تقارير

طه في بورتسودان .. الحكومة تستجيب لنداء الشرق

زار أمس النائب الأول “علي عثمان” ولاية البحر الأحمر بصحبته وزير المالية “علي  محمود” ووزيرة الرعاية الاجتماعية “مشاعر الدولب” وبحسب ما نُشر في الإعلام  قيل إن  الزيارة بهدف الوقوف على قرارات ومعالجات قضية المياه، ويبدو أن الزيارة نفسها رتبت على خلفية مشكلة المياه التي دعت “إيلا” إلى الانتفاض أمام حزبه، محذراً إياهم من تداعيات هذه الأزمة أو كما قيل، كما تم رصد حديث لمجلسه التشريعي هدد فيه  بعض عضويته السلطة باتخاذ قرارات حاسمة، ومن الواضح أن الحكومة أخذت هذه الموضوع مأخذ الجد لاسيما أن الشرق يعيش كثيراً من الإشكاليات التي تحتاج إلى حسم لم يكن آخرها قضية الاتجار بالبشر، فبعثت بالنائب الأول ومعه المالية ربما لحسم المشكلة بتبعاتها المالية وبالفعل انتهت الزيارة بحلول عاجلة لمشكلة المياه تمثلت في دفع مليون دولار بجانب عشرة تناكر مياه و(2) مليون إضافية. 
 وقبلهم كان قد استقبل الشرق وزير الدفاع ربما للاطمئنان على بعض الترتيبات الأمنية على خلفية الاستهدافات الخارجية والداخلية. اتجاه المسؤولين صوب  الشرق قد يكون استجابة لرسائل ظل يبعثها أهل الشرق بمن فيهم المنتمون للسلطة نفسها والحزب الحاكم ووفقاً لحديث بعض عضوية المؤتمر الوطني هناك، إن الوالي “محمد طاهر” إيلا نفسه لم يكن راضياً عن أوضاع التنمية في ولايته، ولهذا السبب ذهب قبل ذلك إلى السعودية وبقي هناك بعد رحلة العلاج لأيام حتى أطلقت إشاعة أنه تمرد على نظامه وعاد بعدها عبر مطار الخرطوم واستقبلته الحكومة استقبالاً استثنائياً ورغم نفيه لأنباء تمرده آنذاك إلا أنه استمر في بعث الرسائل لحكومته وفي الوقت المناسب، فمشكلة مياه بورتسودان جعلته يذهب بنفسه إلى المركز ويجلس مع النائب الأول لرئيس الجمهورية “علي عثمان” الذي رد الزيارة بأسرع ما يكون وفي حقيبته حلول سميت بالعاجلة.
على المستوى الآخر وأقصد جبهة الشرق هناك حديث يدور حول عدم رضا أهلها بما تم تنفيذه من اتفاقية الشرق، في مقدمتهم رئيس جبهة الشرق “موسى محمد أحمد” الذي ووفقاً لمقربين منه صبر طويلاً لكنه مؤخراً قرر كسر حاجز الصمت حينما قدم خطاباً غاضباً لمجلس الولايات قبل أكثر من شهر، أوضح فيه أن الحكومة لم تفِ بالتزامها بتخصيص مبلغ (600) مليون دولار. وعبر فيه عن احتجاجهم الكبير عن عدم تنفيذ أجزاء كبيرة من الاتفاقية من قبل الحكومة.
يشار إلى أن جبهة الشرق أسستها عام 2005 مجموعة البجا أكبر قبائل شرق السودان إضافة إلى قبيلة الرشايدة، والمجلس أحال خطاب “موسى”  بعد جدل كثيف إلى اللجنة المختصة ولجنة الشئون الاقتصادية لمناقشته وإجراء دراسة متكاملة حوله           .
والخطاب كان قد فصل القضايا السياسية والاجتماعية والثقافية التي لم تنفذها الحكومة ممثلة في عدم تضمين اتفاقية الشرق بالدستور، والالتزام بتوفير خدمات تعليمية متكاملة لأبناء الرحل في شرق السودان، بجانب عدم إعادة الحقوق المكفولة لكل الأفراد الذين يحرمون من حقوقهم في الأرض قسراً أو بطريقة غير قانونية، إضافة إلى عدم الالتزام بسياسات محاربة الفقر وضمان التوزيع العادل للثروة لتأمين حياة كريمة للمواطنين.
وكان “موسى” قد شكا خلال تلاوته الخطاب بالمجلس من اعتماد الولايات الشرقية على أموال صندوق إعمار الشرق نسبة للتداخل في المهام التنموية مما أدى إلى إقعاد الصندوق عن القيام بالدور المنوط به تجاه برامج إعادة بناء وتنمية المناطق المتضررة والمتأثرة بالحرب والأقل نمواً وعدم وضع قانون اتحادي للصندوق يحدد الصلاحيات، مشيراً إلى أن الأموال التي ضخت بلغت  (75) إلى(100) مليون دولار  فقط خلال سبع سنوات من جملة ما يقارب (600) مليون دولار. 
وكشف عن وجود ملشيات قبلية مسلحة تحت مسمى قوات الحدود، منوهاً إلى أن ذلك يؤدي إلى انتهاكات وتوترات بين القبائل خاصة عند نشوب نزاعات أهلية.  وأفصح للمرة الأولى عن انتهاكات تقوم بها سلطات مكافحة التهريب بعدد من مناطق الشرق أدت إلى خلق شعور بالاحتقان فضلاً عن وجود مليشيات قبلية مسلحة بواسطة الحكومة تحت مسمى قوات الحدود الأمر الذي عده مخالفة لنصوص الاتفاقية.
وحذر “موسى” في بيانه النادر بشأن سير إنفاذ اتفاق الشرق من أن الخطر لا زال يتهدد إنسان الشرق وممتلكاته بسبب وجود الألغام ومخلفات الحرب على الرغم من الجهود التي بذلت في مشروع إزالة الألغام بالشرق.
وقبل هذا الخطاب سبق أن زار “موسى محمد أحمد” الدكتور “الترابي” وتناولت (المجهر) وقتها  خبر الزيارة دون أن يعرف أحد تفاصيلها، ورغم أن بعض عضوية جبهته قللوا من اللقاء وقالوا إنه جاء في سياق اجتماعي إلا أن آخرين لم يستبعدوا أن يكون الهدف منه لفت انتباه الحكومة لاسيما أن “الترابي” ظل يتحدث عن الشرق منذ فترة طويلة. 
بعد خطاب “موسى” الذي ألقاه بمجلس الولايات سافر الرجل للمشاركة في أعياد  استقلال دولة “إريتريا” وبقي هنا ك عشرين يوماً (ويذكر أن مؤتمر البجا كان أول فصيل تعاملت معه دولة “أرتيريا” وكانت قد استضافت مفاوضات الحكومة وجبهة الشرق)، وحينها تضاربت الأنباء حول عدم عودته فهناك من قال إن “موسى” قال كلمته للحكومة وذهب وهو في انتظار ما سيتمخض من دراستها للأمر، فيما أكد آخرون عدم رضا الجبهة بما تم تنفيذه بما فيهم “موسى” مع عدم وجود تجاوب من جانب الحكومة  التي سبق أن ألغت مؤتمراً صحافياً أعد له بعض عضوية صندوق الإعمار للحديث عن مشاكله وموارده، لكن هؤلاء نفوا أي اتجاه لما أثير حول إمكانية تمرد “موسى” ووصفوه بالهادئ الذي يتبع سياسة النفس الطويل وأشاروا إلى أن سفره جاء في سياق طبيعي حيث ظل المساعد يشارك في هذه الاحتفالات بصورة راتبة.
رغم ذلك دعونا نسأل هل أدركت الحكومة رسائل أبناء الشرق وحاولت معالجتها قبل أن يلتقطها الآخرون على ضوء ما يدور من رهان وحديث عن هتك جدار السيادة؟

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية