وزير المالية.. أول الضحايا المرتقبين!!
{ في مثل هذه الأيام، في (يونيو) من العام الماضي (2012) اندلعت أعمال عنف، وشغب وتظاهرات في عدد من مدن وأحياء ولاية الخرطوم احتجاجاً على قرار (رفع الدعم) عن المحروقات، أو زيادة أسعار البنزين والجازولين.
{ أحرق المتظاهرون عدداً من (بصات الولاية) في مربعات “جبرة”، وأغلق شباب صغار السن عدداً من شوارع “أم درمان” و”بحري” والخرطوم بإطارات السيارات (المحترقة) على مدى أيام وليالٍ. لم تصل الاحتجاجات إلى مرحلة (الثورة)، ولم تستوفِ شروط (الانتفاضة) على نحو ما حدث في مارس/ أبريل 1985 حيث اجتمعت التظاهرات بالاعتصامات والإضرابات فالعصيان المدني، فسقط نظام المشير “جعفر نميري” بعد (9) أيام فقط من اندلاع الثورة من “أم درمان” إلى “الخرطوم”.
{ مرت احتجاجات العام الماضي بسلام، وامتص الشارع زيادات “علي محمود” (المدعومة) بتأييد وتصويت (نواب الشعب)، وكتم المواطنون آلامهم وأحزانهم، لأنهم يتمسكون باستقرار باهظ الفاتورة، خوفاً وهلعاً من (البديل) الذي يرتبط في مخيلاتهم بالفوضى الشاملة، وحكم (المليشيات) القبلية والعنصرية، وذوبان الدولة في بحر المجهول وانهيار ما تبقى من (مداميك) الأمل!!
{ ولكن الخوف من المجهول الكارثي، لا يبيح للحاكمين أن يطلبوا من الشعب ما يتمنون، ويحرمونه من بعض أمانيه في قليل من الرخاء والرفاهية.
{ مرور احتجاجات (رفع الدعم) العام الماضي، لا يعني أن قرارات رفع الدعم (السنوية) ستمر كسابقاتها كما يتمنى وزير المالية الذي تعود على إنتاج مسلسلات (رفع الدعم) قبيل كل شهر (رمضان)!! تماماً كما يفعل منتجو المسلسلات العربية استعداداً للشهر الكريم، وبينما تبث تلك الدراما الرمضانية على شاشات (MBC) و(الحياة) و(النهار) و(دبي)، فإن (دراما الحزن) السودانية يتم إعداد السيناريو فيها بوزارة المالية، وينتقل التصوير إلى مباني مجلس الوزراء ثم إلى قاعة المجلس الوطني، ثم تُعرض الحلقات على شاشات الطلمبات والبصات والبقالات، والجزارات والمدارس والبيوت!!
{ استسهال إجازة قرارات رفع الدعم عن الوقود (الاسم الحقيقي هو زيادة أسعار المحروقات) يعني فقدان خاصية وحاسة (الاستشعار من بعد).. وهذا لعمري خطر ما بعده خطر..!!
{ زيادة أسعار المحروقات متزامنة مع ارتفاع أسعار (الدولار) في السوق الموازية بعد أن شهد انخفاضاً كبيراً في شهر أبريل الماضي، يعني أن هذا الصيف سيكون ساخناً جداً، بحيث سيكون أول ضحاياه وزير المالية – نفسه – فلن يكون هناك من خيار سوى التضحية به وآخرين حال إقرار الزيادات، واستمرار تصاعد (الدولار)، واستمرار ارتفاع درجات الحرارة!!