اعترافات "نهار" تحت قبة البرلمان .. من يهز عروش الوزراء؟
اعترافات بعض الوزراء، تحت قبة البرلمان، بإخفاقات وزاراتهم، تدعو إلى الحيرة والتساؤل معاً حول وضعية الجهاز التنفيذي، ومدى كفاءته في إدارة دواليب العمل بالبلاد، وحول معايير الاختيار.. أصلها وفصلها.. وحول الإخفاقات والفشل في إدارة العمل نفسه داخل تلك الوزارات؛ مما يفرض هنا حزمة من الأسئلة، هل سببها انعدام الكفاءة أم هي وضعية السلطة الصورية لبعض الوزراء؟! مَنْ يحاسب مَنْ داخل البرلمان، الجهاز التشريعي أم التنفيذي؟!
{ اعترافات وزير النقل “أحمد بابكر نهار” الأخيرة داخل البرلمان، بوجود مشكلة إدارية حقيقة في هيئتي النقل البحري والجوي، تدعم ما ذهبنا إليه من وجود أزمة مزمنة يعاني منها الجهاز التنفيذي، مثلما يعاني منها الوزراء داخل وزاراتهم.. إلا أن تعليق الوزير نفسه حول الوضع داخل هيئتي الخطوط البحرية والجوية، كان الأكثر إحباطاً لمن استمع إلى الجلسة، ولمن قرأ ذلك التعليق لاحقاً، فقد قال: (لا يمكن من كم طاشر باخرة وطائرة لا تُوجد غير اثنتين أو أربع!!) – انتهى بعض ما اقتبسناه من النص المثير للوزير في جلسة البرلمان. ليطل هنا سؤال مرتد وموجّه مباشرة إلى السيد الوزير نفسه، وهو: كيف بالفعل أصبحت (كم طاشر باخرة وطائرة) اثنتين أو أربعاً.. وماذا يحدث داخل هيئة المواني البحرية وداخل (سودانير)؟ وكيف حدث ذلك؟ ولماذا صمت الوزير طيلة تلك الفترة وهل يعد صمته ذاك تواطؤاً؟ من يحاسب الوزير على صمته أولاً ثم على مسؤوليته تجاه تلك الهيئات ثانياً؟!
النائب البرلماني “أحمد كمبال” شنّ كذلك هجوماً عنيفاً، وانتقادات قاسية على شركة الخطوط البحرية، وقال إن جمع البواخر بيعت تحت مسمى الإحلال، وكشف عن بيع باخرة بالخسارة بمبلغ (850) ألف دولار. وأكد وجود مطالبات على الهيئة بقناة السويس بآلاف الدولارات، وتساءل عن الأموال التي بيعت بها (12) باخرة، أين ذهبت؟ ولماذا لم يتم شراء بواخر ولاسيما أنها بيعت بحجة الإحلال؟! وألمح إلى وجود شبهات فساد في عمليات التخلص من البواخر وعملية الإحلال نفسها!!
{ النائب البرلماني “عصام هجو” شنّ هجوماً عنيفاً على الهيئات التابعة لوزارة النقل، وعلى الوزارة نفسها، وقلل من مقدرة الوزير في السيطرة عليها. وعلّق: (الوزير لا حول له ولا قوة، وكل ما يعرفه عن أداء الهيئات والقطاعات التابعة، إما عبر التفتيش وإما التقارير التي لا تسمن ولا تغني من جوع)..
وانتقد “هجو” مصلحة الملاحة النهرية. وقال إن واقعها حزين ولا بد أن نُحرّر لها شهادة وفاة ونُشيّعها إلى مثواها الأخير، و(نهيل) عليها التراب، ونطلب لها الرحمة!!
بينما تلاحظ هنا محاولة الوزير، وضع بعض (الضمادات) في ما يختص بما آل إليه الوضع في النقل النهري عندما علق تلك الإخفاقات على شماعة الانفصال، بقوله: (إن الانفصال والتوترات على الحدود هي التي أقعدت بالنقل النهري بعد أن فقد العديد من (الصنادل) التي كانت تعمل في نقل البضائع إلى الجنوب).. الضمادات لم توقف ألم النزف المستمر، ليشير هنا خبراء اقتصاد إلى أن أهمية تشريح المشاكل في العمل وصولاً إلى الجودة والتميز في الأداء، كما أشاروا إلى أهمية توفر المعلومة اللازمة لدعم صناعة القرار واتخاذه على مستوى الهرم بالوزارة نفسها..
{ تعليق الوزير دفعنا إلى اقتحام الشبكة العنكبوتية وتفريغ العديد من (البوستات) التي تحكي فجيعة أوجاع ما يحدث داخل هيئتي المواني البحرية و(سودانير).. ويقيني لو مرّ عليها الوزير لما أثار تلك التساؤلات أمام البرلمان، ولما سأل نفسه عن سر تسرُّب سفننا في خضم الغفلة، وتبخُّر طائراتنا في عنان السماء!!..
{ تقرير التخطيط الاستراتيجي في خطته الخمسية المنتهية العام الماضي، أكد تطوُّراً في تقرير أداء الوزارات لكن من حيث الالتزام بمنهجية إعداد التقرير، إلا أنه أشار إلى أن التقارير لم تبلغ كمالها، كما لفت إلى إبراز الوزارات معوقات أساسية، ونقاط ضعف، تمثلت في انعدام أطر التخطيط والخبرة المتراكمة، بالإضافة إلى الصعوبة التي واجهتها في الحصول على المعلومة؛ بسبب نقص قواعد البيانات والمعلومات!!
{ وبينما أشار خبراء إلى أهمية إعادة هيكلة، ودمج بعض الوزارات، رمى بعضهم باللائمة على القيادات في أعلى الهرم بالوزارات نفسها، بالإضافة إلى ضعف الكفاءات والمقدرة على اتخاذ القرارات نفسها، وهو ذات الأمر الذي أثير داخل البرلمان الأيام الفائتة.. إذ لفت برلمانيون إلى أهمية وضع الكفاءة في مقدمة مطلوبات الاختيار لملء المقاعد التنفيذية، وهو ما يوصي به اقتصاديون لتلافي الوقوع في الفشل أو الدخول في أزمات ترتبط باقتصاد البلاد يصعب الخروج منها!!..