أخبار

سنوات الرهق

يواجه السودان منذ (23) عاماً رهقاً ومتاعب وصعوبات سنوية، حينما يجتمع العالم في مدينة جنيف السويسرية ويمارس التفتيش الداخلي لملابس حكومات العالم حيث تتعرى شعوب وتضحك أخرى.. وينفض سامر اجتماعات حقوق الإنسان في الغالب بإدانة الدولة والحكومات من أمثالنا وهم عدد لا يتعدى أصابع اليدين.. يتقاسمون قارات العالم.. في أفريقيا، الصومال وزمبابوي وليبيا سابقاً وبطبيعة الحال بلادنا العزيزة السودان.
وفي أمريكا الجنوبية كانت “فنزويلا” وحدها.. وفي أوروبا الشرقية “بلاروسيا”.. وتفيض القارة الأسيوية ببقية المطلوبين من “العراق” و”إيران” و”كوريا” و”أفغانستان” بينما غسلت أوروبا القديمة ودول اتحادها أياديهم من أوزار انتهاك حق الإنسان.. وغربت شمس الحكومات العسكرية للأبد.
يتهم السودان سنوياً في اجتماعات “جنيف” بانتهاك حقوق مواطنيه وممارسة سياسات قسرية لسلب حقوق شعبه وإبادته جماعات والزج بالمعارضين في السجون دون محاكمات وإغلاق الصحف والمراكز الثقافية والتضييق على المنظمات الطوعية العاملة في مجالات إنقاذ ضحايا النزاعات من الموت.. وأدرجت في السجل اتهامات بالتطهير العرقي للدارفوريين والإبادة الجماعية.. لكن السودان رغم غلظة الاتهامات التي تثير قشعريرة أجساد الأوروبيين وفزعهم.. ظهل يواجه ملف حقوق الإنسان بالنفي والتشكيك في ذمة المبعوثين والطعن في حيادية تقاريرهم.. حتى انتقل قبل عام واحد من الآن من البند الرابع (المراقبة) أي من وجود مفتش ومراقب دائم على سلوكنا يأتي من حين لآخر يبعثر محتويات البيت الداخلي ويقدم تقريره السنوي عن أوضاعنا الداخلية.. فانتقلنا بفضل حزمة تطورات داخلية إلى البند العاشر (المساعدات) حتى نتعلم كيف نحترم حقوق شعبنا.
بيد أن شهر سبتمبر القادم يشهد مراجعة جديدة لأوضاعنا حيث تدفع الولايات المتحدة وحلفائها باتجاه لإعادة السودان لمربع المراقبة من جديد.. وقد صعدت امرأة أخرى من نساء أمريكا اللاتي بينهن والسودان عداوة وبغض شديد إنها السفيرة “سمانتا باور” مندوب الولايات المتحدة في الأمم المتحدة ولن ينسى السودانيين موقفها من السودان حينما أنجزت فيلماً خلال عام 2006م، عن الإبادات الجماعية مع التركيز على مذابح الأرمن وحرب دارفور، الشيء الذي يبشر بحقبة أكثر سوداً في العلاقات السودانية الأمريكية عطفاً على وجود السيدة “رايس” في موقع مستشار الأمن القومي الأمريكي، ويدرك رعاة الغنم في سهول نهر عطبرة مواقف “رايس” من السودان خلال عهد “بوش” قبل مجئ “أوباما”.
الأسبوع الماضي شهد يوماً للسودان في “جنيف” حيث عرض وزير العدل “محمد بشارة دوسة” ملفاً لفت انتباه العالم.. إنه ملف الانتهاكات الجسيمة التي ارتكبت من قبل متمردي الجيش الشعبي قطاع الشمال في مناطق “أبو كرشولا” و”الدندور” و”أم روابة”.
وقد أدرك السودانيون مؤخراً أن مخاطبة العالم بلهجة الحماسة والخطب الإنشائية ما عادت لغة عصرية يأبه بها العالم.. وقد عرض وفد السودان في “جنيف” فيلماً وثائقياً باللغة الإنجليزية والفرنسية ومعرضاً للصور الفوتوغرافية عن ضحايا اجتياح متمردي الجيش الشعبي لتلك المناطق.
وجدت بعثة السودان في “جنيف” نفسها في موضع المهاجم وأصغى السفراء الأوروبيون والأفارقة والعرب لإفادات الوزير “دوسة” والبروفسير “إبراهيم غندور” رئيس وفد التفاوض ود.”سليمان عبد الرحمن” مفوض العون الإنساني عن هجمات المتمردين وموقف الحكومة المؤيد للحل السلمي والتفاوض لإنهاء النزاع وجهود درء الآثار الإنسانية التي خلفها هجوم المتمردين، ولكن حتى حلول سبتمبر القادم موعد الدورة القادمة فإن الجهد الذي قام به السيد وزير العدل ومجلسه الاستشاري خارجياً لن يثمر إذا لم تتحسن أوضاع حقوق الإنسان داخلياً وتدرك كل مؤسسات الدولة أهمية أن لا تعود بلادنا لعصر الرقابة والتفتيش الدولي مرة أخرى.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية