمرقيه
وقالوا وقلنا في لسانك لا تجيبيه
جارتك المهوهوة دا لا بيتك بخربيه
وختم “بركات” مدندناً
مي شهّاية مي طمّاعة لي قول قالوا مي سمّاعة
حشمة سكوته من ميلاده مو سُكاتاً تنوبه بلاده
نضاف ومنظمين أولاده دائما عندي حِلوة جلاده
أخيراً نتمنى من بنات هذا الزمان أن يستمعن بتمعن لهذه الأغنيات الإرشادية التي تعكس صفات ومواصفات الزوجة المثالية حتى يستفيدوا منها لإنجاح حياتهم الزوجية.