الاعمدةربع مقال

ألحقوا شبابنا .. !!

د. خالد حسن لقمان

أشعر بأسف شديد لهذا الجيل الذي لم يجد أمامه ما يشاهده علي شاشات القنوات الفضائية الآن سوى أعمال درامية شوهت مسيرة الدراما العربية التي اجتهد روادها في انتاج أعمال هادفة خلدت بالاذهان لسنوات طويلة خاصة خلال العقود الممتدة من السبعينات والثمانينات والي نهابة التسعينات .. ويبدو أن البحث عن الجديد ومحاولة التشبث بما يراه الجيل الجديد من المنتجين والمخرجين و حتي الفنانين الممثلين ( مودرن ) في الشكل والموضوع قد أوقع هؤلاء في أخطاء كبيرة كانت نتيجتها خلط مريع في أساسيات الانتاج الدرامي و أسسه وهو ما جعل الشكل المعتمد و الموضوع المتناول يخرج عن البيئة المجتمعية التي ينتجون فيها و يعرضون لها نتيجة حقنه بما حاولوا اقتباسه ومحاكاته من البيئات الأخري التي نظروا لها بإعتبارها النموذج الذي يجب العمل به بل والتفصيل عليه وعندما نفذت هذه الأعمال خرجت بما خرجت به من اخفاقات كبيرة في المعالجات الاخراجية التي خرجت مشوهة و مرتبكة علي نحو واضح وصل حتي المشاهد العادي الذي أصابه الملل من تكرار هذه التشوهات التي بدت واضحة في بناء المشاهد ور بطها علي نحو عبثي غير مبالي بقواعد التصوير و أبعاده و لقطاته و حركات الانتقال الرأسية والأفقية حتي الاضاءة تم امتهان قواعدها علي نحو أفشل دلالاتها و افرغ اغراضها فيما بدت المؤثرات الصوتية و التترات المغناة ضعيفة و غير مؤثرة و بعيدة في جلها عن مناخ العمل نفسه .. أما الموضوع الدرامي فحدث ولاحرج اذ بدأ المنتجون في تجاهل الاعمال الحقيقية و انغمسوا في التعامل مع موضوعات العنف و الايحاءات الجنسية الرخيصة بما أفقد الاعمال المنتجة قيمتها فلم يجد مخرجوها تعويضاً عن ذلك سوي المزيد من العنف والجنس .. والغريب ومع هذا كله ان تقوم المؤسسات الحكومية المسئولة في جل الدول العربية وكذلك القنوات الخاصة في زيادة الطين بلة من خلال استجلاب الدراما المترجمة من الخارج والتي عظمت فشل الداخل عبر تعزيز قيم العري و اللاأخلاق في نفوس الشباب المتابع لاعمال مخجلة لاية اسرية عربية – مسلمة تريد ان تشاهد مع أبنائها وبناتها ما يعرض أمامهم فلا يجدون غير هذا الفسوق و هذا المجون وهو أمر للأسف الشديد و بمرور الوقت و التكرار جعل من المشاهد الجنسية الساخنة مشاهداً مقبولة قتلت الحياء داخل الاسرة العربية – المسلمة و اضعفت الاخلاق الحميدة فيها و قللت بل ازابت روح الغيرة و النخوة و الرجولة لدي الرجال
الذين آثروا السكوت والرضوخ لرغبات زوجاتهم و بناتهم وأبنائهم الذين اصبحت لهم خيارات اخري للمشاهدة غير تلفزيون الاسرة المتوسط لبهو المنزل العائلي اذ اصبحت الموبايلات و وسائل العرض الأخري أدوات لتمرد الابناء و سطوتهم علي اولياء أمورهم بحجة التطور والتقانة و الجيل الجديد المتعلم و المتفوق بما بين يديه من أجهزة تعرضه الآن للاستلاب الثقافي والفكري بأكثر من اي وقت مضي .. و ان كان البعض يظن بأن نظرية التدفق الاعلامي من دول الشمال الغنية الي دول العالم الثالث الفقيرة قد سقطت بوجود شاب في قرية نائية في الشرق الاوسط متفاعل مع شابة في لندن او باريس او واشنطن يحدثها وتحدثه و يراها و تراه .. فهذا بلا شك هراء و جهل فقوة ما يأتي من الشمال الغني القوي بقيمه الساقطة و كذبه وتزييفه الصريح لا زال بذات القوة بل تضاعفت قوته عبر هذه السعات المهولة في نقل المادة و عرضها بينما ظل الجنوب الفقير المتخلف كما هو وفي هذا ظلت حضارة العرب والمسلمين و تاريخهم و علمهم و معتقدهم بكل قوته الروحية و العقدية و بكل قيمه الاجتماعية جامداً في قوالبه القديمة الموروثة دونما أي تجديدات جاذبة له في الشكل
و مبينة له في الموضوع .. وهذا هو فشلنا كما هو دون تجميل وهذا هو انتصارهم بكل القه و بهائه ..

.. وبين هذا الفشل و هذا الانتصار يتعرض الآن شبابنا لأكبر عملية استلاب فكري ( ثقافي وابداعي ) بل و عقدي بجنوح بعض من هؤلاء مؤيداً الآن ومن غير وعي لمجتمع اللادين و لأ أخلاق .. مجتمع العلمانية الضالة المضلة التي ما طالبت بها حتي مجتمعات العالم المسيحي واليهودي اولئك الضالين و المغضوب عليهم ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية