شهادتي لله

الاتهامات لا تحسم التمرد

{ في ملفات تاريخ المخابرات الدولية وحاضرها، نفذت الكثير من دول العالم عمليات استخباراتية داخل بلدان (صديقة) بل (حليفة) لها. وقد تفلح الدولة – مسرح العملية – في كشف المخطط السري الذي تسعى لتدبيره الدولة الصديقة، سواء أكان بهدف التجسس أو تجنيد (عميل) يشغل منصباً مهماً وحساساً، أو ربما يكون هدف العملية دولة ثالثة.
{ إسرائيل عبر جهاز (الموساد) نفذت عمليات سرية كثيرة على أراضي حليفتها الكبرى “الولايات المتحدة الأمريكية”، وبالمقابل كان لـ (سي. آي. أيه) أنشطة تجسسية داخل الدولة العبرية. السودان – شأنه شأن الدول – في تأريخ أجهزته الأمنية والعسكرية عمليات عديدة خارج حدوده وبعيداً عن أراضيه.
{ في الغالب، تصمت الدولة التي تكون مسرحاً لتلك العمليات، وتكتم مشاعرها، حفاظاً على ما هو أهم.. علاقات ومصالح إستراتيجية سياسية واقتصادية مع دولة صديقة. لكنها في ذات الوقت تبعث برسائل سرية ذكية إلى تلك الدولة مفادها:   (ما قمتم به على أراضينا مرصود وبطرفنا الأدلة، إليكم بعض منها، أرجو ألا يتكرر ذلك)!!
{ لا شك أن جنوب السودان متورط في الكثير من الأعمال العدائية ضد السودان بدعمه ورعايته وإسناده اللوجستي والعسكري لقوات الحركة الشعبية – قطاع الشمال في جبال النوبة، بالإضافة إلى حركات دارفور في ما يسمى (الجبهة الثورية)، ويستمر هذا الدعم بسبب تعاطف بعض قادة وجنرالات (الجيش الشعبي) الجنوبي مع زملائهم رفقاء السلاح السابقين أمثال “الحلو” و”عقار” وبقية منسوبي قطاع الشمال.
{ قلت وكتبت كثيراً أن هذه العلاقة (العميقة) لا يمكنها أن تنتهي بين يوم وليلة، ولن تفلح أية اتفاقية في نسفها وقطع وشائجها ضربة واحدة. مثل هذه العلائق (الظلامية) تحتاج إلى زمن ومتغيرات في المصالح والإستراتيجيات لتصبح شيئاً من الذاكرة.
{ اتفاق التعاون المشترك مع دولة الجنوب يوفر أرضية (المصالح) المطلوبة لتجاوز مرحلة (رفقاء السلاح) الظلامية. أما الزمن فإنه كفيل بمحو ما تعلق بالذاكرة من أحاجي وخرافات (السودان الجديد) الذي فصلوه بفعل برنامجهم العنصري البغيض إلى دولتين.
{ اتهام دولة الجنوب بالتورط في دعم المتمردين من (جبال النوبة) إلى      (دارفور) ليس جديداً، فهم يعلمون أننا نعلم!!
{ المهم هو أن تعلم قيادة دولتنا أن ما ظللنا نكتبه في هذه المساحة طوال الأشهر الماضية هو ماحدث!! كنتم تقولون: (الترتيبات الأمنية أولاً)، وكنا نقول: (الاقتصاد والبترول أولاً). ثم وقعتم (المصفوفة) وعدتم تؤكدون أن (الموضوع انتهى.. حسمت الترتيبات.. وتم إخلاء المنطقة العازلة وتم إغلاق الحدود على متمردي الجبهة الثورية).
{ الآن.. الجنوب متورط في دعم متمردي القطاع والجبهة وغزو “أم روابة” و “أبو كرشولا”!!
{ الأفضل أن نكتم مشاعرنا، حفاظاً على مصالحنا.
{ الأفضل أن نحسم التمرد على أراضينا بضربات قاضيات لا مجال بعدها للاتهامات، ثم لا شأن لنا بالأموال التي يهدرها (الجنوب) على قوات “عقار” و “الحلو” و”مناوي”، خصماً على ميزانية غذاء وكساء ودواء الجنوبيين الغلابى.

مشاركة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة المجهر السياسي السودانية