حوارات

وزيرة الخارجية “مريم الصادق” لـ (الوطن) البحرينية : استعدنا الاعتبار للدبلوماسية السودانية

البحرين – سونا

اجرت صحيفة (الوطن) حواراً مع دكتور مريم الصادق المهدي وزيرة الخارجيه تناولت فيه العلاقات السودانية والبحرينية وقضيه سد النهضة وعلاقات السودان مع دول العالم عقب ثورة ديسمبر المجيدة وفيما يلي مضابط الحوار :

– تنسيق بحريني – سوداني عالي المستوى بأروقة المنظمات العالمية لدعم التعاون الثنائي

– وعي الشعب البحريني واستجابته للإجراءات الاحترازية أثر إيجاباً على حركة الحياة اليومية

– نشكر البحرين على المساعدات القيمة للقطاع الصحي في السودان لمجابهة الجائحة

– نقص المعلومات عن تدفقات سد النهضة تهديد وشيك لمحطات الكهرباء بالسدود السودانية

– سد النهضة يهدد 20 مليون نسمة يعيشون على ضفاف النيلين يعملون بالزراعة الفيضية

– اتخاذ الخطوات والتدابير لحفظ أمن السودان القومي ومصالحه بعد أزمة سد النهضة

– إثيوبيا تواصل إجراءات أحادية الجانب تضر بمصالح دولتي المصب السودان ومصر

– اتفاقية للملء والتشغيل بغية نقل الأمر للتعاون بدلاً من الإضرار بمصالح الدول الثلاث

– سودان الثورة يقبل على العالم بعقل مفتوح وبروح جديدة أساسها التعاون المشترك

– يجري حالياً تشكيل القوة الوطنية لحماية المواطنين في دارفور

– نادي باريس يعفي السودان من ديون 14.1 مليار دولار وجدولة 9 مليارات بنهاية 2024

– إعادة الجدولة ستكون إلى ما بعد وصول السودان نقطة الإكمال في مبادرة “الهيبك’

أنس الأغبش

أكدت وزير الخارجية السودانية الدكتورة مريم المنصورة الصادق المهدي أن افتتاح مبنى سفارة جمهورية السودان الجديد بمنطقة السيف في البحرين، يأتي في إطار خطة السودان للانفتاح نحو العالم والشراكة مع المجتمع الدولي، واستعادة الاعتبار للدبلوماسية السودانية بعد أن جرفتها سياسات النظام السابق وجعلت السودان ملاحقاً دولياً.

وأضافت الوزيرة في حوار أجرته معها “الوطن”، وهو أول لقاء لها لصحيفة عربية وخليجية وعالمية منذ توليها دفة الوزارة في فبراير الماضي، أن أروقة المنظمات الإقليمية والدولية تشهد تنسيقاً على أعلى المستويات بين المسؤولين في مملكة البحرين وجمهورية السودان لدعم القضايا المشتركة، مبينةً في الوقت نفسه أن سودان الثورة يقبل على العالم بعقل مفتوح وبروح جديدة أساسها التعاون والمصالح المشتركة.

وحول ملف أزمة سد النهضة وتمسك إثيوبيا بملئه، أوضحت أن أبرز مهددات التعنت الإثيوبي بمواصلة ملئه تتمثل في موضوع سلامة السدود السودانية، ولا سيما سد الروصيرص، إضافة إلى أن معاش 20 مليون نسمة يعيشون على طول ضفاف النيل الأزرق ونهر النيل ويعملون بالزراعة الفيضية، ستكون عرضة للتغيير.

وأشارت مريم الصادق إلى أن عدم وجود بيانات ومعلومات تفصيلية عن التدفقات اليومية وإنسياب المياه القادمة من سد النهضة يمثل تهديداً وشيكاً لمحطات توليد الكهرباء في السدود السودانية وعلى نظم الري والتخطيط للزراعة، فضلاً على الأضرار البيئية والاقتصادية والملاحة النهرية.

وفيما يتعلق بإعفاء نادي باريس السودان من ديون سيادية تبلغ 14.1 مليار دولار مستحقة لـ16 دولة، وإعادة جدولة المتبقي والبالغ 9 مليارات دولار، أوضحت الوزيرة أن إعادة الجدولة ستكون إلى ما بعد وصول السودان إلى نقطة الإكمال في مبادرة “الهيبيك”، وهي مبادرة إعفاء الديون للدول الأكثر فقراً والمثقلة بالديون، والتي يتوقع أن يصلها السودان في يونيو عام 2024، وبالتالي فإن هذا المبلغ تمت إعادة جدولته ليتم سداده بعد نهاية ديسمبر 2024.

وأوضحت الوزيرة أن السودان نجح في إقناع العالم بالتوجه نحو الديمقراطية والسلام والعدالة، لذلك كانت هناك استجابة لرفع العقوبات، ومع ذلك لا يزال السودان تحت طائلة عقوبات فرضها مجلس الأمن عملاً بالقرار 1591/2005 بسبب الصراع في دارفور في تلك الفترة.

وبينت أنه منذ ذلك الحين تغير واقع الحال تماماً في دارفور، حيث تمكنت الحكومة من إسكات أصوات البنادق عبر توقيع اتفاقية جوبا للسلام ويجري حالياً تشكيل القوة الوطنية لحماية المواطنين بدارفور. وفيما يأتي اللقاء:

“الوطن”: كيف ترون مسار العلاقات البحرينية – السودانية في ظل التطور الملحوظ للتعاون الثنائي بين البلدين؟

العلاقات الثنائية بين البلدين تسير بخطى ثابتة وتطور مطرد، فهناك تنسيق وتشاور مشتركين في كافة الملفات وعلى جميع الأصعدة بين قيادتي البلدين، متمثلة في حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، والفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة بالسودان.

فعلى الصعيد الدبلوماسي شهدت الخرطوم في أبريل عام 2019 زيارتين لوزير خارجية مملكة البحرين السابق الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة كأول مسؤول خليجي يزور البلاد عقب قيام ثورة ديسمبر المجيدة وذلك خلال شهري أبريل وأغسطس عام 2019. وقد لمست القيادة السودانية تفهم مملكة البحرين للواقع الجديد بالسودان وتقديمها الدعم المباشر للسودان في كافة المجالات.

كما تشهد أروقة المنظمات الدولية والإقليمية تنسيقاً على أعلى المستويات بين مسؤولي البلدين لدعم القضايا المشتركة. وتأتي زيارتنا هذه للمنامة لتأكيد هذا التعاون وتنوير القيادة في البحرين بآخر التطورات في السودان والدفع قدماً بمسيرة العمل المشترك بما فيه الخير للبلدين.

“الوطن”: كيف يمكن أن يقود افتتاح مقر السفارة السودانية الجديد في منطقة السيف العلاقات المشتركة إلى نقلة نوعية جديدة؟

يسعى السودان لتوطيد العلاقات الثنائية مع الدول الشقيقة، من خلال العمل على استقرار وزيادة فاعلية التمثيل الدبلوماسي بالسفارة؛ ليؤدي دوره في بيئة طيبة ومستقرة ويتمكن من تقديم كافة الخدمات لمواطني البلد الضيوف والمقيمين من أبناء الجالية السودانية، بالإضافة إلى تسهيل زيارات الوفود المختلفة مستقبلاً.

هذا المبنى الجديد يأتي في إطار خطة طموحة لوزارة الخارجية بالسودان لإنشاء مباني البعثات الدبلوماسية للسودان بالخارج لتكون بمواصفات تساعد على دفع العمل الدبلوماسي وتعكس وجه السودان المشرق، وذلك في إطار خطة السودان للانفتاح نحو العالم والشراكة مع المجتمع الدولي واستعادة الاعتبار للدبلوماسية السودانية، بعد أن جرفتها سياسات النظام السابق وجعل السودان ملاحقاً دولياً، والآن سودان الثورة يقبل على العالم بعقل مفتوح وبروح جديدة أساسها التعاون والمصالح المشتركة.

“الوطن”: نجحت البحرين في القضاء على جائحة كورونا في وقت قياسي.. كيف يمكن الاستفادة من تجربتها بعد أن أصبحت نموذجاً دولياً يُحتذى؟

نهنئ حكومة البحرين بقيادة حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى، ودعم صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وفريق البحرين والقطاع الصحي، على جهودهم المقدرة في مكافحة جائحة كورونا ونثمن وعي الشعب البحريني واستجابته لكافة المحاذير والإجراءات والاحترازات الصحية التي أصدرتها وزارة الصحة وإقباله على تلقي التحصينات الواقية التي وفرتها مملكة البحرين مجاناً لجميع المواطنين والمقيمين في زمن قياسي، ما أثر إيجاباً على حركة الحياة اليومية وهو بلا شك نموذج يحتذى.

كما نشكر قادة مملكة البحرين على المساعدات القيمة لقطاع الصحة بالسودان لمجابهة هذه الجائحة، الأمر الذي كان له أكبر الأثر في دعم جهود الدولة في تحجيم آثارها.

“الوطن”: ما هي آخر مستجدات مشروع خيرات البحرين في السودان؟ ومتى سيبدأ الإنتاج فعلياً؟

مشروع خيرات البحرين هو أحد المشروعات الاستثمارية البحرينية الزراعية بالسودان التي نفتخر بها ونشجع مزيداً منها كونها تخدم تحقيق هدف الأمن الغذائي العربي الذي طالما بشرنا به وصدرت بموجبه قرارات عدة عن جامعة الدول العربية.

وفي هذا الصدد، أود أن أشير إلى أننا عملنا خلال الأشهر القليلة الماضية على تحفيز البيئة الاستثمارية لتكون أكثر جاذبية، وذلك بإجازة قانون جديد للاستثمار مع تكثيف العمل في البنية التحتية، وأخيراً العمل مع المجتمع الدولي لتسهيل التحويلات المصرفية بعد رفع اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.

“الوطن”: بالانتقال إلى ملف أزمة سد النهضة والتعنت الإثيوبي بمواصلة ملئه رغم كل الوساطات التي تقوم بها روسيا.. ما آخر التطورات بهذا الشأن؟

إثيوبيا قامت بملء السد للمرة الثانية دون اتفاق، ما يعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي وللاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالإدارة المشتركة للأنهار العابرة للدول، وهي بهذا التصرف تواصل اتخاذ الإجراءات أحادية الجانب التي تضر بمصالح دولتي المصب السودان ومصر، بل إن إثيوبيا بهذه الخطوة إنما تصم آذانها عن الاستماع إلى كل النداءات الدولية والإقليمية التي دعتها إلى الامتناع عن اتخاذ مثل تلك الإجراءات الأحادية، لذلك فإن السودان سيقوم بكافة الخطوات والتدابير التي تحفظ له أمنه القومي ومصالحه، بما في ذلك التدابير السياسية والاقتصادية والقانونية والدبلوماسية.

ولذلك نرحب بكل المبادارات الدولية والإقليمية الهادفة للوصول إلى حل لأزمة سد النهضة، بما يفضي إلى اتفاقية للملء والتشغيل، وذلك بغية نقل الأمر للتعاون المشترك بدلاً من الإضرار بمصالح الدول الثلاث.

“الوطن”: وهل بدأت روسيا فعلياً بإجراء مباحثات لإقناع إثيوبيا بمواصلة التمسك برأيها في شأن سد النهضة؟

روسيا من الدول التي لها تجارب ثرية في إدارة الأنهار المشتركة. ونشير إلى أن الجانب الروسي تقدم لنا في زيارتنا الأخيرة لموسكو بشرح وافٍ عن خبراته وتجاربه للاستفادة في هذا المجال وأبدى رغبته في طرح هذه التجارب للاستفادة منها في حل النزاع الناشب بسبب تعنت الجانب الإثيوبي. ونحن نعلم أن لروسيا علاقة متينة مع الجارة إثيوبيا، ونرحب من جانبنا بأي دور تقوم به روسيا في حل هذا النزاع.

يذكر أن روسيا اقتنعت تماماً بموضوعية وحقانية الجانب السوداني من خلال الشرح والعرض الذي تم تقديمه للمسؤولين في زيارة موسكو الأخيرة.

“الوطن”: وما الضرر الذي ستواجهه السودان ومصر جراء مواصلة إثيوبيا التمسك برأيها؟

أود أن أشير إلى أن السودان أقر بحق إثيوبيا في الاستفادة من مواردها المائية منذ بداية التفاوض بشأن سد النهضة في منتصف عام 2011. وأوضح السودان أن هناك فوائد ستجنيها البلاد من قيام سد النهضة، إلا أنه شدد على أن هذه الفوائد ستتحول إلى مهددات في ظل عدم الوصول إلى اتفاق ملزم قانوناً ينظم عملية ملء وتشغيل هذا السد الضخم.

وفي هذا الصدد، فإن أبرز المهددات تتمثل في موضوع سلامة السدود السودانية، ولا سيما سد الروصيرص، إضافة إلى أن معاش 20 مليون نسمة يعيشون على طول ضفاف النيل الأزرق ونهر النيل ويعملون بالزراعة الفيضية ستكون عرضة للتغيير، أضف إلى ذلك أن عدم وجود بيانات ومعلومات تفصيلية عن التدفقات اليومية وانسياب المياه القادمة من سد النهضة يمثل تهديداً وشيكاً لمحطات توليد الكهرباء في السدود السودانية وعلى نظم الري والتخطيط للزراعة فضلاً على الأضرار البيئية والاقتصادية والملاحة النهرية.

“الوطن”: ما آخر المستجدات بشأن رفع العقوبات المفروضة على السودان من قبل مجلس الأمن؟

لقد نجح السودان في إقناع العالم بالتوجه نحو الديمقراطية والسلام والعدالة، لذلك كانت هناك استجابة لرفع العقوبات، ومع ذلك لا يزال السودان تحت طائلة عقوبات فرضها مجلس الأمن عملاً بالقرار 1591/2005 بسبب الصراع في دارفور في تلك الفترة.

منذ ذلك الحين مرت مياه كثيرة تحت الجسر وتغير واقع الحال تماماً في دارفور، حيث تمكنت الحكومة من إسكات أصوات البنادق عبر توقيع اتفاقية جوبا للسلام ووضع الخطة الوطنية لحماية المدنيين ويجري حالياً تشكيل القوة الوطنية لحماية المواطنين بدارفور.

والحال كذلك، فإن هذه التدابير المفروضة بموجب الفصل السابع من الميثاق لم تعد ملائمة للسودان. والمأمول من الدول الصديقة أن تدعم مساعي السودان الرامية إلى رفع هذه العقوبات.

“الوطن”: أعفى نادي باريس السودان من ديون تبلغ 14.5 مليار دولار، على أن تتم جدولة المتبقي البالغ أكثر من 9 مليارات.. كيف ستتم جدولة سداد هذا المبلغ؟

صحيح نادي باريس أعفى مبلغ 14.1 مليار دولار من الديون السيادية على السودان وأعاد جدولة 9 مليارات دولار تمثل المتبقي من إجمالي المبلغ الذي يدين به السودان لحوالي 16 دولة تنضوي تحت نادي باريس والبالغ أكثر من 23 مليار.

مبلغ التسعة مليارات دولار تمت إعادة جدولته إلى ما بعد وصول السودان إلى نقطة الإكمال في مبادرة “الهيبيك” وهي “مبادرة “إعفاء الديون للدول الأكثر فقراً والمثقلة بالديون”، والتي يتوقع أن يصلها السودان في يونيو عام 2024.

وبالتالي، فإن هذا المبلغ تمت إعادة جدولته ليتم سداده بعد نهاية ديسمبر عام 2024، ولكن يجب أن نضع في الاعتبار، أنه ليتم سداده بعد نهاية ديسمبر 2024، مع الوضع في عين الاعتبار أنه طالما ظل السودان مستمراً في تطبيق برنامجه الاقتصادي والإصلاحي بالتنسيق مع صندوق النقد الدولي، فإن دول باريس نفسها ستقوم بإعفاء مزيد من ديونها على السودان حينما يصل السودان نقطة الإكمال في 2024، وذلك بالتأكيد سيشمل جزاء مقدراً من مبلغ الـ9 مليارات دولار المتبقي.

وبحسب توقعات الخبراء، فإن أعضاء نادي باريس حينئذ سيقومون بإعفاء ما مجمله 21.3 مليار دولار وهي تمثل 90% من مجمل دين أعضاء نادي باريس أنفسهم، حيث عبروا خلال اجتماعهم يوم 15 يوليو الماضي عن رغبة قوية في النظر في إعفاء ما تبقى من دين بعد ذلك بشكل ثنائي مع السودان، أي أن الـ10% المتبقية من مجمل الدين -وهي أكثر قليلاً من ملياري دولار- سيتم أيضاً النظر في إعفائها وفق ترتيبات ثنائية مع السودان لتصل نسبة إعفاء دين نادي باريس في نهاية المطاف إلى 100%.

إذن، باختصار نحن ننظر إلى ما أعلنه نادي باريس يوم 15 يوليو من إعفاء14.1 مليار دولار على أنه بداية مسيرة إعفاء ديون السودان بشكل شبه كامل في الفترة القادمة. وينبغي أن أشير إلى أنه حتى الدول غير الأعضاء في نادي باريس عبرت هي الأخرى عن الرغبة في اتخاذ خطوات مماثلة لما اتخذته الدول أعضاء نادي باريس تجاه إعفاء ديونها على السودان.

ولا تفوتني هنا الإشارة إلى أن دولاً شقيقة مثل دولة الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، شاركت كمراقبين في اجتماع نادي باريس يوم 15 يوليو الماضي.

وما نتج عن نادي باريس خطوة مهمة ضمن سلسلة مناصرة “سودان الثورة” ودعم برنامج الحكومة الانتقالية والإستراتيجية التي يتبناها دولة رئيس مجلس الوزراء.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية