الاعمدةربع مقال

ظلمات الفجر .. !!

د. خالد حسن لقمان

الحالة التي وصل اليها الشعب السوداني هذه الايام لا أعتقد بأنه قد وصل لها طوال السنوات والعقود الماضية بكل ما فيها من أزمات اقتصادية توالت عليه .. ما يحدث الآن شئ مختلف تماماً .. الأمر تجاوز ندرة الخبز و انقطاع الكهرباء و صفوف الوقود وارتفاع الأسعار وندرة الدواء وانعدامه بالرغم من قسوة كل هذا و آلامه البالغة التي وصلت اخمص آخر مولود سجل اللحظة ضمن سجلات مواليد هذا الشعب المغلوب علي أمره الي قمة رأس أكبر شيخ وقور يعيش بيننا .. الأمر الآن وصل بالشعب السوداني الي حالة فقدان الوزن في وجوده وحياته وقيمته و مرتكزاته القيمية و الثقافية و بالتالي الوجودية .. وهذا لعمري أسوأ من قضية الخبز و المأكل و المشرب و حتي الصحة و العافية .. فعندما يفقد الانسان قيمته و يملأه الفراغ من داخله يشعر بأن مسببات وجوده قد انتفت وضاعت بالتالي حياته .. يحدث هذا عندما يأتي الزمان بلحظات نادرة وعابرة و غير مستقرة يحاول فيها البعض وفي غفلة من روح هذا الشعب و يقظته وانتباهته اقتلاع عقيدته و هزيمة حضارته و تغييب ثقافته و حركة فكره وابداعه .. وقد تمضي هذه اللحظات النادرة وتتمدد بقدر ما من الزمان حتي اذا أيقن هؤلاء المدمرون أنهم قد أفلحوا في سعيهم وفازوا بنواياهم وتنفيذ مخططهم التدميري في الشعب وروحه .. جاءت يقظته و انتفاضته .. انها لحظات الانكسار و الضعف والهوان الذي يقدره الله بقدر ما يقدره لمن ظلم نفسه و خان غيره وفرط في دينه وخلقه وحتي اذا بلغ السيل الزبي و انسد الأفق بظلمات من فوقها ظلمات انبثق فجر جديد ولكنه فجر سيستقبله حينها الصادقون الذين ما خانوا أهل و ما غدروا بوطن ..

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية